حكم الزوجة التي تطلب الطلاق بدون سبب
حكم الزوجة التي تطلب الطلاق بدون سبب ذكره مجموعة من العلماء والفقهاء نظرًا لميل بعض النساء المتزوجات إلى رفع قضايا الخلع والطلاق ضد أزواجهن في الآونة الأخيرة مع عدم وقوع الضرر أو الأذى لهن، فمن خلال موقع الملك سنشير بالتفصيل إلى حكم الزوجة التي تطلب الطلاق بدون سبب.
حكم الزوجة التي تطلب الطلاق بدون سبب
أعلنت دار الإفتاء المصرية من خلال الصفحة الرسمية الخاصة بها على موقع التواصل الاجتماعي الشهير فيس بوك وإجابةً عن سؤال بعض المتابعين عن حكم الزوجة التي تطلب الطلاق بدون سبب.
حيث إنها أشارت إلى عدم جواز طلب المرأة من زوجها الفراق والطلاق دون وجود سبب حقيقي من الأسباب التي نص عليها الشرع لا سيما وقوع الضرر أو تيقنها بحدوث ذلك.
كما تم الاستدلال على الأمر من الحديث الذي رواه ثوبان وهو مولى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- عنه قائلًا “ أيُّمَا امرأةٍ سألت زوجَها طلاقًا في غيرِ ما بأسٍ فحرامٌ عليها رائحةُ الجنةِ”.
فلا ينبغي أن تطلب الزوجة الطلاق إلا في حالة خوفها من ألا تقيم حدود الله أو عند تضررها من عصمة الزوج، فإن ابن قدامه – رحمه الله- قال “ وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها لخلقه أو خلقه، أو دينه، أو كبره، أو ضعفه أو نحو ذلك وخشيت ألا تؤدي حق الله في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها، لقوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [البقرة، 299]”.
اقرأ أيضًا: بحث جاهز كامل عن الطلاق
حالات يجوز للزوجة طلب الطلاق فيها
بعد أن تعرفنا إلى حكم الزوجة التي تطلب الطلاق بدون سبب، فإننا سنشير في السطور التالية إلى الحالات التي أعطي فيها الإسلام للزوجة الحق في طلب الطلاق والتفريق:
1- وجود عيب في الزوج
إن العلاقة الحميمة بين الزوجين هي التي تجمع المودة والانسجام بينهما، ففي حالة إن رأت الزوجة في زوجها عيبًا أدى إلى نفورها منه وتعذر عليها إكمال حياتها الزوجية معه فهنا يجوز لها طلب الطلاق.
ذلك لأن وجود عيب في النكاح أدى إلى عدم تحقيق الأهداف الأساسية للزواج، فلقد فصل العلماء والفقهاء هذا العيب كالآتي:
- الجب: ويُقصد به فقدان الزوج لبعض أجزاء عضوه الذكري أو كله.
- العُنة: وهي ضعف الزوج في وطء زوجته بسبب إصابته بمرض ما أو صغر حجم عضوه الذكري أو نتيجة لكبره في السن.
- الخصاء: وهو الأمر الذي يحدث عن نزع الخصيتين وترك العضو الذكري فقط.
- الاعتراض: وهنا يكون العضو الذكري لدى الزوج سليم ولكنه لن يتمكن من وطء زوجته بشكل صحيح.
- الجنون: فعند ذهاب عقل الزوج وعدم قدرته على التمييز بين الأشياء يمكن للزوجة طلب الطلاق.
- الجذام: وهذا التعريف يطلق على من قُطعت يداه أو أطراف أصابعه.
- البرص: وهو نوع من الأمراض الجلدية التي تصيب سائر الجسد وتظهر على هيئة قشور بيضاء.
- العذيطة: وهو خروج الزوج عند جماع زوجته.
2- عدم الإنفاق
إن النفقة من واجبات الزوج على زوجته ففي حالة تقصيره فيها أو امتناعه عن تأديتها دون وجود سبب قد يجوز لها أن تطلب الطلاق، ولكن الفقهاء اختلفوا في الأمر كما سنوضح لكم فيما يلي:
- الحنفية: قالوا بأنه لا يجوز لها طلب الطلاق إن كان الزوج متعسرًا مستدلين على ذلك بقوله تعالى:
(وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ) [البقرة، 280].
حيث إنهم أشاروا إلى ضرورة انتظار الزوجة حتى تتيسر أمور زوجها، فالنفقة دين عليه، كما أنه استدلوا أيضًا بقوله تعالى:
(لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) [الطلاق،7].
- المالكية والشافعية والحنابلة: قالوا بأنه يجوز أن تطلب المرأة الطلاق في حالة عدم قدرة الزوج على الإنفاق عليه، واستدلوا على ذلك بقوله – سبحانه وتعالى- (…وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا ۚ…) [البقرة، 231].
كما استدلوا بقول الرسول – صلى الله عليه وسلم- “أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ ما تَرَكَ غِنًى، واليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وابْدَأْ بمَن تَعُولُ. تَقُولُ المَرْأَةُ: إمَّا أنْ تُطْعِمَنِي، وإمَّا أنْ تُطَلِّقَنِي”.
3- حدوث الغيبة
استكمالًا لموضوعنا الذي يوضح لكم حكم الزوجة التي تطلب الطلاق بدون سبب، فإن المذاهب الأربعة اختلفوا في تعريف الغيبة، فالحنيفة أشاروا إلى أنها كلمة تطلق عند وجود الزوج في مكان بعيد نسبيًا عن مجلس الحكم، والمالكية قالوا معناها غياب الزوج عن زوجته وعلمها بمكانه.
أما الشافعية قالوا وصول أخبار الزوج إلى أهله وعلمه بأنه حي وعلم الزوجة بمكانه، وكذلك قالوا الحنابلة، لهذا جاءت عدة آراء في حكم الطلاق عند الغيبة، فسنشير إليها بوضوح في النقاط التالية:
- الحنفية والشافعية: لا يجوز أن تطلب المرأة الطلاق بسبب الغيبة في حالة إن ترك لها من النفقة ما يكفيها.
- الحنابلة: لها حق طلب الطلاق إن لم يقدم الزوج عذرًا لذلك.
- المالكية: إن غاب الزوج بعذر أو دون عذر فيمكن للزوجة طلب الطلاق.
شروط طلب الطلاق عند الغيبة
عند توضيح الحنابلة والمالكية جواز طلب الطلاق عند الغيبة وضعوا عدة شروط، ففي سياق ذكر حكم الزوجة التي تطلب الطلاق بدون سبب، سنشير في النقاط التالية إلى شروط طلب التفريق عند غياب الزوج عن زوجته:
- بلوغ مدة الغيبة 6 أشهر وذلك وفقًا للحنابلة، أما المالكية يروا بأن المدة هي سنة أو أكثر.
- خوف الزوج من الوقوع في الضرر أو الزنا.
- غياب الزوج بلا عذر، فإن الحنابلة أشاروا أنه في حالة سفره للحج أو العلم فلا يجوز للمرأة حينها طلب الطلاق.
- كتابة القاضي طلب لعودة الزوج أو إرسال الزوجة ذلك له مع منحه مهلة فإن رفض العودة وانتهت المهلة فهنا يجوز للقاضي تطليق الزوجة منه.
اقرأ أيضًا: كم نصيب الزوجة من ميراث زوجها
4- الفقد أو الحبس
إلى جانب ذكر الفقهاء لحكم الزوجة التي تطلب الطلاق بدون سبب فإنهم ذكروا الحكم في حالة الفقد أو الحبس، حيث إنهم أشاروا إلى أنه في حالة غياب الزوج لمدة طويلة مع عدم علم مكانه وعدم معرفة ما إذا كان حيًا أم ميتًا فيمكن للزوجة أن تفترق عنه.
أما في حالة إن كان غائبًا بسبب حبسه في السجن فإنه لا يجوز طلب الزوجة الطلاق مهما إن كانت المدة، ولكن المالكية أشاروا إلى إمكانية طلبها التفريق إن وجدت ضررًا في غيابه وذلك بعد مرور سنة من الحبس.
5- وقوع الضرر
إن الضرر تم تحريمه شرعًا سواء كان في المال أو العرض أو النفس، ولكن العلماء اختلفوا فيما إذا كان يعد سببًا كافيًا لطلب الزوجة الطلاق أم لا كما سنبين في الآتي:
- الحنيفة والشافعية: قالوا إنه في حالة وقوع الضرر يجب على الزوجة الذهاب إلى القضاء من أجل نهي القاضي الزوج عن القيام بذلك فإن لم يلتزم بما نهاه يتم عقابه حسب ما يفعل، ولا الأمر لا يصل إلى التطليق.
- المالكية والحنابلة: قالوا إما أن تبقى الزوجة مع زوجها مع رفع قضية لضمان عدم وقوع الظلم عليها، أو أن تطلب الطلاق.
من الجدير بالذكر أن الضرر الذي يجوز فيه التفريق هو سب الزوج للزوجة أو لأهلها، والضرب دون وجود سبب، أو هجر الكلام لمدة 3 أيام أو إجبارها على فعل الأمور المُحرمة.
اقرأ أيضًا: حق الزوجة على الزوج في الإسلام
6- الشقاق والنزاع
عند وقوع التنازع أو الخلاف بين الزوجين إلى الحد الذي يؤدي إلى تشكل الكره والعداة بينهما فهنا وكما نص مجموعة من جمهور الفقهاء يجوز وقوع الطلاق لحل النزاع وكذلك رفع الظلم.
لكن يجب أولًا أن يتم إجراء جلسات ودية بين الزوجين للإصلاح بينهما كما قال تعالى:
(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) [النساء،35].
لا يجوز أن تطلب الزوجة من زوجها الطلاق في حالة عدم وجود سبب شرعي لذلك كوقوع الضرر أو الشقاق، أو الغيبة لمدة طويلة أو لوجود عيب في عملية النكاح بينهما.