انتقال الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء
انتقال الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء هو ما يطلق عليه علم الوراثة وهو من علوم الأحياء، فما مفهوم علم الوراثة؟ وهل هناك أنواع معينة للصفات التي تنتقل بين الآباء والأبناء؟ وكيف يمكن ملاحظة هذه الصفات المنقولة؟ فنشير إلى كافة تلك الأمور من خلال موقع الملك في الفقرات التالية.
انتقال الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء
بينما ينتظر الآباء نمو أطفال تتبادر إلى أذهانهم الكثير من الأسئلة حول صفاتهم من هيئة وشكل وغيرها من صفات تميزهم عن غيرهم، وأثبتت الدراسات أن كروموسوم الإنسان الواحد مكون من عدد يتراوح بين 60000 إلى 100000 من الجينات ويحصل على عدد متساوي من الكرموسومات من والديه وهو 23 كروموسوم من الأب و23 أخرى من الأم.
بالرغم من أن علم الوراثة يعتبر من أكثر العلوم المعقدة ولكنه علم واسع المجالات وتعتمد عليه الكثير من العلوم الأخرى مثل الطب والعلوم الزراعية والبيطرية، بل يصل الأمر إلى كيفية التربية، والسمات البشرية الناتجة عن البحث في هذا العلم متعددة مثل: الطول والوزن وبالأخص الشخصية.
أما عن انتقال الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء فيعتمد على الصفات الأقوى بين صفات الوالدين، ومن الممكن أن تسبب هذه الانتقالات الوراثية بعض الاضطرابات أيضًا، ومن أشهر العلماء الذين أثبتوا فاعلية انتقال الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء هو العالم جوريجور مندل، وبأي حال نشير إلى تفصيل الأمر في الفقرات التالية:
أولًا: انتقال السمات الوراثية من الأم إلى الأبناء
بالرغم من عدم قدرة الأمهات بإظهار العديد من الصفات المتنحية، إلا أنهم يستطيعون بسهولة نقل بعض هذه الصفات إلى أطفالهم، حيث إن الذكور يحملون كروموسوم X وكروموسوم Y، وبهذا تكون الصفات المتعلقة بالكروموسوم X هي صفة موروثة من الأم، وقد أثبتت بعض الدراسات أن العمى والصلع غالبًا ما يتم تناقلهم من خلال الأم.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع السكر التراكمي
ثانيًا: انتقال السمات الوراثية من الأب إلى الأبناء
بالنسبة إلى السمات الوراثية من جهة الأب، فإن الذكر يحصل على صفاته الذكورية من الأب حيث يحمل الرجال الكروموسوم Y وهو لا يتواجد عند النساء، كما يتم نقل الجين الذي يساهم في استخدام الطفل ليده اليسرى أو اليمنى من خلال الأب.
ثالثًا: السمات الوراثية السائدة أو المهيمنة
في حديثنا عن انتقال الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء نذكر أن السمات السائدة يمكن أن تنتقل من الأم والأب على حد سواء، وهي الصفات القوية التي تظهر على الشخص حتى مع وجود صفة مشابهة لها أو تعاكسها، وتشمل السمات السائدة بعض ما يلي:
- العينين البنيتين.
- الشعر المجعد.
- الأذن غير الموصلة.
- الدمامل.
رابعًا: الصفات الوراثية المتنحية
الصفات المتنحية أيضًا تنتقل إلى الأبناء من كلا الوالدين، وهي الصفات التي لا تظهر إلا إذا اجتمعت مع صفة تشبهها، وتتمثل بعض هذه الصفات فيما يلي:
- الصمم.
- النمش.
- العيون الزرقاء أو الخضراء، لكن يعتبر اللون الأزرق هو السائد بينهم.
الأمراض التي تنتقل إلى الأبناء من الآباء
يؤثر انتقال الصفات الوراثية من الأباء إلى الأبناء بشكل كبير في حياة الشخص، فعلاوةً على الصفات السائدة والمتنحية يمكن أن يتم توارث الأمراض على مر الأجيال، ومن أكثر الأمراض التي يمكن توارثها بين الأجيال ما يلي:
التليف الكيسي
وهو أكثر الأمراض الوراثية المنتشرة حاليًا، ويؤثر هذا المرض على صحة البنكرياس والقدرة على التنفس، كما يؤثر بشكل سلبي على الإنزيمات الهضمية.
مرض تاي ساكس
هو مرض يسبب الوفاة المبكرة ويسمى أيضًا بالتدمير التدريجي للجهاز العصبي والدماغ، ولم يتم اكتشاف أي علاج لهذا المرض.
سرطان الثدي والقولون
ترتفع فرصة الإصابة بسرطان الثدي أو المبيض عندما يكون هناك تاريخ وراثي في العائلة للمرض.
فقر الدم المنجلي
إذا تواجد جين واحد منتقل من أحد الوالدين لا يسبب المرض، ولكن الحصول على الجين من كلا الوالدين يضاعف من فرصة الإصابة.
اقرأ أيضًا: أعراض مرض السكر للرجال
إدمان الكحول
إذا كان إدمان الكحول يتم تصنيفه كمرض فهو من الصفات التي تنتقل إلى الأبناء عن طريق الجينات الوراثية.
أمراض القلب
أغلب أمراض القلب المتواجدة حاليًا يتم انتقالها من الآباء إلى الأبناء.
الهموفيليا
هو عبارة عن اضطرابات نزيفية ناتجة عن غياب عوامل التخثر، وينتقل من الآباء إلى الأبناء.
السِمنة
من الأمراض التي صُنفت كأول الأمراض الموروثة في الولايات المتحدة، لذا فإن أطفال الوالدين المصابين بالسمنة معرضين لارتفاع الوزن أكثر من غيرهم.
الصفات الوراثية أو الجينات
تم اكتشاف الكروموسومات في القرن التاسع عشر عن طريق استعمال الاختبارات المجهرية التي أوضحت كيفية انتقال الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء أو كيفية انتقال الحمض النووى من الوالدين إلى الجنين، وتتكون الكروموسومات من سلاسل وهياكل حمضيًا رئيسيًا يُكون الخلايا في جسم الجنين.
كما ذكرنا سابقًا فإن الصفات الوراثية هي الناتج عن انتقال السمات الخاصة بالوالدين إلى الجنين، ومن الممكن أن تتمثل هذه الصفات في: صفات مؤثرة على طبيعة الجسد أو صفات متأثرة بالجنس بشكل ما، وفيما يلي توضيحًا للأمر بشكل أكثر تفصيلًا:
1- الصفات الجسدية
تظهر هذه الصفات على جسد الشخص مثل لون العين أو الطول ولون الشعر، فمثلًا يتم تحديد لون العين بناءً على كمية الميلانين أو الصباغ البنية في القزحية، فكمية الميلانين التي يرثها الطفل ومكان ظهورها في العين يؤثر بشكل كبير على اللون الناتج للعين، فمن الممكن أن يكون لأبوين بعيون زرقاء طفل بعيون بنية.
2- الصفات المتعلقة بالجنس
أثبتت الدراسات أن الفرد الواحد يحمل حوالي 22 جسمية وزوجًا من الكروموسومات الجنسية، وتعتمد السمات الوراثية على الكروموسوم الجنسي X، ويمكن أن تتمثل الخصائص المتعلقة بالجنس في بعض الأمراض مثل: فقر الدم، الهيموفيليا، عمى الألوان.
تأثير الجينات الوراثية في ملامح الوجه والجسم
ارتباطًا بحديثنا عن انتقال الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء نشير إلى أن بعض الدراسات تشير إلى أن الكثير من الخصائص المتواجدة في الوجه مثل الحاجب الفعيل أو الدمامل، بالإضافة إلى هيئة اليد والأصابع وحتى الأظافر وبعض الصفات المتنحية غالبًا ما تظهر وتنتقل عبر الأجيال.
كما أثبتت أن الأسنان المعوة من الممكن أن تكون من الأمور الوراثية من الآباء للأبناء، وغالبًا ما يتم تمرير الصفات الوراثية القوية للجنين، فإذا أردتِ أن تعلمي ما سيميز شكل طفلكِ فعن طريق البحث في الصور والذكريات القديمة للعائلة يمكنكِ تحديد الصفات الوراثية القوية وتوقع ما سيظهر عليه طفلكِ.
اقرأ أيضًا: أعراض موت مريض السرطان
كيف تؤثر الجينات الوراثية في الطول والوزن؟
يمكن حساب الطول التقريبي للطفل بناءً على متوسط طول الوالدين، ثم إضافة بوصتين إذا كان المولود ذكر أو طرح بوصتين إذا كانت فتاة، لكن هذا الأمر غير ثابت فهو أمر غيبي، وصحة نتائجه لا تصل إلى 100% فمن الممكن أن يكون الصبي أو الفتاة أطول أو أقصر من الطول المحسوب، بل هناك عوامل أهم هي المؤثرة على الطول والوزن للطفل مثل التغذية والاهتمام بالصحة.
كيف تؤثر الانتقالات الوراثية في لون الشعر؟
كما يتضح من الدراسات فإن الشعر الداكن من الصفات السائدة عن الشعر الفاتح، ولكن من الممكن أن يكون لون الشعر خلط من لونين شعر الآباء، كل ما يهم في الأمر هو الصبغات والألوان المتواجدة، ومن الممكن أن يكون لدى الوالدين لون شعر مختلف تمامًا ولكن في نطاق اللون ذاته.
أما عن لون الشعر الأحمر فقد كان في الماضي واحد من الصفات الوراثية المتنحية، ولكن أصبح الآن من الصفات السائدة خاصةً الشعر الأشقر.
كيف تؤثر الانتقالات الوراثية في الشخصية؟
أثبت الخبراء أن الكثير من السمات الشخصية تنتقل من الآباء إلى الأبناء بلا شك، ولكن تأثير البيئة المحيطة يلعب دورًا في هذه الأمور، أي من الطبيعي أن يرث الأولاد مثلًا كيفية تفاعل الآباء مع الضوضاء أو الصوت، كما قد يرث الطفل روح المغامرة وحب تجربة كل جديد من أحد والديه ولكن البيئة المحيطة به قد تؤثر في تثبيط روح المغامرة بداخله.
أيضًا بالنسبة للمواهب مثلًا الرسم أو الصوت الجميل وغيرها من سمات فنية من الممكن أن تنتقل إلى الأبناء، لكن إذا لم تساهم البيئة المحيطة بالطفل في تعزيز هذه السمات فالوارد أن يتم تثبيطها.
الصفات الوراثية والحمل بتوأم
لم يثبت تواجد ارتباط جيني عند حمل المرأة بتوأمين متطابقين حيث إن هذا الأمر ينتج عن انقسام بويضة واحدة، أما الحمل بتوأمين غير متطابقين هو من العوامل التي يتم توريثها فيه يتم تخصيب بويضتين مختلفتين، لكن لا يمكن تحديد إذا كان إنتاج المرأة لبويضين مزدوجتين في عملية الإباضة من الصفات المتنحية أو السائدة، وهذا بسبب أن أحد التوائم يمكن أن يموت وربما دون معرفة من الأم أنها حامل في توأم.
كيف يمكن ملاحظة الصفات الوراثية؟
يتضح مما سبق ذكره أننا جميعًا نتشارك في بعض الصفات والسمات الشخصية والجسدية مع أفراد عائلتنا على مر الأجيال، ولكن يكمن الاختلاف بيننا في بعض الصفات المكتسبة من البيئة المحيطة، فبعض الصفات المكونة لشخصية الفرد هي وراثية والبعض الآخر مكتسب، ومن أمثلة الصفات الجينية الوراثية نذكر:
النمش
غالبًا ما يظهر النمش عند أصحاب البشرة الفاتحة والشعر الأحمر، وهو عبار عن صبغات صغيرة من الميلانين تظهر على هيئة نقاط متقاربة على البشرة.
اقرأ أيضًا: أعراض السرطان المبكرة للرجال
الغمازات
يمكن ظهور الغمازات على أحد الخدين أو كلاهما، ومن الممكن أن تظهر الغمازات في الصغر وتختفي على مدار العمر.
بالرغم من كل الدراسات المتواجدة في علم الوراثة لا يوجد طريقة أكيدة في معرفة الصفات التي سيظهر بها الطفل القادم، وربما هذا هو الممتع في تربية الطفل واكتشاف صفاته وشكله في مراحل عمره المختلفة.