سبب نزول سورة الحاقة

ما سبب نزول سورة الحاقة؟ ولماذا سُميت بهذا الاسم؟ تُعد سورة الحاقة من السور المكية لنزولها على الرسول -عليه الصلاة والسلام- في مكة المُكرمة، وهي من إحدى السور التي تحمل العديد من الفوائد، ومن السور التي لها فضل كبير قد ذكره العديد من المفسرين في كُتب التفسيرات.

أقسم الله تعالى في مطلع السورة باليوم المُهيب وهي الحاقة، ومن خلال موقع الملك سوف نوضح سبب نزول سورة الحاقة والفضل العظيم من تلاوة السورة من خلال الفقرات الآتية.

سبب نزول سورة الحاقة

إن الله تعالى من رحمته وسعة قدره أرسل النبي -عليه الصلاة والسلام- لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ليدعوهم لدين الحق، كان النبي –عليه السلام- كريم، كان لطيف المُعاشرة، لم يُشهد له سوى الصدق والأمانة وكُل لفظ كريم.

على الرغم أن الرسول –عليه السلام- كان محبوب بين قومه، وغُرست محبتهُ في نفوس قومه حتى قبل البعث، إلا أن الجاهلية وأهل قريش كانوا يحملون الكره الشديد له ولدينُه، لم يُصدقوا رسالته التي بُعث بها، وظلوا ساخرين من كلامه، كانوا أعداء لأنفسهم وللإسلام والمُسلمين.

كان الوليد بن المٌغيرة أحد قادة قُريش، وأحد قادة فترة الجاهلية يصف الرسول –عليه السلام- بأنه ساحر، وكان عمُه أبو جهل وهو أيضًا أحد قادة قُريش يصف الرسول -عليه السلام- بأنه شاعر وكاهن، وكانوا دائمًا يسبونه ويؤذونه حتى يرجع الناس إلى عبادة الأصنام مرة أخرى.

فأنزل الله تعالى آيات من سورة الحاقة ردًا على ما يتعرض له الرسول، وردعًا لما سيرونه أهل قريش يوم تُبعث فيه الخلق، وتصديقًا لما يقوله الرسول فقال تعالى: فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ* وَمَا لَا تُبْصِرُونَ* إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ”، وهذا سبب نزول سورة الحاقة.

بعد ذلك وردت عدة تفسيرات العلماء حول سبب نزول سورة الحاقة، فذُكر عبد الله بن الزُبير في حديثُه، أنه سمع رسول الله يتحدث مع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وقال له: إنِّي أُمِرتُ أن أُدنيك ولا أُقصيك، وأن أُعلِّمَك وأن تعيَ، وحقٌّ لك أن تعيَ، قال: فنزلت هذه الآيةُ: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ“.

يبين الحديث أن رسول الله يُخبر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه جاء لتعليمُه، وبعثهُ الله هُنا لتعليمه وإخراج العباد من الظلام وإدخالهم لدين الله، وتنوير أبصارهم، فيجب عليه عدم قطع الصلة، وأن يتقرب إليه ولا يبتعد، ويعي إليه ويتفهم كلامه ومقاصدهُ، وقيل إن ذلك هو سبب نزول سورة الحاقة.

كما ورد في سبب نزول سورة الحاقة هو أن الله تعالى يوضح ما هو مصير الإنسان يوم القيامة، وما هي درجات أهل الجنة، وما أحوال أهل الجنة وأحوال أهل النار، فكان سبب نزولها هو إنذار للمسلمين وللإنسان بصفة عامة ليوم يرجعون فيه إلى الله.

اقرأ أيضًا: فضل سورة البقرة لتحقيق الأمنيات

لماذا سُميت سورة الحاقة بهذا الاسم؟

تتضمن سورة الحاقة أحوال يوم القيامة من سعادة وشقاء لبني آدم على حسب صحيفة أعماله، وتُبين أحوال الكُفار الذين لم يؤمنوا برسالة الرسول، وأحوال المؤمنين الذين آمنوا برسالة الله التي أنزلها على الأنبياء، فتصور المؤمنين وهُم في سعادة ونعيم في الجنة العُليا.

كما تُصور الكفار والشقاء الذي سيحل بهم ويرونه في ذلك اليوم المشهود، وسُميت بذلك لبداية مطلع السورة بالقسم العظيم وهو “الحاقة” وكما ذكر العلماء في كتب التفسيرات أن الحاقة هي إحدى أسماء يوم القيامة، فأقسم الله عز وجل بها مرتين في مطلع السورة لأهمية ذلك اليوم.

سُمي يوم القيامة بذلك الاسم، لأن في ذلك يتحقق وعد الله للذين آمنوا به وبرسالة نبيّه، وأن الله يعفو عنهم ويغفر لهم ويدخلهم جنات السماوات والأرض أُعدت للمتقين.

كما ذكر الله تعالي في السورة قوله: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ* إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ* فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ* فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ* قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ* كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ“.

كما يُحقق الله وعده للكافرين الذين لم يؤمنوا به ولا برسالات الأنبياء لهم بشدة العقاب والعذاب، كما ذُكر في آيات السورة قوله تعالى: وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ* وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ* يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ* مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ* هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ* خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ* ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ* إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ“.

في هذا اليوم تظهر حقائق الإنسان، ويرجع الإنسان إلى حقيقته، وتُفتح فيه الصحائف ويحصد جزاء أعماله، فمن عمل صالحًا فلنفسه، ومن أساء فعليها، يوم يتمنى كُل خلق الله الرجوع لحصد ولو حسنة لرفع مقامه عند الله، فيا مؤمن ألا تتقي وترجع إلى ربك.

أيضًا يُطلق على السورة اسم آخر وهو “سورة السلسلة” وذلك لورود اللفظ في آيات السورة في قوله تعالى: ثمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ“، وأوردت بعض كتب التفسيرات اسم آخر للسورة ويُطلق عليها “سورة الواعية” وذلك لورود اللفظ في الآيات الكريمة لقوله تعالى:لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ“.

يُعد الاسم الأشهر للسورة هو اسم الحاقة الذي بُدأ به في مطلع السورة مرتين، ولأنه اللفظ الذي أقسم به الله في كتابه العزيز.

ما هي أسماء يوم القيامة؟

بعد معرفة سبب نزول سورة الحاقة وأن المقصود بالحاقة هو يوم القيامة وأنه إحدى أسمائها، قد يشغل بالك بالتأكيد ما هي أسماء يوم القيامة؟ يوم القيامة ذكر الله تعالى له العديد من الأسماء في كتابه الكريم، وبين مقاصده وأحواله في كُل اسم.

لكُل اسم دليل على أحداثه، فسمي بالحاقة لأنه اليوم الذي يتحقق فيه وعد ووعيد الله، فذُكر في سورة عبس قوله تعالى: فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ“، وتُعد الصاخة هي اسم من أسماء يوم القيامة وتعني الصيحة، وذُكرت بهذا اللفظ كجرس إنذار المؤمن من أهوال يوم القيامة.

من إحدى أسماء يوم القيامة أيضًا اسم “الغاشية”، وتعني غشية أبصار الناس في هذا اليوم مما يشاهدونه من مواقف مُرعبة، وهول في هذا اليوم.

من أسمائها الأخرى هو ” القارعة” وسُميتا بذلك لأنها تُقرع الناس وتخيفهم وتفزعهُم، ويأتي ذلك اليوم دون موعد، وعلى غفلة، لذا يجب على كُل مؤمن الاستعداد لمُلاقاة ربُه في أي وقت وأي مكان يأتيك إذنُه، وتوجد العديد من الأسماء الأخرى يوم القيامة، ذُكرت في كتاب الله وهُم:

  • الطامة الكُبرى.
  • الآزفة.
  • الواقعة.
  • يوم الخروج.
  • يوم التناد.
  • التغابن.
  • يوم التلاق.
  • اليوم العسير.
  • اليوم الحسرة.
  • يوم البعث.

اقرأ أيضًا: فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

متى نزلت سورة الحاقة؟

في السنة الخامسة قبل الهجرة، نزلت سورة الحاقة على الرسول –صلى الله عليه وسلم-  في مكة المُكرمة، لذلك تُعد من السور المكية وهذا بإجماع العلماء، وتتناول السورة العديد من المواضيع المُختلفة، ففي مطلع السورة جاء جرس إنذار للمؤمن من يوم القيامة وأحوال وأهوال يوم القيامة.

بينت ما سيحدث لمن كذب الله عزو وجل وضل طريق رسوله، كما بينت مكانة الأمم السابقة الآن، وما شاهدوه من عذاب لمن كذب به ولم يؤمن بوجوده، وبينت السورة ما رأوه من عذاب في الدُنيا ونصيبهم من عذاب الآخرة.

بينت السورة أيضًا أحوال الأمم السابقة ومكانتها وما نالته عند الله من نعيم وراحة، وكيف نجاهم الله من العذاب، وبينت باقي الآيات أحوال الناس يوم القيامة، وسيرهم، ودرجاتهم، وكيف تُفتح صحائفهم، فمن أساء فينال أشد العقاب، ومن أحسن فيناء الهناء والنعيم.

كما بينت جزاء الذين أشركوا بالله وكذبوا وأساءوا إليه وللرسول، كيف سيكون حسابهم في هذا اليوم المُهيب يوم يرجعون فيه إلى الله، وجاءت بعض الآيات ردًا على ما يُقال عن الرسول وتكذيب قريش له، إثباتًا لصدقه، وإنذار للكافرين من العذاب الذي حتمًا سوف يقعوا فيه.

فضل سورة الحاقة

بعد ذكر سبب نزول سورة الحاقة على الرسول، نتعرف على فضل السورة والذي ورد في العديد من الأحاديث التي تتناول فضلها لكن جميعها أحاديث ضعيفة أو موضوعة، لأن سورة الحاقة مثلها مثل العديد من سور القرآن الكريم، لم يُرد لها النبي –عليه السلام- فضل مُعين.

تضمنت السورة كُل ما يتعلق بيوم القيامة وأحداثها، وتفاصيل اليوم، كما تناولت العديد من المحاور الأساسية للإنسان، فبينت حال الكافرين وما يرونه من عذاب عند إلقائهم في الجحيم.

كما تُحذر المسلمين والإنسان بصفة عامة من كافة الأعمال التي نهى عنها الله وتؤدي إلى دخول إلى النار، مثل فرعون وعاد وغيرهم من النماذج الذين أشركوا بالله.

بينت السورة صدق النبي، وتؤكد على ضرورة تصديق رسالته والإيمان بها، تجنبًا للوقوع في مكانة المشركين، وبينت مكانة وجزاء الذين آمنوا بكتاب الله ورسوله.

الدروس المُستفادة من سورة الحاقة

هناك العديد من الدروس والعبر الذي تعرفنا عليها واستفدنا بها من السورة وآياتها وأبرزها:

  • يُستفاد من السورة أننا يجب أن نتعظ من النماذج في الأمم السابقة، والأفعال التي أدت إلى وقوعهم في هذه المكانة وتجنُبِها، والتصديق بكلام الله ورسوله.
  • بينت السورة العديد من الأعمال الصالحة المُحببة إلى الله تعالى، ومدى أهميتها والتقرب من الله تعالى، بشكل عام أخذ الرسول –عليه السلام- قدوة لنا، والسير على نهجه، ونشر الخير بين الناس.
  • كان سبب نزول السورة لتذكرة المُسلمين وعدم الإغفال عن ذكر الله، وتأكيد لضرورة حمد الله وشكره في جميع الأوقات على النعم الذي أنعم علينا بها.

اقرأ أيضًا: فضل قول حسبي الله ونعم الوكيل 1000 مرة

تفسير سورة الحاقة وسبب نزولها للأطفال

في بعض الأحيان يصعب على الآباء تفسير السورة بشكل سهل ومُبسط لأطفالهم وما هو سبب نزول سورة الحاقة، لذا نذكر من خلال السطور الآتية تفسيرات سهلة وبسيطة الفهم للأطفال:

  • في بداية السورة ذكر الله تعالى يوم عظيم وهو يوم القيامة، وما يحدث في يوم القيامة.
  • يوم القيامة هو يوم ملاقاة الإنسان لربه، ويوم الحساب، أي يُحاسب كُل إنسان على جميع ما فعل في حياته، كُل ما نفعلهُ في حياتنا اليومية هو مُدون في صحائفنا عند الله تعالى.
  • في يوم القيامة تنتهي هذه الدنيا ونذهب إلى دُنيا أخرى لنبدأ حياة جديدة وجميعنا نتلقى حساب ما فعلناه من خير أو شر.
  • بعد ذلك تبدأ أحاديث السورة عن نماذج الأمم السابقة وأفعالهم، وتكذيبهم لكلام الله ولرسوله مثل: قوم عاد، وثمود، وغيرهم من النماذج والعبر لنا.
  • بعد ذلك بين الله في آيات السورة الكريمة عقاب الأقوام الذين كُذبوا به ومكانتهم عند الله.
  • ثم بين ثواب الذين آمنوا بكلام الله ورسوله، ومكانتهم عند الله.
  • في نهاية السورة كانت تنبيه وذكر لنا بضرورة ذكر الله في كُل وقت ومكان.

سورة الحاقة تحمل الكثير من القصص والدروس، وأنزل الله تعالى سورة الحاقة حتى يتعظ المؤمن منها، وتجنب الوقوع فيما وقعت فيه الأمم السابقة.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا