ما هو عام الحزن

ما هو عام الحزن؟ ولماذا سمي بهذا الاسم؟ لم يقتصر سبب تسمية عام الحزن على وفاة أقرب الناس إلى رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – بل بالإضافة إلى ما تبع وفاتهم من صعوبات في طريق الدعوة الإسلامية واعتداء المشركين والقبائل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وفيما يخص أسباب تسمية العام الثامن من البعثة بهذا الاسم سوف نستعرضها من خلال موقع الملك.

ما هو عام الحزن

عام الحزن هو العام الذي فقد فيه الرسول صلّى الله عليه وسلّم نصيرين عظيمين له ولدعوته، فقد توفي في هذا العام عمه أبو طالب (رضوان الله عليه)، كما توفيت أيضًا في نفس العام زوجته العظيمة أم المؤمنين السيدة خديجة (رضوان الله عليها) وكان لوفاتهما أثرًا كبيرًا على قلب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم فحزن عليهما حزنًا شديدًا شأنه شأن البشر لذلك سمي بعام الحزن.

ذكر العلامة المجلسي (رحمه الله): إن أبي طالب (رضي الله عنه) توفي في آخر السنة العاشرة من بعثة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم تبعته السيدة خديجة (رضوان الله عليها) وتوفيت بعد أبي طالب بثلاثة أيام، فسمى رسول الله ذلك العام عام الحزن، فقال مازالت قريش قاعدة عني حتى مات أبو طالب.

كان بعد ذلك الفرج من الله سبحانه وتعالي بأن يكرمه بمكانة لم يبلغها أحد من قبله، بأن يسري عنه حزنه في رحلة الأسراء والمعراج وهي معجزة خاصة بسيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، بسم الله الرحمن الرحيم: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَي بِعَبْدِهِ لَيْلا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ». (الإسراء: 1). وهي معجزة قام بها النبي مع سيدنا جبريل ليلًا من مكة إلى بيت المقدس في فلسطين، ثم عرج به إلى الملأ الأعلى وعاد به في نفس الليلة، بعد أن رأى من آيات ربه الكبرى فرأى الجنة ورأى النار وما أعده الله للمتقين والعاصين.

فالإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم المعراج هي الرحلة السماوية إلى عالم السماء حيث سدرة المنتهى، والحكمة من هذه الرحلة هي تخفيف ما مر به النبي صلّى الله عليه وسلّم من عناء وما تعرض له من أذى من المشركين فيما يعرف ما هو عام الحزن وطمأنته بعد أن توالت عليه الأحزان بفقد الأحبة، والثقة بأن رعاية الله تعالى قائمه له، وتثبيت قلبه وعقله لإتمام مسيرته في الدعوة الإسلامية.

اقرأ أيضًا: العشرة المبشرين بالجنة عند الشيعة

وقع وفاة السيدة خديجة على قلب الرسول

كان لخبر وفاة السيدة خديجة وقعًا كبيرًا علي الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وذلك لأنها لم تكن بالنسبة للنبي امرأة فحسب، بل كانت مثالًا للمرأة والزوجة الصالحة المؤمنة والمضحية التي ملأت حياة الرسول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم بالحب والحنان والتضحية والفداء، وقدمت كل ما لديها من المال والوجاهة والعز بل بنفسها وروحها من أجل إسعاد خير البشر وسيد الأنبياء والمرسلين لكي ترضي رب العالمين، وبوفاتها ألم بالرسول صلّى الله عليه وسلّم، وقد روي عن على (عليه السلام) أنه قال: ذكر النبي خديجة يومًا وهو عند نسائه فبكى.

فقالت عائشة: ما يبكيك على عجوز حمراء من عجائز بني أسد؟

فقال: صدقتني إذا كذبتم، وآمنت بي إذا كفرتم، وولدت لي إذا عقدتم.

قالت عائشة: فما زالت أتقرب إلى رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم– بذكرها.

كان لحادثة واقعة وفاة السيدة خديجة (رضوان الله عليها) ألمًا كبيرًا في قلب الرسول فتألم لفقدها، وكأنه صلّى الله عليه وسلّم لم يعد يريد البقاء بمكة بعد رحيلها حيث إنه لم يبق فيها بعد وفاة السيدة خديجة طويلًا.

اقرأ أيضًا: أيهما أفضل للميت الصدقة أم العمرة

تأثير خبر وفاة أبي طالب على قلب الرسول

أثر خبر وفاة أبي طالب عم الرسول  صلّى الله عليه وسلّم تأثيرًا كبيرًا، وذلك لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم تربى في كنفه وفي بيته، وبين أبنائه، وكان لأبي طالب دورًا كبيرًا في حياة النبي حيث كان يدعمه ويتحمل عنه الكثير من الأذى والملامة بدلًا منه، حتى كان أبي طالب بمثابة الأب للنبي صلّى الله عليه وسلّم فعرفنا بعد وفاته ما هو عام الحزن.

حيث إنه لم يكن هناك حنان من الأب على الابن مثل حنان أبي طالب على ابن أخيه محمد صلّى الله عليه وسلّم، فبعد وفاة أبي طالب نالت قريش من رسول الله ما لم تناله منه في حياته، ولقد روى ابن سعد عن حكيم بن حرام وثعلبة بن صعير (رضي الله عنهم) قالا: عندما توفي أبو طالب وخديجة (رضي الله عنهما) أجتمع على الرسول صلّى الله عليه وسلّم مصيبتان فعندها مكث في بيته وأصبح قليل الخروج.

نالت قريش منه وطمعت فيه، فبلغ ذلك أبا لهب فجاء فقال “يا محمد، امض لما أردت، وما كنت صانعًا إذا كان أبي طالب حيًا فاصنعه، لا واللات والعزى لا يوصل إليك حتى أموت”، ولقد ورد على لسان النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال” نالت مني قريش شيئًا أكرهه حتى مات أبو طالب حيث أشتد الأذى وكان الاعتداء من قريش بالقول والفعل، حتى اضطر النبي صلّى الله عليه وسلّم ووصل به الأمر أن يطلب الحوار ليدخل مكة المكرمة.

اشتد البلاء على النبي صلّى الله عليه وسلّم من انغلاق معظم أبواب الدعوة إلى دين الله الحق الذي جاء به على ما كان يبدو ظاهرًا له، فكان حزنه أيضًا على الا يؤمن الناس بالحق الذي جاء به شيئاً غالبًا على نفسه صلّى الله عليه وسلّم. ومن أجل تخفيف هذا الحزن عن النبي كانت تنزل عليه الآيات القرآنية مواسية له ومذكره إياه بأنه ليس مكلفًا بأكثر من تبليغ الرسالة.

فلا داعي إلى أن يذهب نفسه عليهم حسرات إذا لم يستجيبوا ولم يؤمنوا كما قال الله تعالي

قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ ۞ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأ الْمُرْسَلِينَ ۞ وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ (الأنعام: 33-35).

في السنة العاشرة من النبوة في شوال تزوج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من سودة بنت زمعة، فعي ممن أسلموا قديمًا وهاجرت الهجرة الثانية إلى الحبشة وكان زوجها السكران بن عمرو، وكان قد أسلم وهاجر معها، فمات بأرض الحبشة أو بعد الرجوع إلى مكة، فلما حلت خطبتها خطبها النبي صلّى الله عليه وسلّم وتزوجها، وبذلك تكون أول امرأة تزوجها النبي بعد وفاة السيدة خديجة وكانت قد وهبت نوبتها لعائشة رضي الله عنها.

اقرأ أيضًا: دعاء التوبة والرجوع إلى الله مكتوب

ماهي الدروس والمواعظ المستفادة من عام الحزن؟

يوجد بعض الدروس المستفادة من هذا العام، والتي سوف نتعرف عليه من خلال النقاط التالية:

  • يمنع على غير المسلمين الاستغفار ولو كانوا ذوي قرابة.
  • الزوجة الصالحة المؤمنة تدرك مهمتها كزوجة معينة لزوجها على مصاعب الحياة.
  • الله دائمًا لطيف بعباده، ففي شدة ما تعرض له النبي صلّى الله عليه وسلّم من قريش أنزلت عليه المواساة بحدوث رحلتي الإسراء والمعراج تخفيفًا لما مر عليه بما يعرف ما هو عام الحزن.
  • المسلم دائمًا يسعى الي البدائل والطرق المؤدية إلى النجاح.
  • يدرك المسلم بأن الخير يكمن فيما ظنه شرًا له، حيث بدأ النبي صلّى الله عليه وسلّم بالبحث عن بدائل وحلول بعد ما واجه من مصاعب وآلام في عام الحزن، فكانت نتيجة ذلك الهجرة إلى المدينة المنورة والتي تعتبر منطلق الدولة الإسلامية.
  • حسن عاقبة الصبر والثبات، وقطع تعلق القلب بالأسباب.
  • الله عز وجل ييسر لهذا الدين من ينصره حتى من غير المسلمين.
  • أفق المؤمن أوسع من حدود الأرض.

كان عام الحزن هو العام العاشر من الهجرة، وسمي هذا العام بهذه التسمية لما تم فيه من وفاة السيدة خديجة زوجة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعمه أبو طالب، فكان بعد ذلك طرد الكفار للرسول من مكة وهجرته إلى المدينة.

قد يعجبك أيضًا
شاركنا بتعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.