متى تسقط عدة المطلقة
متى تسقط عدة المطلقة؟ وما هي مدة العدة؟ وهل العدة فرض أم واجب؟ يعتبر الطلاق أبغض الحلال إلى الله نظرًا لما فيه من تشتيت شمل الأسرة وضياع الرباط الزوجي.
لكن هناك العديد من الحالات التي يستحيل معها العيش، لذا شرع الله الطلاق للحفاظ على ما تبقى من الود خاصةً في حالة وجود أطفال، وهنا يوضح لنا موقع الملك تفصيل هذا الأمر.
متى تسقط عدة المطلقة
للعدة وقت معين وشروط معينة حددها الشرع بكل وضوح ويسر بالأدلة النقلية والعقلية؛ فمن الأدلة النقلية قوله تعالى:
“ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ” (سورة البقرة – آية 228) وهذه الآية تجيب عن متى تسقط عدة المطلقة؛ والقرء المذكور في الآية يقصد به الحيض نفسه (عند الأحناف والحنابلة)؛ ويقصد به الطهر من الحيض (عند المالكية والشافعية)؛ ومما سبق ذكره تتضح عدة نقاط تفصيلية منها
وقوله تعالى: “وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ” (الطلاق:4)
الآية السابقة تجيبنا عن سؤال متى تسقط عدة المطلقة بوضوح فلم يترك القرآن والسنة سؤال إلا تمت الإجابة عنه.
من السنة ما ورد عن النبي – صل الله عليه وسلم – في حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه: (أن سبيعة الأسلمية رضي الله عنها نُفِسَت بعد وفاة زوجها بليال، فجاءت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستأذنته أن تنكح، فأذن لها، فنكحت)، وغير ذلك من الأحاديث وهذا الدليل يظهر وقت عدة المطلقة.
ومن الأدلة العقلية أجماع الفقهاء على مشروعية العدة، لدفع ضرر موجود يستحيل معه استمرار الحياة الزوجية بين الطرفين،
1- عدة المرأة المطلقة التي تحيض
عندما يقوم الزوج بطلاق الزوجة وهي من ذوات الحيض فإن الشريعة الإسلامية قد أوضحت بعض الأحكام التي يجب على المعتدة تمييزها حتى تستطيع معرفة عدتها من الحيض ومنها
- إذا طلقت المرأة التي تحيض قبل الدخول بها فلا عدة عليها، لانقطاع الشك عن وجود حمل، وهذا يجيب عن متى تسقط عدة المطلقة.
- إذا طلقت المرأة التي تحيض بعد الدخول بها وكانت حاملًا فمدة عدتها تنتهي بالوضع (الولادة) مصداقًا لقوله قال تعالى: “وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ” (الطلاق: 4) وهذا رد على تساؤل متى تسقط عدة المطلقة.
- إذا طلقت المرأة التي تحيض غير حاملًا فعدتها ثلاث حيضات (تنتهي العدة بانتهاء دم الحيض من النزول وتطهر منه تمامًا) مصداقًا لقوله تعالى: “وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ” (البقرة: 228).
اقرأ أيضًا: إذا رفضت الزوجة الصلح
2- عدة المرأة التي لا تحيض
عندما تطلق المرأة طلقة أو اثنتين بائنتين، وكانت من اللائي لا يأتيهن الحيض (لوصولها لسن اليأس – لم يأتيها الحيض بعد لصغر سنها) فعليها التأكد من بعض الأمور من نفسها أو سؤال الطبيب المتخصص في حالتها حتى تستطيع معرفة الإجابة على سؤال متى تسقط عدة المطلقة.
- إذا طلقت المرأة التي لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر كاملة (تحسب من يوم الطلاق تسعون يومًا للتأكد من براءة الرحم من الحمل)، مصداقًا لقوله تعالى: “وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ” (الطلاق: 4)، وهذه الآية توضح متى تنتهي عدة المطلقة.
- إذا طلقت المرأة ولا يأتيها حيض لعلة (إزالة الرحم – إزالة المبايض – إزالة قناة فالوب) فتكون عدتها كالتي وصلت لسن اليأس ثلاثة أشهر، وهذا يجيب عن متى تسقط عدة المطلقة.
- إذا طلقت المرأة ولا يأتيها حيض وهي تعلم العلة (علاجات هرمونية – مشاكل في الرحم) فعدتها تحسب بعد زوال العلة ثلاثة أشهر (تنتظر حتى انتهاء هذا العلاج أو تسأل طبيبها ثم تحسب الأشهر للعدة بعدها)، وهذا يبين متى تنقضي عدة المطلقة.
- من ضمن الإجابة على سؤال متى تسقط عدة المطلقة أنه إذا طلقت المرأة ولا يأتيها حيض، وهي لا تعلم العلة تمامًا فعدتها سنة كاملة (9أشهر للتأكد من البراءة من الحمل+ ثلاثة أشهر تعتد بهم)، وهذا يجيب عن سؤال متى تسقط عدة المطلقة
حكم عدة الزوجة المتروكة من الزوج قبل الطلاق
تعد هذه الحالة من الطلاق شائعة في المجتمع، لما فيها من الغبن بحق الزوجة من قبل الزوج، فيحدث فيها أن يقوم الزوج برمي أكثر من طلقة على زوجته ثم يهجرها، مما يوقع الزوجة في الحيرة في حساب العدة وفى تأكيد تطليقها من عدمه.
فقد ثبت في هذه الحالة عدة أدلة لحسم أمرها منها
- حديث النبي – صل الله عليه وسلم – “كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته” دلالة على إثم هذا الفعل من قبل الزوج تجاه زوجته، فهو قام بضرها مرتين الأولى عندما طلقها والثانية عندما هجرها دون نفقة أو مسكن، لذا يجب اللجوء إلى القضاء لحسم حقوق المرأة وإجبار الزوج على دفع هذه الحقوق.
- النص القرآني الوارد في قوله تعالى “وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ” لما فيه من الدلالة أنه متى تلفظ الرجل بلفظ الطلاق فهو واقع لحديث النبي – صل الله عليه وسلم – “ ثلاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ، وَهَزلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكاحُ، والطَّلاقُ، والعتق” لذا تبدأ المرأة في حساب عدتها عقب التلفظ من الزوج، أو كما تقدر حالتها محكمة الأحوال الشخصية.
اقرأ أيضًا: حقوق الزوجة بعد الطلاق في السعودية
آراء الفقهاء في تفسير القرء المذكور في الآية القرآنية
هناك العديد من التساؤلات حول تحديد مدة الحيض من الطهر عند النساء منذ عهد النبي – صل الله عليه وسلم – بما ثبت عن السيدة عائشة في تأكيدها للطهر لكثير من النساء عند ظهور اللون الأبيض(إفرازات) في موضع نزول الدم، لذا فقد اختلف الفقهاء في تحديد القرء أهو الحيض أم الطهر على النحو التالي
- يرى الحنفاء والحنابلة: بأن المقصود بالقرء في الآية الكريمة هو الحيض نفسه (نزول الدم)، وبهذا تكون أقل مدة للعدة ستون يومًا؛ وشرح ذلك على فرضية تطليق الزوج في نهاية حيضتها وأول طهرها فتقوم بحساب المدة الأقل في الطهر (20 يوم) وتحسب المدة الأقل للحيض (5 أيام)، وتأخذ مدة الطهر وتحسبه كعدة لها عن طريق ضربها مثل 20×3= 60يومًا، ثم تنتهي العدة؛ (وهذا الرأي الراجح).
- ورأى طلاب الإمام أبو حنيفة: أن تكون المدة على ذلك تسعة وثلاثون يومًا على أقل تقدير؛ وشرح ذلك على فرضية تطليق الزوج في نهاية وقت الطهر، مع حساب أقل مدة للحيض (3 أيام)، وأقل مدة للطهر تكون (15 يوم).
- ورأى الشافعية: بأن أقل مدة للعدة هى 32 يومًا ولحظتان، وشرح ذلك أن يتم تطليق المرأة قبل الحيض بلحظة، ثم تحيض يومًا بليلته ثم تطهر بعدها 15 يومًا.
ثم تحيض يومًا وليلة ثم تطهر 15 يومًا، ثم تحيض وتنقضي العدة بهذا الحيض، على اعتبار مجموع الأيام هو 15+ يوم وليلة + 15 + يوم وليلة + بداية الحيض الثالث ونهاية العدة = 32يومًا ولحظتين. - ويرى الحنابلة: أقل مدة تنهى فيها العدة ثلاثون يومًا فقط، وشرح ذلك أن أقل مدة للحيض عندهم 13 يومًا.
أنواع الطلاق
نظمت الشريعة الإسلامية عمل الطلاق حتى لا يغبن أحد الطرفين على الآخر، ولا تنقص حقوق أي منهما وحدد أنواعه عن طريق الرجوع لأحكامها لإعطاء كل ذي حق حقه والتي منها
1- الطلاق الرجعي
يحدث هذا النوع من الطلاق بأن يطلق الزوج زوجته طلقة أولى أو ثانية مع إمكانية مراجعتها بشرط عدم انقضاء مدة العدة (إذا انقضت مدة العدة دخل في حكم الطلاق البائن بينونة صغرى) وأحكام الطلاق الرجعى هي
- تكون مدة العدة بين الزوجين في حالة الطلاق الرجعي من أصل الزواج حتى انقضائها، مما يترتب عليه كل الأحكام الواجبة للطرفين كموت أحدهما يجعل الآخر وريث صحيح له.
- لا يؤخذ في الطلاق الرجعى بموافقة الزوجة ففي حالة (راجعها الزوج بالقول – أو قبلها – أو جامعها) فقد عادت زوجة حتى بدون موافقتها، ولا يحتاج الزوج في هذه الحالة دفع مهر أو عمل عقد للزواج.
- في حالة الطلاق الرجعي أوجبت الشريعة عدم ترك الزوج لبيته في مدة العدة، وعدم خروجها هي أيضًا لزيادة الفرصة لتصفية النفس والعودة لبعضهما، مصداقًا لقوله تعالى: “لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّـهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا“.
- من المعروف أن عدد الطلقات التي يملكها الرجل على زوجته هي ثلاث طلقات فقط، لذا عند الطلاق الرجعى فقد أنقص الرجل من عدد طلقاته على المرأة، والتراجع يعد تحذيرًا له فيما تبقى.
اقرأ أيضًا: حقوق الزوجة بعد الطلاق بدون أطفال
2- الطلاق البائن
يعتبر هذا النوع من الطلاق هو الصعب لما فيه من التفريق الزوجين، وتكون البينونة الصغرى بعد انتهاء العدة (طلقة – طلقتين) والكبرى تكون بعد الطلقة الثالثة وتفصيلهما فيما يأتي
- طلاق البينونة الصغرى: يحدث هذا النوع من الطلاق في حالة طلاق الزوج لزوجته بعد الدخول الموجب لدفع المهر ويكون بشرط ألا يكون قد رمى عليها الثلاث طلقات، مع مراعاة توفير مسكن والرعاية في حالة كونها حاملًا.
- طلاق البينونة الكبرى: يحدث هذا النوع عندما يقوم الزوج بطلاق زوجته ثلاث طلقات، ونفقتها كنفقة البينونة الصغرى، ولا تحل له زوجته إلا بعد انقضاء عدتها والزواج من آخر ثم تطليقها من الزوج الآخر أو وفاته، وانقضاء عدتها والرجوع للزوج الأول.
العدة من الأمور المترتبة على الطلاق، لذا يجب توضيح كل ما يتعلق بها من أحكام، حتى يستطيع الرجل أداء كل ما عليه من واجبات نحو الزوجة والأولاد، ولا يتسبب في إحداث الضرر لهم.