إذا رفضت الزوجة الصلح

ماذا يحدث إذا رفضت الزوجة الصلح إثر دعوى الخلع؟ وما طبيعة الحكم الذي يصدر الخلع؟ فقد تؤول الخلافات الزوجية إلى أروقة المحاكم إثر تراكمات متعددة بحيث لا يكون هناك حلًا يُذكر سوى الانفصال، وإن وصل الأمر إلى هذا الحد ينبغي على الزوج والزوجة معرفة ما لهما وما عليهما، ومن خلال موقع الملك سنشير إلى حالة رفض الزوج للصلح.

إذا رفضت الزوجة الصلح

قال الله تعالى في سورة البقرة: “فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ” (الآية 229)، فعند وصول الحياة الزوجية إلى أتعس أوقاتها، لا تجد المرأة مفرًا من الانفصال، ذلك لأن بغضها لتلك العلاقة من شأنه أن يبعدها عن الالتزام بحدود الله ونواهيه، لذا فهناك أسبابًا شتى تستدعي الخلع إذا كان الزوج رافضًا للطلاق.

من هنا تعمل المحكمة المنوطة بالأمر على العديد من المحاولات للصلح بين الطرفين، من الممكن أن تجدي نفعًا إلا إذا رفضت الزوجة الصلح رفَضًا تامًا وكان لها الحق في ذلك.

لكنه وبأي حال يجب أن تبذل المحكمة قصارى جهدها لعرض الصلح على الزوجين عرَضًا جادًا ليس لمجرد كونه إجراء، كما يجب مراعاة إن كان هناك من الأولاد بينهما ما يستدعي الصلح، أما إذا رفضت الزوجة الصلح رفضًا تامًا، فلا مناص من الخلع.

على أن تقوم المحكمة بعرض الصلح بين الطرفين مرتين بينهما فترة زمنية تتراوح من شهر إلى شهرين، والغرض من تحديد ذلك الفاصل الزمني أن يكون هناك فرصة للتروي بين الزوجين لتخلص أحدهما من عناده وعنته وربما يقنع الآخر بقبول الصلح.

لكن عند فشل المحكمة في الصلح بين الزوجين، عليها أن تقوم بانتداب حكمين لموالاة أمر الصلح، ذلك في مدة لا تتعدى ثلاثة أشهر، للمزيد من المحاولات، لكن تلك المدة ليست وجوبية بالقدر الذي يجعل عدم الالتزام بها بهتانًا، إنما تعد مجرد مدة وافية لمحاولة الصلح، ومن ثم يكون حكم المحكمة وجوبيًا إن تم الخلع، أما إذا تم الصلح تحكم المحكمة بانتهاء الدعوى.

في حالة تم رفع قضية الخلع من الزوجة نتاجًا للضرر الواقع عليها من زوجها والناتج عن تعرضها للأذى النفسي أو البدني، أو عدم كفايتها المالية، فإنها تتنازل عن حقوقها في مؤخر الصداق ومقدم الصداق، أما إذا رفضت الزوجة الصلح وتم تنفيذ حكم الطلاق، يجب أن يقوم الزوج بدفع حقوقها وحقوق أطفالها.

اقرأ أيضًا: تطنيش الزوجة عند أهلها هل هو حل

طبيعة الحكم الذي يصدر الخلع

إن الحكم الذي يتم إصداره بالخلع يكون تطليق بائن بينونة صغرى، فلا تجوز الرجعة بعده إلا أن يكون بمهر جديد وعقد زواج آخر، أما إذا كان الحكم بالخلع ثلاث طلقات، يصير بائنًا بينونة كبرى فلا يجوز الرجعة مطلقًا إلا إذا تزوجت زواج شرعي كامل الشروط، وبعد انتهاء الزيجة سواء بوفاة زوجها أو تطليقها من الممكن أن ترجع حينئذ إلى زوجها السابق بمهر جديد وعقد زواج جديد.

هنا نستند إلى قول الله تعالى: “فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ۗ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۗ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ” (سورة البقرة الآية 230).

على أن الحكم بالخلع غير قابل بالطعن فيه، فهو من أحكام المحكمة النهائية التي لا يصح فيها الاستئناف او طلب إعادة النظر فيها أو النقض في أمرها أو حتى مجرد المعارضة.

احتساب العدة بعد الخلع

قال الله تعالى في محكم التنزيل: “وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” (الآية 228 سورة البقرة).

فتلك هي عدة المطلقة وعدة المرأة التي تريد خلع زوجها، على أنه إن كان الخلع بالتراضي يتم احتساب شهور العدة من يوم الخلع، أما إن كان غير ذلك يتم احتساب العدة من اليوم التالي لحكم الخلع، ومن ثمَّ للمرأة أن تتزوج بعد انتهاء 3 أشهر.

رفع دعوى الخلع

إذا رفضت الزوجة الصلح بينما الزوج لا يزال مصرًا على رأيه، من الممكن أن تقوم الزوجة برفع دعوى الخلع، مع العلم بمدة الفصل التي تتطلبها القضية والحقوق التي تكلفها للطرفين علاوةً على الحقوق التي على الزوجة التناول عنها جراء الخلع، ومن الإجراءات ما يلي:

  1. التواصل مع مكتب تسوية شئون الأسرة للتقدم بطلب تسوية، حيث يعد الخلع من الدعاوى التي من الممكن أن يتم الصلح فيها، حيث تشتمل على قانون محكمة الأسرة.
  2. إخطار الزوج حتى يحضر في موعد معين في حضور الزوجة، على أن يتم التوفيق بين الطرفين قدر المستطاع، أما إذا رفضت الزوجة الصلح، والزوج كذلك، يتطلب اتباع الإجراء التالي.
  3. إذا قبل الزوج الخلع ويقر على ذلك، على أن يشمل الإقرار الصيغة التنفيذية.
  4. أما في حالة رفض الزوج للخلع، تنتهي إجراءات القاضي ويتم إحالة الأمر إلى المحكمة حتى تنظر في أمر الدعوى.
  5. على أن محكمة الأسرة تثبت أن الزوجة تبغض الحياة الزوجية مع زوجها فلا مناص من الخلع، كما أنها تتنازل عن حقوقها الشرعية وحقوقها المالية، وعليها أن ترد للزوج مقدم الصداق الذي أعطاه لها.
  6. يتم الإثبات في عريضة الدعوى رقم التسوية، وتطلب الزوجة حكم المحكمة بالتطليق من زوجها طلقة بائنة.
  7. تقوم المحكمة بمباشرة الدعوى، كما أن المحكمة عليها أن تعرض الصلح على الطرفين، وهذا شرط وجوبي.

طلاق الشقاق

يحق للزوجة أن ترفع دعوى طلاق الشقاق إذا تعرضت إلى الأذى ما لا يُمكن احتماله من زوجها، سواء أذى مادي أو معنوي، في حين أنه لا يوجد شهود أو أدلة كافية لإثبات ذلك، فيتم اللجوء هنا إلى طلاق الشقاق لأن الحياة الزوجية أصبحت مستحيلة بينهما، ويقوم القاضي بإرسال حكمين لتحديد الخلافات وصلت لأي مدى بين الطرفين.

فيتم محاولة الإصلاح بينهما، أما إذا رفضت الزوجة الصلح من حقها طلب التفريق النهائي، فتُطلق طلقة بائنة، هذا في حالة إثبات أن الخطأ كله يقع على عاتق الزوج، على أن تأخذ الزوجة لمستحقاتها.

اقرأ أيضًا: أكثر شيء يقهر الزوجة

أسباب عدم نجاح جلسات الصلح بين الزوجين

قد ذكرنا سلفًا أكثر من حالة لرفض الزوجة الصلح، فمهما كانت الجلسات المعنية بالأمر تبقى النتيجة واحدة، لذا سنشير إلى الأسباب التي تؤدي إلى رفض أحد الطرفين الرجوع للآخر، منها:

  • عندما يصل الأمر إلى المحكمة، يتعنت كلا الطرفين فلا يوجد مجال للاعتراف بالخطأ، بيد أن من يقوم برفع الدعوى لا يرغب في التنازل عنها، لأن تلك الخطوة تأتي بعد تفكير وتأني، فلا يتم الرجوع عنها إلا لمامًا.
  • إذا كان هناك طرف متضرر من العلاقة غاية التضرر فلا يرغب في الصلح على الإطلاق، بل سيسعى إلى إتمام الانفصال.
  • إذا وصل الحال بالزوجين إلى الوقوف أمام بعضهما في المحكمة، تسقط معها المودة والاحترام فيما بينهما، لذا من الصعب أن يتم قبول الصلح.

إن حقوق المرأة والقضايا الخاصة بها أصبحت من الموضوعات الجللة التي يجب الإلمام بها، وعلى الزوج أن يتأنى قبل أن يحدث بينه وبين زوجته حاجزًا يجعلها ترفض الرجوع إليه مرةً أخرى.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا