بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة السرية

بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة السرية اهتم بتفسيرها العديد من الفقهاء حول العالم بأكمله للتعرف على الأحداث التاريخية التي نصت عليها البعثة النبوية، فهناك العديد من الأمور التي أتمها رسولنا الكريم في بعثته، لذا جدير بكل مسلم أن يتحرى التدقيق والتفصيل بشأن التعرف على تاريخ الدين الإسلامي منذ بدايته، ومن خلال موقع الملك سوف نتعرف على بعثة أشرف الخلق الذي يجب أن يتخذه العالمين قدوة حسنة.

بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة السرية

بُعث رسولنا الكريم ليتمم لنا مكارم الأخلاق فهو خير من نهتدي إليه السبيل، فقد كانت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم قبل بلوغه الأربعين من عمره، والحكمة من اختيار الله -عز وجل- لهذا العمر تحديدًا هي مرحلة وصول العقل إلى أعلى مراحل النضج والرشد.

فقد كلفه الله -سبحانه وتعالى- بتأدية الرسالة وهي الدين الإسلامي فقد بعث الحبيب حتى ينشر ديننا الحنيف بين سائر البشر في شتى بقاع الأرض.

لا مناص من ذكر التحديات والصعوبات التي واجهت رسولنا الكريم في هذه المرحلة حتى يتمكن من تأدية الرسالة التي بعثه الله لأجلها على أكمل وجه، فقد رأى أشد أنواع العذاب من كفار مكة وتحديدًا كفار قريش.

اقرأ أيضًا: حديث الرسول عن اختيار الزوجة

أحداث البعثة النبوية

للتعرف على بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة السرية نشير إلى أن النبي قد عُرف بعدم عبادته للأصنام ولا التقرب منها، وذلك بخلاف كفار قريش، فقد كانت الأصنام عبادتهم وكانوا يلجؤون إليها لتحقيق ما يرغبون به.

أما بداية أحداث البعثة منذ ظهور بعض علامات الصدق والأمانة على الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد عرف النبي بأنه صادق الرؤى، ويعني الأمر أن ليس هناك أي رؤيا يراها الرسول في منامه إلا أن يتممها له الله ويحققها إليه وظل هذا الأمر يلازمه لقرابة ستة أشهر.

بعد مرور هذه الفترة وكان عمر رسول الله في هذا الوقت يبلغ واحد وأربعين عامًا إلا بضعة شهور، فقد نزل ملاك الوحي جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم أثناء تعبده في غار حراء، وهو الغار الذي كان يذهب إليه رسولنا الكريم حتى يناجي فيه الله سبحانه وتعالى.

نزول ملاك الوحي جبريل على رسولنا الكريم

لمتابعة التعرف بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة السرية، يجدر بنا الإشارة نحو نزول سيدنا جبريل على رسول الله، فعند نزول الوحي على سيدنا محمد ارتجف قلبه واقشعر جسده لما رآه من هيبة ملاك الوحي جبريل عليه السلام، حتى ردد جبريل على النبي كلمات لم يسمعها من قبل، وهذه الكلمات كانت سورة العلق.

فقال جبريل عليه السلام: اقرأ، ثم رد عليه رسول الله والخوف يملأ قلبه: ما أنا بقارئ، ظل جبريل عليه السلام يكرر كلمة اقرأ على النبي ثلاثة مرات ثم قال له:

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ“.

ثم صعد جبريل إلى السماء، ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعًا إلى السيدة خديجة رضي الله عنها، وحدثها عما رآه لملاك الوحي جبريل وما قرأه عليه من الآيات الكريمة السابقة.

فقامت السيدة خديجة بالتهدئة من الفزع الذي أصاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وحدثته قائلة: “إن الله لن يتخلى عنك ولن يتركك إنك لتصل رحمك وتصدق بكل ما تقوله وتعين كل من يحتاج إليك” وظلت تمدح الرسول الكريم وتحبذه بأسمى الخصال والصفات التي يمتلكها.

اقترحت السيدة خديجة -رضي الله عنها- على الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يذهبا إلى نوفل ابن عمها، نظرًا لأنه كان على دراية كبيرة بالرسائل التي أنزلها الله من قبل على أنبيائه، مثل التوراة والإنجيل، وبالفعل ذهبا إليه وحدثاه عما رآه رسولنا الكريم.

رد عليهم نوفل قائلًا إن ما حدث إن كان صحيحًا فإن ما نزل على الرسول الكريم هو الناموس الأكبر الذي نزل على سيدنا موسى عليه السلام، وإن محمدًا ابن عبد الله هو نبي هذا الزمان.

بعد مرور فترة ليست قصيرة من هذا الحدث ظل النبي ينتظر ملاك الوحي جبريل حتى ينزل إليه، ولكنه تأخر عليه حتى أصاب الرسول الغم من طيلة الانتظار، حتى نزل عليه ملاك الوحي جبريل وهو جالسًا على كرسي مرتفع عن الأرض وبين السماء، وبشره بالنبوة وأن النبي صلى الله عليه وسلم هو نبي الأمة ورسول الزمان المبعوث من الله تعالى.

ارتجف النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصاب قلبه الفزع من شدة عظمة ملاك الوحي جبريل، وعاد مسرعًا إلى السيدة خديجة رضي الله عنها، قائلًا زملوني، دثرني، أنزل الله عليه الآيات الأولى من سورة المدثر:

يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّر (3) ْ.

فكانت الآية الكريمة أول نداء من الله تعالى أنزل على نبي الهدى تمهيدًا لحمل الرسالة، وتفسر الآيات الكريمة بأن الله ينادي نبيه الكريم لإقامة الدعوة وحمل الرسالة مع تكبير ذكر الله.

اقرأ أيضًا: الصلاة على النبي في المنام

من هم أول من آمنوا بدعوة الرسول الكريم؟

لاستكمال التعرف على بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة السرية، فينبغي التطرق إلى أول من آمنوا برسالته وصدقوه الوعد، فقد كان أول من آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة رضي الله عنها، نصرته وظلت جواره، دعمت السيدة خديجة الرسول الكريم وأزاحت عنه كل من يكذب قوله.

بعد إسلام السيدة خديجة، كان إسلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان موقفه مشابه لموقف زوجته، فقد قدم كل ما يمتلك من أموال إلى الرسول الكريم، ثم تبعه عليّ ابن أبي طالب -رضي الله عنه- وكان صبيًا صغيرًا لم يتجاوز عمره العشرة سنوات.

ثم تبعهم زيد بن حارثة وعثمان ابن عفان والزبير ابن العوام وعبد الرحمن ابن عوف وسعد ابن أبي وقاص وطلحة ابن عبيد الله -رضي الله عنهم- أجمعين، فقد تبعوا جميعًا الرسول صلى الله عليه وسلم في الهداية إلى الإسلام وحمل الدعوة معه.

الدعوة السرية للرسول

لاستئناف التعرف على بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة السرية، فقد تطرقنا فيما سبق للتعرف على أحداث البعثة ونزول ملاك الوحي على الرسول، لذا سوف نتعرف على الدعوة السرية للرسول.

بدأت الدعوة إلى الإسلام سرية لم يعلم بها إلا القليل ثم انتشر الإسلام وأصبحت الدعوة جهرية، ولكلًا منهما أحداثها الخاصة التي تتعلق بها والمراحل التي مر بها الرسول الكريم حتى يتمكن من نشر الدين الإسلامي.

فقد شملت الدعوة السرية على زوجته وأهل بيته والصحابة رضوان الله عليهم السابق ذكرهم الذين اعتنقوا الدين الإسلامي، والقليل غيرهم ممن رأى فيهم الرسول حسن الخلق، فقد كان الرسول يذهب بهم جميعًا للاطلاع على أوامر وشؤون الإسلام والتعرف على الآيات التي أنزلها الله عليه.

كان ذلك كان عند دار الأرقم بن أبي الأرقم، ظل الأمر سريًا لمدة ثلاثة سنوات حتى انتشر الإسلام في شتى بقاع مكة وما يجاورها.

إلا أن الحكمة من الدعوة إلى الإسلام في صورتها السرية، كانت بناءً على ما أمره الله به حتى يكون الأمر تدريجيًا، فقد كانوا فئة صغيرة لا يمكن أن تواجه الصعاب العديدة التي كانوا معرضين لها من كفار قريش، حتى أمر الله النبي الكريم بالجهر وتصبح الدعوة إلى الإسلام جهرية.

الدعوة الجهرية للرسول

في حديثنا عن بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة السرية نشير أيضًا إلى الدعوة الجهرية، حيث أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة، فقد آمن بالرسول في هذه المرحلة عددًا قليلًا وهم أربعين رجلًا وامرأة، وذلك في بداية الدعوة الجهرية للإسلام، كان الأمر ثقيلًا على عاتق الرسول لكي يقنع أهله وقبيلته وعشيرته بالإقلاع والتخلي عن عبادة الأصنام واعتناق الدين الإسلامي.

فأمر الرسول النبي بأن يقنع أهله ومن يجاوروه حتى يكون الأمر تدريجي، ثم جاء الأمر من الله -سبحانه وتعالى- بنشر الدعوة للكافة، فذهب النبي إلى جبل الصفا، واستقر عليه ونادى قائلًا: أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا بالوَادِي تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ علَيْكُم، أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: نَعَمْ، ما جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إلَّا صِدْقًا، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ”.

رد عليه عمه أبو لهب وهو يستهزئ من أمره بأن هذا الجمع العريق لهذا السبب ورفع يده على النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت حينها سورة المسد، في قول الله تعالى: تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وتَبَّ ما أغْنَى عنْه مَالُهُ وما كَسَبَ، وهو رد من الله -عز وجل- بأن خسأت يد أبى لهب وأن ماله وثرائه لن ينفعه بشيء عندما تصبح جهنم مصيره.

لكن عمه أبو طالب صدقه القول والحديث، ودعمه وسانده مثلما فعلت السيدة خديجة رضي الله عنها، جديرًا بالذكر أن أبو لما يؤمن برسول الله إلا أنه لم يتعرض لإيذائه، وقد عاهد رسول الله بأنه سوف يسانده ويظل إلى جواره لحمايته.

اقرأ أيضًا: طلع البدر علينا مكتوبة

أهم الدلائل النبوية التي ظهرت على الرسول قبل وبعد البعثة

نستكمل التعرف بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة السرية، فقد بعث الله النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد فترة كبيرة من عدم إرسال الأنبياء، فكان محمدًا خاتم الأنبياء والمرسلين.

أرسله الله -عز وجل- في هذه الفترة تحديدًا نظرًا لانتشار الفسق والفجور الشديد الممزوج بالجهل والخرافة من قبل المشركين، لذلك فكانت هناك علامات وبشائر تمهد لقدوم الرسول الكريم، ومن أهم هذه الدلائل ما يلي:

1- دلائل النبوة قبل البعثة النبوية

هناك العديد من العلامات التي تشير إلى قدوم النبي الكريم، وقد اندهش كل من شاهد هذه العلامات والدلائل وكل من مر برؤيتها مع الرسول، وهي كما يلي:

  • حلول الخير والرزق عند مرضعته السيدة حليمة السعدية، فقد كان دار السيدة حليمة فقير للغاية إلى أن مكث فيه الرسول فأصبح الخير والبركة يملأ الدار، فضلًا عن الغنم التي كانت تمتلكها فقد كانت لا تجلب الحليب وبمجرد وجود الرسول الكريم أصبح الغنم به الخير والرزق، فكان وجود الرسول بشارة بالرزق.
  • من أهم دلائل النبوة حادثة شق الصدر، فقد تم شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغيرًا من خلال ملكين، واستخراج قلبه وغسله بالماء وتطهيره.
  • في فترة القحط والجفاف كان النبي الكريم عند جده عبد المطلب واستسقى من شدة الجفاف واستجاب إليه الله -سبحانه وتعالى- تباركًا بوجود الرسول.
  • من علامات النبوة هو تبشير كل الكتب السماوية بأن هناك نبي لآخر الزمان وهو خاتم الأنبياء والمرسلين.
  • سلام الجماد مثل الحجر والشجر على الرسول الكريم عند ذهابه إلى مكة.
  • مرافقة الغيوم وفق رأسه في أثناء الفترات النهارية وتحديدًا في أوقات الظهيرة، فكانت أشعة الشمس لا تصيب الرسول لوجود غمامة فوق رأسه.

اقرأ أيضًا: تجربتي مع حسبي الله ونعم الوكيل

2- دلائل النبوة بعد البعثة النبوية

يطلق على الدلائل والعلامات التي ظهرت على الرسول الكريم بعد البعثة النبوية اسم المعجزات، وأهمها فيما يلي:

  • أول المعجزات الإلهية على الرسول هي القرآن الكريم، فقد اختص الله -سبحانه وتعالى- نبينا الكريم دون البشر جميعًا ليبشر برسالة الإسلام، وأنزل معه القرآن الكريم لرجحان رسالته.
  • تدمير الأصنام عندما أشار الرسول إليها بالسقوط، فقد كان الرسول عندما يشير إلى الأصنام الموجودة حول الكعبة تسقط وتنهمر أرضًا رغم تثبيتها.
  • تسبيح الحصى في كف الرسول، فهو أمر غير طبيعي ولا يمكن أن يحقق بشر إلا أن محمدًا هو خير البشر وخاتم المرسلين، لذلك فقد تمكن الحجر من التسبيح بكفه وسمعه بعض من الصحابة المجاورين للرسول.
  • نزول الماء من بين أصابع الرسول، فقد كان النبي يرد أن يذهب إلى أداء صلاة العصر ولم يتمكن من إيجاد الماء، حتى انبعث من بين أصابع يده الماء وتوضأ منها الرسول هو وصحابته.
  • معجزة الإسراء والمعراج، وهي الليلة التي أسرى فيها الرسول من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ورجع إلى مكة في داره مرة أخرى، حيث تعرض النبي للعديد من الأحداث والتفاصيل في هذه الرحلة التي لم ترد على عقل بشر.

نبينا الكريم هو خاتم الأنبياء والمرسلين هو الهادي المصطفى أشرف الخلق أجمعين، الذي بعث لينزع الجهل عن البشر من خلال نشر الدين الإسلامي للناس كافة، ويخرجهم من الظلمات إلى النور.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا