حكم لبس الفضة للرجال
ما هو حكم لبس الفضة للرجال؟ وما هو رأي جمهور العلماء في هذه المسألة؟ إن الخواتم الفضة من أكثر الحُلي المنتشرة بين الكثير من الرجال، لكن أغلبهم يلبسها بدون التأكد من حكم لبسها.
لذلك نهتم في موقع الملك بتقديم موضوع يتحدث عن مشروعية لبس الفضة للرجال، بالإضافة إلى أننا سنشير إلى بعض التفاصيل الأخرى في السطور القادمة.
حكم لبس الفضة للرجال
تعتبر مسألة حكم لبس الفضة للرجال من الأمور الهامة التي يجب على المسلم التعرف عليها، وذلك بسبب وجود كثير من الناس يظنون أن لبس الفضة من الأمور المباحة على الرغم من أن المسألة فيها خلاف كبير بين الفقهاء وعلى رأسهم الأئمة الأربعة.
لذلك نقوم بتقديم هذه الآراء التي وردت في المسألة وهي: عند الإجابة على سؤال ما هو حكم لبس الفضة للرجال؟ نقوم بالإشارة إلى أن لبسها جائز.
كما أن لبس باقي المعادن من الأمور الجائزة، ومن الأمور المتفق عليها بين جمهور العلماء أن لبس الخاتم الفضة مُباح، لكن الاختلاف كان على لبس الحلي الأخرى المصنوعة من الفضة.
فتوى العلماء في لبس الفضة للرجال
في إطار التعرف على حكم لبس الفضة للرجال، نقوم بالتعرف على أهم الأقوال التي اجتمع عليها العلماء والتي توضح الحكم، حيث إن لهم رأيين، وهما مختصين بموضوعين كالآتي:
1- لبس الخواتم الفضة
اتفق جمهور العلماء على جواز لبس الخواتم الفضة، وذلك يستدل عليه من خلال القول الذي قيل عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قد ارتدى خاتمًا مصنوعًا من الفضة، وقام الصحابة باتباعه في هذا الأمر وارتدوه هم كذلك.
2- لبس الحُلي المصنوعة من الفضة
الاختلاف الذي ورد أن العلماء قد وقعوا فيه هو الخلاف على حكم لبس الأساور والساعات وقطع الزينة الأخرى، وقد كان للفقهاء رأيين وهما:
1- رأي جمهور الفقهاء في لبس الحُلي من الفضة
هو رأي جمهور العلماء الذين أجمعوا على حرمانية ارتداء الرجال للحلي المصنوعة من الفضة، وذلك لأنهم يتشبهون بالنساء، وهذا يعتبر من الأمور المُحرمة في الشريعة الإسلامية، ومن قاموا بتحريم لبس الفضة تحريم قطعي هم الحنابلة والمالكية، ومنهم من كره لبس حُلي الفضة فقط لكنه لم يحرمها.
أصحاب المذهب الحنفي قد أجمعوا على أنه يجوز للرجل ارتداء قطع الزينة المصنوعة من الفضة؛ طالما أنها ليست خاصة بالنساء.
قد استدلوا على ذلك من قول الرسول صلى الله عليه وسلم
“لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال؛ والمتشبهين من الرجال بالنساء”.
كما جاء تحريم ما تلبسه النساء حتى لا يصبح الرجل من المتشبهين بالنساء.
2- الرأي الضعيف في لبس الحُلي من الفضة
قد أشار هذا الرأي إلى أنه بسبب عدم وجود نص صريح سواء من القرآن أو من السنة يؤكد على حرمانية لبس الفضة للرجال؛ سواء كان مثل الخاتم الذي ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ارتداه أو ارتدى قطع الزينة الأخرى، فإن لبس الفضة ليس مُحرمًا.
لكنهم اشترطوا ألا تكون نية المُرتدي التشبه بالنساء، وقد استدلوا على بعض الأدلة التي تُثبت رأيهم مثل قوله تعالى:
“هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا” وقوله: “قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ” وقوله: “وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ”.
كل هذه عبارة عن أدلة قد استدل بها أصحاب الرأي الثاني للتأكيد على أن لبس الحُلي المختلفة ليس بحرام لكن يجب ألا يكون بغرض التشبه بالنساء.
3- رأي ابن عثيمين في لبس الفضة للرجال
الشيخ هو أحد الرائدين في عالم الفقه الإسلامي، وقد اتفق رأيه في مسألة حكم لبس الفضة للرجال، مع باقي العلماء والفقهاء، حيث إنه أباح لبس الخاتم المصنوع من الفضة، لكنه قام بتحريم لبس قطع الزينة الأخرى المصنوعة من هذه المادة.
قد كان تبريره؛ أن ما دون الخواتم يكون عبارة سلاسل أو قطع زينة أخرى تُلبس في الأذن أو المعصم، وارتداء الرجال لأي منها يكون تشبه صريح بالنساء، وذلك لأنها من القطع المخُصصة بالنساء فقط.
4- حكم الخاتم الفضة للرجال من السنة
قد تم إثبات أن لبس خواتم الفضة للرجال أمر جائز، وقد أباحه الأئمة الأربعة، وكان الدليل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرتدي الخاتم الفضة.
ذلك لما ورد عن أنس ابن مالك في قوله:
“لَمَّا أرَادَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَكْتُبَ إلى الرُّومِ قيلَ له: إنَّهُمْ لَنْ يَقْرَؤُوا كِتَابَكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِن فِضَّةٍ، ونَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ، فَكَأنَّما أنْظُرُ إلى بَيَاضِهِ في يَدِهِ“، صحيح البخاري.
لكن حالة إجازة لبس الخاتم الفضة للرجال، يجب أن يتوافر فيها بعض الشروط، لأنه في حالة عدم تواجدها يصبح الخاتم مثل باقي قطع الزينة ولا يجوز لبسه، ومن هذه الشروط:
- أن يكون الخاتم في إصبع الخنصر، وذلك لما ورد عن الرسول والصحابة أجمعين، ولم يرتدوه في إصبع البنصر مثلًا لأن هذه العادة معروفة عن النساء فقط.
- يجب عدم ارتداء أكثر من خاتم لأن ذلك يعتبر تشبه بالنساء.
- أن تكون نية الرجل الذي يرتدي الخاتم التشبه بالرسول صلى الله عليه وسلم، وليس بغرض التباهي أو التزين.
- في حالة أن الخاتم دخل عليه بعض المعادن الأخرى مثل الذهب؛ يجب مراعاة أن تكون الفضة الموجودة أكبر في نسبتها من الذهب، لدرجة تصل إلى لو تمت إذابة الخاتم لا يظهر الذهب الموجود فيه مُنفصلًا.
لكن يُستحب عدم لبس هذه الخواتم واختيار الفضة الخالصة لمنع الوقوع في الشُبهات.
رأي المذاهب الأربعة في لبس الخواتم الفضة
لا يختلف رأي المذاهب الأربعة في هذه المسألة عن رأي باقي علماء الفقه، حيث أنهم قاموا بإباحة لبس الخواتم الفضة لكن كل مذهب من المذاهب وضع له بعض الشروط ومنها:
1- قول المالكية
قال أصحاب هذا المذهب أنه يجوز لبس الخاتم الفضة للرجال لكن يجب ألا يزيد وزنه عن الوزن المُقدر للدرهمين، وثاني شرط من الشروط أن تكون نية الذي يرتدي الخاتم الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكون غرضه التزين أو التشبه بالنساء، لأن في هذه الحالة يصبح لبسه مُحرم.
2- قول الحنفية
قد استدل أصحاب هذا المذهب على أن الرسول كان يرتدي الخاتم الفضة حتى يستخدمه في الختم على الرسائل التي يرسلها إلى الخارج؛ وقالوا إنه لا يجوز لأي أحد ليس في منصب يُحتم عليه ارتداء الخاتم أن يرتدي الخواتم الفضية.
ذلك لأنه لا يوجد غرض له ولا استفادة من لبسها فمن المستحب أن يتركها أفضل.
3- قول الحنابلة
قد أشار أصحاب هذا المذهب إلى أن لبس الخواتم الفضية للرجال جائز، ولم يقوموا بوضع أي شروط لمن يقوم بارتدائهم، لكنهم قالوا إنه من المستحب ألا يلبس الرجل هذه الخواتم طالما لا توجد له حاجة في لبسهم؛ فيمكنه ترك هذه المسألة لأن فيها بعض الاختلافات.
4- قول الشافعية
قد أجمع أصحاب هذا المذهب على أن لبس الخواتم الفضة جائز لجميع الرجال، ولم يقوموا بوضع أي شروط، لكن نبهوا على ضرورة مراعاة أن يكون الخاتم الفضة الخالصة ولا يدخل عليه أي نسبة من الذهب.
حكم لبس الساعة الفضة
يوجد خلاف على مسألة مشروعية لبس الساعات المصنوعة من الفضة للرجال، فقد قال جمهور من العلماء أن الساعات مثلها مثل قطع الزينة الاخرى التي تلبس في اليد لذلك يُحرم لبسها.
بينما البعض الآخر قالوا إن لبسها ليس فيه شيء إلا أن هذا الرأي ضعيف ولا يمكن الأخذ به ويجب الابتعاد عن لبسها لتجنب الشبهات.
يجب على جميع الرجال المهتمين بلبس الخواتم وقطع الزينة المصنوعة من الفضة أن يتساءلوا عن حكم لبس الفضة للرجال لتجنب الوقوع في الشُبهات.