تجربتي مع الاستغفار والرزق
تجربتي مع الاستغفار والرزق كانت مثل الضوء في آخر النفق بعد أن ضللت الطريق بحثًا عن الرزق في كل مكان لم أجدهُ سوى عِندَ الله، كُنت أعيش حياة كئيبة بسبب الأفكار السلبية، لكن بعد تجربتي مع الاستغفار والرزق قد مّن الله على عبدهُ العائد بعد رِحلةٍ طويلة وصعبة، وباقي التفاصيل الخاصة بتجربتي سأعرضها لكم في موضوعنا عبر موقع الملك.
تجربتي مع الاستغفار والرزق
في بداية الأمر كُنت أعيش حياة ميسورة الحال والحمد لله فكان يأتيني كُل ما أتمناه من قبل أن أطُلبَه بل من قبل أن أفُكر فيهِ من الأساس، ولكن بعض الناس عندما تكون الأموال بحوزتهم يُنفقون المال في سبيل الله ولا يتركون مكانًا أمرهُم الله بالإنفاقِ فيهِ إلا وأنفقوا.
هناك أيضًا ممن لا يُنفقوا المال إلا فيمَ يُشبع شهواتهم ورغباتهم فيما يُغضِبَ الله بهذا الترف في مالا يُرضيه، بل ولا يحمدون الله على هذهِ الأموال، ومن فضل ونعمة اللهُ أنهُ قام بابتلائي في الدُنيا قبل أن أذهب للحياة الآخرة على نفس هذه الحال.
كان هذا الابتلاء من الله -عز وجل- الذي كُنتُ أحسبهُ مُصيبة حين وقعت، وأدركت أنها نِعمة كبيرة من الله عَليّ هي ضياع المال وتغيُر الحال من الغنى إلى الفقر، بالطبع في بداية الأمر نظرًا لكوني لا أرى سوى الشهوات سَخطت عِندما ابتلاني الله بفقد المال.
فظللت على هذا الحال فترة طويلة بسبب أنني كُنت أعمى لستُ أعمى البصر ولكن أعمى البصيرة، وعمى البصيرة من أصعب الأشياء التي من المُمكن أن تُصيب الإنسان لأنها كطرف الخيط حين تسحبهُ ناحيتك يأتي بباقي البكرة لكن عمى البصيرة يأتي بالمصائب والعياذ بالله.
اقرأ أيضًا: فضل سورة البقرة لتحقيق الأمنيات
اللحظة الفارقة في حياة العاصي
في بعض الأحيان يُريد الله بِحكمتهُ أن يوقظ العبد التائه عن الطريق الصحيح، من المُمكن أن يكون داخل هذا العبد العاصي بصيص من النور يراهُ الله ويعلمهُ بِحكمتهِ سُبحانهُ وتعالى، فقد كنُت من هؤلاء الذين أنعم اللهُ عليهم بسلامة الفِطرة التي نجت بفضل اللهِ وحمدهِ وخرجت سليمة من تحت سيطرة المعاصي والشهوات على تفكيري وعملي.
كُنتُ أتجول في أحد الشوارع فوجدتُ شخصًا كان يدرس معي من سنوات في الجامعة، ولكن قد ابتلاهُ الله بمرض السرطان بعد أن سلك طريق الهداية وكان هذا هو الابتلاء الذي حَل بهِ، وصرف عليهِ كُل أموالهُ وحينما كُنا نزورهُ في المشفى كان يقول أنهُ يعلم أن هذا الابتلاء بسبب المعاصي التي كان غارقًا فيها معنا، ولكننا كُنا نستهزأ بحديثهِ في هذا الوقت.
بعد أن صرف مالهُ على العلاج من السرطان أصبح فقيرًا وهذا كان آخر ما كُنت أعلمهُ عنهُ، لكن حين قابلتهُ كان مُرتديًا ملابس غاليةَ الثمن فتعجبت من هذا الحال، فبعد أن ألقينا السلام على بعضنا البعض سرد لي قِصته التي كانت هي نُقطة التحول في حياتي.
الاستغفار سر الرزق والنجاة من النار
فقال لي أنهُ بعد رِحلة العلاج التي جعلت كُل ما يملُك من مال هباءً منثورًا ظل في طريق الهداية لأنهُ كان يعلم أن كُل ما حدث كان ابتلاء من الله للتكفير عن ذنوبهِ، فظل يستغفر الله ويُصلي ويصوم ويزور أقاربهُ الذين كانوا مُقاطعين لهُ مُنذ فترة بعيدة بسبب أحوالهُ التي كانت لا ترضي الله.
فبعد أن ظل مُلتزِمًا على الصراط في الطريق إلى الله رزقهُ الله من حيثُ لا يحتسب وجعل لهُ من هذا الضيق أكبر فرج، فقد مَنّ اللهُ عليه وأصبح مالكًا لإحدى المولات التجارية الشهيرة وفتح أكثر من فرع، وهذا ليس إلا نُقطة من خزائِن الرزق المُمتلئة عِند الله جل وعلا، فسلكت طريق الاستغفار والندم على ما قدمت يداي من معاصي وبعد ذلك مَنّ اللهُ عليّ بالنِعم من كُلِ حَدبٍ وصوب.
من خلال تجربة صديقي وتجربتي مع الاستغفار والرزق أدركت أن الاستغفار من أجلّ العبادات بين العبد وربه، فهو حديث العبد لربه حتى يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، بأن يحقق له أمنياته وأن يرزقه من حيث لا يحتسب بفتح أبواب الرزق أمامه.
كانت هذهِ هي تجربتي مع الاستغفار والرزق التي غيرت مجرى حياتي في الدُنيا والأهم في الآخرة بفضَلِ الله جل وعلا.
هل يقبل الله توبتي بعد المعصية؟
قد يظُن الكثير من العاصين والمُقصرين في حق الله -جل وعلا- أن الله لن يقبل توبتهم نظرًا لما قدموا من معاصي وذنوب، ولكن كُل هذهِ الأفكار إنما هي من عمل الشيطان حتى لا يسلُك العاصي طريق الهداية والوصول للنجاح في الدُنيا والفلاح في الآخرة.
من خلال تجربتي مع الاستغفار والرزق وجدت أن الله سُبحانهُ جل في عُلاه أرحم بنا من أنفُسِنا والحُب الذي يُكِنَهُ اللهُ لنا أكثر من حُب الأُم لصغيرها، ونستدل من قول الله سُبحانهُ وتعالى: “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” [الزُمر: 53]؛ فَمِن هذا المُنطلق نجد أن الله يُبشر عِبادهُ الطائعين بالرحمة والمغفرة.
الاستغفار والتوبة في القُرآن الكريم
خلال السعي في الطريق إلى الله قد يفقد العبد الثقة في نفسهِ بل من الممكن أن الشيطان سيوسوس لهُ في هذا الطريق طوال مُدة السعي إلى الوصول في الدار الآخرة، فقد ذكر اللهُ -سُبحانهُ وتعالى- قول الشيطان في هذا الصدد بهذهِ الآية الكريمة.
“قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ” [الأعراف: 16، 17].
من خِلال الآيات الكريمة التالي ذِكرُها يضرب اللهُ لنا الأمثلة ويُبين أنهُ لن يمل حتى نَمِلُ نحن ونحيد عن الاستغفار، ومن هذه الأمثلة:
- “إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا” [الفُرقان: 70].
- “وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم” [المُزمل: 20].
- “وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ” [هود: 90].
- “وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا” [النساء: 110].
- “وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا” [النساء: 106].
- “فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا” [النساء: 64].
- “فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ” [آل عمران: 159].
- “وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ” [آل عمران: 135].
- “إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” [آل عمران: 89].
- “الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ” [آل عمران: 17].
- “ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” [البقرة: 199].
فحين يتدبر العبد النادم على ما قدمت يداه الآيات السابقة يشعر بالطمأنينة من قولِ الله سُبحانهُ وتعالى، فيجب علينا أن نغتنِم الفرُصة التي منحها اللهُ لنا بالتوبة قبل فوات الأوان وسد باب التوبة في يومٍ تَطلَعُ فيهِ الشمس من مغربِها.
اقرأ أيضًا: فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
سُنن الرسول عليه الصلاة والسلام في الاستغفار
من خلال تجربتي مع الاستغفار والرزق لجأت إلى سُنن الرسول عليه الصلاة والسلام في الاستغفار، ولقد وفرت عليّ الكثير من الوقت في ابتكار طُرق للاستغفار، ومن هذهِ السُنن ما يلي.
كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول ما بين التشهُد والتسليم: “اللهمَّ اغفرْ لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسرفتُ، وما أنت أعلمُ به مِنِّي، أنت المُقدِّمُ وأنت المُؤخِّر، لا إله إلا أنتَ” [رواه مسلم].
عن زيد بن حارثة أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: “أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غُفِرَ له وإن كان فرَّ من الزحف” [رواه الترمذي وصححهُ الألباني].
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة” [رواهُ البُخاري].
من خلال تجربتي مع الاستغفار والرزق بكُل ما مرت بهِ التَجرُبة أستطيع أن أقول بأن الله غفور ورحيم ولا يسبقهُ أحد في الأرض ولا في السماء بالرحمة والغُفران؛ غفر اللهُ لنا وإياكم.