ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته العاملة

ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته العاملة؟ تبعًا للعرف السائد في مجتمعاتنا فإن الإجابة تعتبر معروفة، لكن الذي يثبت هذا العرف هو رأي الدين في هذه المسألة.

فإن توافق الحكم الشرعي مع العرف فيجب والعمل بهذا العرف، وإن لم يوافقه، فيجب الأخذ بآراء الفقهاء، لذا ومن خلال موقع الملك سنتعرف معًا إجابة سؤال ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته العاملة من الكتاب والسنة.

ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته العاملة ؟

وضع الإسلام القواعد التي تحدد دور الزوج وتوضحه والتي أقرت بوجوب إنفاق الزوج علي زوجته وأسرته، قولًا واحدًا صريحًا، وذلك بالرجوع إلى كتاب الله تعالى والسنة وإجماع علماء العصر الحديث.

فنصف قوامة الزوج في إنفاقه على زوجته مما رزقه الله، وكل حسب سعته، لكن ما يحدث من تعلق الزوجة وتركها بدون نفقة ليس من شيم ديننا الحنيف.

اقرأ أيضًا: علاج سحر التفريق بين الزوجين مجرب

الدليل من كتاب الله

ففي قول الله تعالي: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا” [ سورة الطلاق آية 7].
قال أيضًا: “وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [سورة البقرة، آية 233].
أكد الله على وجوب إنفاق الرجل على زوجته، وعدم التضيق عليها في المعيشة، ويظهر ذلك قول الله تعالي:

 “أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ” [سورة الطلاق، آية 6].

الدليل من سنة الرسول

من السنة، نجد رسولنا الكريم القدوة والمثال الذي يجب علينا اتباعه والتحلي بصفاته وأخلاقه الكريمة، فلقد ضرب لنا رسول الله أعظم مثال في خدمة الرجل لأهل بيته ومراعاة الزوج لزوجه، والرحمة والمودة في الزواج.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» أخرجه مسلم في “صحيحه”.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج».
وعَنْ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ” قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ : ( أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ ، وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ ، وَلَا تُقَبِّحْ ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ) رواه أبو داود ( 2142 ) ، وابن ماجه ( 1850 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود “.

الدليل من إجماع العلماء والفقهاء

عند توجيه السؤال ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته العاملة،
اجتمع فقهاء الإسلام علي وجوب نفقة الزوجة علي زوجها ، وأنه بعد أن تسلم المرأة نفسها إلي زوجها وجب عليه جميع حاجاتها.
الزوج يجب عليه التكفل بأمور الزوجة والأسرة من جميع النواحي، فيجب على الزوج توفير:
1- المسكن الذي يصلح للمعيشة ويحقق راحة زوجته وأولاده.
2- الإنفاق المادي على زوجته ورعاية متطلباتها من مأكل وملبس ومشرب، وحاجة أسرته في التعليم والعلاج.
3- القوامة التي حمَلها الله للرجل من شروطها أن يتكفل الرجل بالإنفاق على جميع أهل بيته، وأنه سيسأل عن ذلك، ويستثنى منها فقط الزوجة الناشز والزوجة التي لم تبلغ بعد.

الإجابة على سؤال ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته العاملة من إجماع العلماء هي أن الزوج الذي لا ينفق على زوجته اّثم، ويجب عليه التوبة وتنفيذ أوامر الله، واعطاء زوجته حقها لوجوب إنفاقه عليها ورعايتها ماديًا.

اقرأ أيضًا: حديث الرسول عن اختيار الزوجة

ضوابط التعامل المادي بين الزوجين

اضطرت ظروف المعيشة الصعبة النساء لأن يقمن بالبحث عن الوظائف والنزول إلى الشارع بغرض تحسين دخلها والمساهمة في رفع بعض العبء عن زوجها.

لتوفير بعض متطلبات الحياة التي لا يقوى عليها زوجها، لكن هذا وضع الشرع ضوابط للتعامل المادي بين الزوج وزوجته، وسنتعرف على هذه الضوابط من خلال النقاط التالية.

  • الزوجة لها ذمة مالية مستقلة، ولا يحق لزوجها أخذ شيء من مالها، وإذا وضعت من مالها في بيتها بقرارها فهذا يرجع لها وحدها ولها حق التصرف فيه، فلا يطالبها أحد إذا انقطعت، ولا يلزمها ذلك بأي شيء من واجبات زوجها.
  • يتوجب على الزوج الإنفاق على زوجته حتى إذا كانت تعمل، ولا يحق له منع المال عنها بحجة أنها تجني المال وليست في حاجة إليه، فمن قوامة الرجل على زوجته، والتزامه بدينه ومنهاج الإسلام، أن ينفق على زوجته في أي حال كان سواء كانت تعمل أم لا.
  • لا يحق للزوج أن يطالب زوجته بأخذ جزء من مالها، أو إجبارها بإعطائه له بأي.

اقرأ أيضًا: علامات ندم الزوجة بعد الخيانة

إن لم ينفق الزوج على زوجته فهل يحق لها الامتناع عن جماعه؟

المعروف عند أهل العلم أن التمكين في مقابل النفقة، بمعنى أن الزوج مطالب بالإنفاق على زوجته، بمجرد أن تمكنه منها، فهل يجوز عكس الحالة هذه، بأن تمنع الزوجة نفسها عن تمكين زوجها منها إذا لم يقم بواجبه تجاهها ولم ينفق عليها؟
إذا ترك الزوج واجبه ولم ينفق على زوجته كما أمره الله وقد استنفذت كل طرقها في الطلب منه، فهي مخيرة، إما أن تتركه أو تصبر عليه حتى يصلح الله أمره، وفي حالة أنها صبرت عليه، فيمكنها ألا تمكنه منها، بغرض الاستمتاع، ومن رأي العلماء ذلك.
قال البهوتي رحمه الله في “كشاف القناع” (5/477):

” (وَلَهَا الْمَقَامُ) عَلَى النِّكَاحِ (وَمَنْعُهُ مِنْ نَفْسِهَا فَلَا يَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ وَلَا الْإِقَامَةُ فِي مَنْزِلِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَحْبِسَهَا بَلْ يَدَعَهَا تَكْتَسِبُ وَلَوْ كَانَتْ مُوسِرَةً) لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهَا عِوَضَ الِاسْتِمْتَاعِ”

امتناع الزوجة يكون في المقام الأول الغرض منه اصلاح الزوج وضبط سلوكه، ويجب ألا يكون هذا أول أمر تلجأ إليه إذا امتنع عن النفقة، بل يجب عليها اللجوء أولًا للتفاهم والكلام مع ولي الأمر والمحاولة حتى إذا اضطرت.

الزواج الناجح يسير بتعاليم كتاب الله وسنة رسوله، رغبة في تأسيس بيت مسلم سعيد، وهذا لن يتم إلا ببذل الجهود ومراعاة الآخر وعدم إرهاقه، وقتها تأتي البركة وتسكن هذا البيت الطيب وتحل عليه السكينة.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا