ما الفرق بين الغيبة والنميمة

ما الفرق بين الغيبة والنميمة؟ وما عقوبة كل منهما؟ هناك بعض السيئات التي يرتكبها المسلمون ولا يعرفون حكم الله فيها، يرجع السبب في ذلك لجهل البشر بتعاليم الإسلام، والجدير بالذكر أن من أبشع تلك الذنوب هي الغيبة والنميمة، لذلك من خلال موقع الملك سوف نوضح ما الفرق بين الغيبة والنميمة ونتعرف على حكم الإسلام في هذا الأمر.

ما الفرق بين الغيبة والنميمة

هناك بعض الأشخاص الذين يختلط بينهم الأمر بين مفهوم الغيبة والنميمة واعتبارهم شيء واحد، كذلك هناك من لا يعتبرونه خطأ من الأساس لكن الغيبة أو النميمة من أكثر الأفعال التي حذر منها الله سبحانه وتعالى ورسولنا الكريم.

تُعرف الغيبة على أنها ذكر الإنسان لأخيه بالسوء وهو غائب أي بظهر الغيب ويأتي الغيب هنا من تصريف الغياب أي أنك تقوم بذكر السوء الذي يحتويه أخاك من عيوب جسدية أو نفسية أو ما يرتديه من ثياب وإذا وصله هذا الكلام لكان قد غضب منه وقد حذر الله في آياته الكريمة عن هذا الأمر في قوله: «وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا» (سورة الحجرات:12)، كما ذكر الرسول في أحد أحاديثه النبوية في قوله:” تدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره”. رواه مسلم.

كما أن الغيبة تعتبر من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى هلاك الإنسان حي، بالإضافة إلى أنها من الكبائر برأي أحد العلماء لذا فإن فعلها حرام شرعًا وقد نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله:” إِنَّ العبدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ ما يَتَبَيَّنُ فيها، يَزِلُّ بِها في النارِ أَبْعَدَ مِمَّا بين المَشْرِقِ والمغربِ“.

أما النميمة هي عندما يقوم الشخص بنقل الكلام من مكان إلى آخر، كما أنه يفعل ذلك بغرض الإيقاع بين الناس ونشر الكراهية إلا أن هناك بعض المواقف التي يستحب فيها النميمة بغرض هادف وصالح.

فتكون النميمة في موقعها الصحيح في حالة أنها ستنقذ حياة أحد أو يقوم بإبعاد نفسه عن خطر كبير سوف يقع به، في هذه الحالات قد تستحب النميمة ولا مشكلة فيها.

اقرأ أيضًا: حكم البعد عن أعين الناس عند قضاء الحاجة

الحالات التي يجوز فيها الغيبة

هناك بعض الحالات البسيطة التي صرح الله بها الغيبة ولكن تقوم وفق معايير محددة من قِبل الموقف ومن ضمن هذه الحالات الآتي:

  • في الحالة التظلم، لأن الشخص في هذا الموقف قد يقول فعل بي الشخص هذا وهذا ويذكر المساوئ.
  • في حالة النصح فقد يذكر المسلم بعض المساوئ في شخص ما للتحذير منه عن عدم ارتكاب نفس الخطأ مرة أخرى.
  • التعريف به، فهناك بعض الأشخاص التي يطلع عليها الأعرج والأعمى فمن الممكن مناداته به ولكن لا يجب وصفه بها وإذا كان هناك لفظ يمكن استبداله به كان أفضل.

هناك بعض الحالات الطفيفة الأخرى التي من الممكن السماح بها مثل الوصف أو تمييز الشخص مثلًا ولكن يجب علي المسلم حفظ لسانه وطريقة تعبيره لتجنب الوقوع في المعاصي وحفظ مكانة الإسلام بين الشعوب.

عقوبة الغيبة والنميمة

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لَمَّا عَرَجَ بِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظَافِرُ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ فَقَالَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ».

لذا فقد جاء عن بعض علماء الدين أن الإنسان يجب عليه
أن يحفظ لسانه من السوء والاستطالة في الناس ذمًا وقدحًا، كما يجب عليه ألا يستخدم لغة العموم في كل الأقوال كما يجب عليه أن يذكر الشخص المخصص ولكن بغرض التحذير والتنبيه وليس الغيبة والتشهير.

كما أوضح بعض العلماء أن الغيبة تعتبر من أهم الكبائر التي يتهاون الناس بها فإذا كان البعض يتجنب ارتكاب فعل القتل والزنا والشرك بالله سبحانه لاعتبارهم من الكبائر فهم يقومون بالغيبة في كثير من الأوقات دون دراية منهم أنها أيضًا أنها من أكبر الكبائر التي حذر الله سبحانه وتعالى منها.

كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك الأمر “مَن قالَ في مؤمنٍ ما ليسَ فيهِ أسكنَهُ اللَّهُ رَدغةَ الخبالِ حتَّى يخرجَ مِمَّا قالَ“، [٣] والمرادُ في قول أحد العلماء: “أنَّ الله يعذِّبُه بعُصارةِ أهل النَّار وصَديدِهم، حتى يتوب ويستَحِلَّ ممَّن قال فيه ذلك”. [٤]

حكم الغيبة والنميمة

بعد أن تعرفنا على ما الفرق بين الغيبة والنميمة، يجب العلم أن جاء حكم الإسلام في هذا الأمر شديد الوضوح فلم يستطع أحد العلماء إنكار الأمر ولا معرفة المسلمين بتعاليم دينهم فقد ذكر الله سبحانه وتعالى مدى حرمانية ذلك الأمر.

كما أنه من الكبائر الذنوب التي وجبت التوبة عنها، ولم تختلف الآراء في ذلك فقد اجتمعت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والكتب التاريخية الإسلامية ومذاهب الإسلام على الأمر.

لكن الجدير بالذكر هنا هو أنه على الرغم من أنها تعد من الكبائر إلا أن وقوع الذنب بتفاوت حسب مقدار الضرر العائد على الشخص.

قد جمع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إثم العِرض مع إثم المال والدم، فقال -عليه الصّلاة والسّلام-: (كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ)، [٩] فإن كان سلب المال وقتل أو إيذاء النفس بغير حق من الكبائر، فمجيء الحديث عن العِرض معهم يدلّ على أنّه من الكبائر، وهذا ما قاله ابن حجر -رحمه الله [١٠].

كما بين الإسلام أن النميمة من الكبائر والتي تعد من أهم الأسباب لعذاب القبر وجاءت الدلالة على ذلك الأمر في قول ابن عباس -رضيّ الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (مَرَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى قَبْرَيْنِ فقالَ: أما إنَّهُما لَيُعَذَّبانِ وما يُعَذَّبانِ في كَبِيرٍ، أمَّا أحَدُهُما فَكانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ، وأَمَّا الآخَرُ فَكانَ لا يَسْتَتِرُ مِن بَوْلِهِ). [١٤] [١٥]

اقرأ أيضًا: حكم إزالة الشعر بين الحاجبين للرجل

أسباب فعل الغيبة والنميمة

في ظل التعرف على ما الفرق بين الغيبة والنميمة، يجب معرفة أن هناك بعض الأسباب الجوهرية التي قد تدفع بعض الناس لارتكاب الغيبة عن قصد أو من دون، وذلك ينتج عن عدة مشاعر قد تنتابه مثل كراهية ذلك الشخص المغتاب أو الغيرة لذا سوف نوضح بعض النقاط المهمة التي تبين أهم الأسباب لارتكاب المسلم ذلك الفعل ومنها:

  • الحقد والحسد تجاه الطرف الآخر مما يدفعه لذكر مساوئه.
  • الصراع نحو الانتصار مما يدفعه لذكر مساوئ الآخرين من أجل الحط من مكانتهم.
  • التسلية واضاعة وقت الفراغ فيما يفيد.
  • ضعف الإيمان لدى المغتاب وجهله لمدى حرمانية فهل الأمر سواء في السر أو العلانية.
  • سوء الظن في ذلك الشخص مما يجعله اغتياب المساوئ في نفسيه ومن ثم بلسانه.
  • الجهل بمدى عقوبة الأمر في الإسلام مما يدفعه للقيام بالأمر دون اهتمام.
  • السعي الدائم وراء عظمة النفس مما يدفعه بالذكر الدائم لمساوئ الآخرين.
  • الصحبة الضالة، فقد يجتمع الشخص مع بعض الأفراد الذين يكون غلهم الشاغل هو النميمة والبهتان والغيبة لذا فقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله:” الرجلُ على دينِ خليلِه فلينظرْ أحدُكم من يُخالِلُ“، لذا فيجب على الشخص التنبه لمن يصاحبه حتى لا يدفع به للهلاك دون علم.
  • نشأة الشخص في بيئة غير سوية وبعيدة عن التعاليم الإسلامية ومعرفة أصول الشريعة الإسلامية.
  • التطلع لأعلى المناصب مما يدفع اغتياب زملائه من أجل الحصول على ما يريد من خلال التقرب إلى المسؤولين أصحاب العمل.

أضرار الغيبة

بعد أن تعرفنا على أهم النقاط التي تبين ما الفرق بين الغيبة والنميمة يجب على الشخص معرفة أهم الأضرار التي تقع على الشخص بسبب ارتكابه لذلك الخطأ الفادح ومنها:

  • من أول الأشياء التي يجب على الشخص القيام بها عند توبته هو طلب العفو من الشخص المغتاب عليه ليسامحه.
  • استمرار الغيبة تتحول تدريجيًا إلى عادة ملازمة ولا يستطيع الشخص تركها بسهولة، كما يؤدي إلى طابع سيء داخل صاحبها ومن ثم حدوث السمع السيئة عنه والابتعاد عنه بقدر الإمكان.
  • زيادة السيئات الضعف وتقليل الحسنات فقد ذكر عن الرسول صلى الله عليه وسلم في إحدى أحاديثه مع عائشة رضي الله عنها حين قال لها عندما تحدثت عن صفير رضي الله عنها، فقال:” لقدْ قلتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بماءِ البحْرِ لَمَزَجَتْهُ“.
  • تعتبر الغيبة أربى الربا حين جاءت في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال:” وإِنَّ أربى الرِّبا استطالَةُ الرجلِ في عرضِ أخيهِ”.
  • ابتعاد الأقران عن الشخص المغتاب حيث يجب على المسلم رد الغيبة بالنصيحة للشخص المُغتاب فإن لم يفعل بها يهجره ويدعه لشأنه.
  • تعتبر الغيبة نوع من أنواع الظلم حيث يقوم فيها الشخص بتبع بعض الصفات السيئة في الآخرين والتي قد تكون خاليه منها، وهنا يعتبر الظلم من موجبات العذاب يوم القيامة فقد قال تعالى:” وَلا تَحسَبَنَّ اللَّـهَ غافِلًا عَمّا يَعمَلُ الظّالِمونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُم لِيَومٍ تَشخَصُ فيهِ الأَبصارُ ويأتي فيما معناه أن المُغتاب يأتي على حق الله وحق عباده بالظلم.
  • وعد الله الشخص المغتاب بالفضيحة بين النسا وقد جاءت الدلالة في ذلك الأمر في قول الرسول صلى الله عليه وسلم في:” يا مَعْشَرَ مَن آمن بلسانِه ولم يَدْخُلِ الإيمانُ قلبَه، لا تغتابوا المسلمينَ، ولا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِم، فإنه مَن تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيه المسلمِ، تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه، ومَن تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه، يَفْضَحْهُ ولو في جوفِ بيتِه”.
  • تؤدي الغيبة إلى أشد العذاب يوم القيامة وهي الإفلاس فقد حدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن المفلس يوم القيامة ذاكرًا:” نَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ”.
  • قد جاء في وصف الله للغيبة من شدة بغضها أنها د من الميتة وذلك في قوله:” وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ“.

أضرار النميمة

هناك بعض الأضرار العائدة على الشخص النمام والتي تبينت من خلال بعض الأحاديث والآيات القرآنية ومنها ما يلي:

  • تجلب السمعة السيئة لصاحبها.
  • تشغل الناس فيما ليس من شأنه ومنها يتم التشكيك في درجة أمانته من قِبل الناس.
  • تعد من أكبر الأسباب التي تدفع الشخص لدخول الناس يوم القيامة.
  • تؤدي إلى الإفساد بين الناس وإلحاق الضرر والمشاكل بهم.
  • تدل على دناءة النفس والنفاق الشديد في الدنيا وهي من أولى الأفعال التي يتم التعذيب بها في القبر.
  • تدفع الشخص للسعي وراء أخبار الناس والتسلط على حياتهم وهذا ما حذر الله سبحانه وتعالى منه المسلمين.
  • تحلق الدين، حيث ذكر عن الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله:” ألا أُخبركم بأفضلَ من درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ؟ قالوا: بلى قال: إصلاحُ ذاتِ البَيْنِ؛ فإنَّ فسادَ ذاتِ البَيْنِ هي الحالقةُ” وتبين الحالقة هنا أنه من الأشياء الناهية للإنسان سواء كانت من أمور الدين أو الدنيا.

طرق التخلص من الغيبة والنميمة

هناك بعض الطرق التي يجب على المسلم سلوكها من أجل التخلص من بعض العادات البغيضة التي تبناها مؤخرًا، فمن خلال تعرفنا على ما الفرق بين الغيبة والنميمة واضحنا الفروق الطفيفة بينهما نجد أن الطرق التي يجب اتباعها لتركهم هي واحدة ومتماثلة وتتلخص في:

  • الحفاظ على الصلوات الخمس.
  • ضع رقابة الله أمامك فيما تقول وتفعل.
  • الإكثار من ذكر الله تعالى في جميع الأوقات.
  • الحفاظ على أذكار الصباح والمساء.
  • اتبع نصح المسلمين في ابعادهم على الخطيئة.
  • ابتعد عن وصف الآخرين ببعض الصفات الغير محببة كالأعمى والأعرج لعدم الوقوع في الخطأ.
  • تذكير المغتاب بعقاب الله تعالى.
  • ردع المغتاب عن فعله وإن كان صديقك فيجب عليك تحذيره وإن لم يستجب فوجب عليك هجرانه.
  • احرص على تغيير الفعل الخاطئ باليد واللسان.

اقرأ أيضًا: حكم لبس الذهب للرجال

كفارة الغيبة والنميمة

يفتح الله دائمًا أبواب الجنة لعبادة المخطئين ليردهم إليه، لذا يجب على المسلمين انتهاز تلك الفرص للتقرب من الله عز وجل والتخلص من الذنوب والخطايا التي يرتكبونها لذا من خلال النقاط التالية سوف نقوم بعرض بعض الأفعال التي يجب تتبعها من أجل التوبة عن المعاصي وعلى رأسها الغيبة والنميمة ومنها ما يلي:

  • الذكر والدعاء من أجل التقرب إلى الله عز وجل.
  • الاقتناع التام بمدى بغض تلك الصفات والابتعاد عنها.
  • الاعتراف بالخطأ أو الذنب المحدد والشعور بالندم تجاهه ومنه نصف طريق التوبة.
  • التغلب عن شهوات النفس الدنيوية وردعها بالابتعاد عن تلك الذنوب خوفًا من عقاب الله سبحانه وتعالى.
  • حسن اختيار الرفقة التي تجاورها والتي تعاونك على الطريق المستقيم والابتعاد عن المعاصي.
  • التعود على ذكر الله لتطهير اللسان من الذنوب التي تداولها.
  • أخذ النية الخالصة بعدم العودة لارتكاب تلك المعاصي مرة أخرى.

قد أوضح الله سبحانه وتعالى من خلال الآيات مدى بغض الغيبة والنميمة واعتبارهم من الكبائر، لذا يجب على المسلم ترك ما لا يعنيه والاهتمام بشؤون حياته والتقرب إلى الله عز وجل.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا