فوائد سورة الرحمن العلاجية
فوائد سورة الرحمن العلاجية لامسها الكثيرون، ذلك أن القرآن كله خير، تحصل به السكينة والراحة، وطمأنينة الصدر، وقد شاع كثيرًا أن لسورة الرحمن أفضال وآثارًا طيبة في الشفاء، سواء من الأمراض القلبية، أو الأمراض الجسدية، لذا نبين رأي الشريعة الإسلامية في هذا الأمر عبر موقع الملك.
فوائد سورة الرحمن العلاجية
لم يرد أثرًا عن رسول الله أو حديثًا صحيحًا يدل على تخصيص سورة الرحمن بالشفاء، لاسيما كما يدعي البعض من ضرورة قراءتها عدد معين في اليوم، وبكيفية معينة ليحصل التشفي بها.
فالأصل أن كلام رب العالمين كله يحصل به الشفاء، دلّ على ذلك قول الله عز وجل: “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا” (سورة الإسراء: 82) هذا الشفاء عام، يشمل الشفاء من الأمراض الحسية، والمعنوية.
كما قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ” (سورة يونس: 57)
في ذلك يقول ابن القيم –رحمه الله-: “فَالْقُرْآنُ هُوَ الشِّفَاءُ التَّامُّ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْوَاءِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ، وَأَدْوَاءِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَا كُلُّ أَحَدٍ يُؤَهَّلُ وَلَا يُوَفَّقُ لِلِاسْتِشْفَاءِ بِهِ، وَإِذَا أَحْسَنَ الْعَلِيلُ التَّدَاوِيَ بِهِ، وَوَضَعَهُ عَلَى دَائِهِ بِصِدْقٍ وَإِيمَانٍ، وَقَبُولٍ تَامٍّ، وَاعْتِقَادٍ جَازِمٍ، وَاسْتِيفَاءِ شُرُوطِهِ، لَمْ يُقَاوِمْهُ الدَّاءُ أَبَدًا“.
على الرغم من ذلك.. فإن البعض يرون من سورة الرحمن أثرًا طيبًا على المريض، نظرًا لما تحتوي عليه السورة من أسرار وعجائب، ولامس البعض العديد من فوائد سورة الرحمن العلاجية، هي:
- في قراءتها وقاية من السحر والمس، لذا فإن كثير من الأشخاص يدخلها في الرقية الشرعية لطرد الجن.
- تجذب الملائكة في البيت، وتكون سببًا في طرد الشياطين.
- سببًا في استجابة الدعاء، إذا ما قرأها العبد قبل الدعاء، كما أنها تمتنع العبد اليقين، لما تشتمل عليه من مقاصد ربانية وإيمانية.
- السكينة والسلام النفسي الذي يحصل عليه المرء عند سماعها أو تلاوتها.
- بالمداومة عليها.. يحصل للعبد الفرج، وتصيبه الطمأنينة، والسكينة، ويشعر بالراحة والأمان.
- قيل إن قراءتها ليلًا يساعد على طرد الشياطين.
- كما قيل إن قراءتها على الماء ومن ثم شرب هذا الماء يساعد على الوقاية من العديد من الأمراض الجسدية.
اقرأ أيضًا: السورة التي تزيد من جمال الوجه
فضل سورة الرحمن
سورة الرحمن لها من الفضل والمنزلة ما ثبت لسائر سورة القرآن، بيد أنه لم يرد لها أفضالًا مخصوصة، إلا ما ورد في بعض الأحاديث الضعيفة، منها:
- ما روي عن علي بن أبي طالب، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “ لِكلِّ شيءٍ عروسٌ وعروسُ القرآنِ الرَّحمنُ”
- كذلك ما روته فاطمة رضي الله عنها أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: “ قارئ الحديد، وإذا وقعت الواقعة، والرحمن، يدعى في ملكوت السماوات والأرض ساكن الفردوس.“
كما ورد في فضلها حديثًا صحيحًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ لقدْ قرأْتُها (يعني سورةَ الرحمنِ) علَى الجنِّ ليلَةَ الجنِّ، فكانوا أحسَنَ مردودًا منكُمْ، كنتُ كلَّما أتيتُ على قوله فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ قالوا: ولَا بشيءٍ مِّنْ نعَمِكَ ربَّنا نُكَذِّبُ فلَكَ الحمْدُ.”
أسرار سورة الرحمن
استكمالًا لبيان فوائد سورة الرحمن العلاجية، لا بد من الإحاطة التامة بكامل فوائد وأسرارها، وما تحتويه السورة، لتكون سببًا في الشفاء، منها:
- ذُكِر فيها العديد من آلاء الله التي لا تعد ولا تحصى، والكثير من نِعَمه الظاهرة على العباد، أهمها نعمة تعليم القرآن، حينما ذكرت السورة تلك النعمة ووصفت القرآن بكونه المنةَ الكبرى على الإنسان.
- تميزت بأسلوبها البديع، حيث اُفتُتِحت السورة بذكر اسم الرحمن، ولم يرد سورة أخرى افتتحت باسم من أسماء الله سواها.
- تكرار آية ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾؛ من باب التعدد والتعظيم والامتنان، وهذا من فصيح اللغة.
- بدأت السورة بتعداد نعم الله الكثيرة على خلقه، من ثم ذكرت العديد من دلائل قدرته سبحانه وتعالى، والتي منها تسخير السفن الكبيرة، وتسيير الأفلاك، ثم تحدثت عن الكون وما يحويه بشكل عام.
- اشتملت السورة على أسلوب الترغيب والترهيب، حيث بين الله عز وجل فيها أهوال يوم القيامة، من ثم حديثه عن حال الأشقياء المجرمين، وما يصدر عنهم من فزع، ثم ذكر نعيم المتقين في شيء من الإسهاب والتفصيل؛ من باب الترغيب في نيل هذا الفضل وتلك المنزلة.
- تميزت بتناسق الكلمات فيها، الأمر الذي يظهر جمال السورة بوضوح، لذا حينما سمعها قيس بن عاصم أثنى عليها الكفار قبل المسلمين عند سماعها.
- جاءت السورة في نسق بديع ملحوظ، حيث تحدثت عن وجود الله، وعظيم قدرته، ثم تحدثت عن إبداعه في الكون، وفيض نعمه على خلقه، وأسهب الحديث عن الثقلين، وجاءت وقفات الآيات متناسقة.
- ذكرت العديد من نعم الله الكبرى والصغرى، وحثت العباد على شكر تلك النعم، وإجلالها.
اقرأ أيضًا: فوائد سورة مريم للحامل
مقاصد سورة الرحمن
من أجل العلم بما تشتمل عليه السورة من أسرار، وأفضال، ولمعرفة فوائد سورة الرحمن العلاجية، كان حرِيٌّ بنا أن نبين موضوعاتها ومقاصدها.
- من أهم مقاصدها هو إثبات عموم الرحمة لله عز وجل، والترغيب في شكره على نعمه، والترهيب من عذابه وانتقامه على الكافر الجاحد، لذا افتتحت بقوله “الرحمن”
- قال الزمخشري: “ أراد الله أن يقدم في عدد آلائه أول شيء ما هو أسبق قدماُ من ضروب آلائه، وأصناف نعمائه، وهي نعمة الدين، فقدم من نعمة الدين ما هو أعلى مراتبها، وأقصى مراقبها، وهو إنعامه بالقرآن، وتنزيله، وتعليمه.”
- البدء بالثناء على الله عز وجل، وبيان ما أنعم على العباد به من تعليم القرآن.
- فيها تذكيرٌ بيوم الحشر والجزاء، كما اختتمت السورة بتعظيم الله، والثناء عليه، حيث قال الله عز وجل: “ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ“
- فيها تذكير بعظيم قدرته عز وجل، وبديع خلقه، وبين خلق الجان وجزائهم.
- فيها بيان لحال المؤمن الموحد، والكافر الجاحد، وبيان الجزاء الذي أعده الله عز وجل لكل منهم، كما بين درجات الجنة، ووصف تلك الجنان بأسلوب رائع، تجلت من خلاله النعم التي أنعم الله بها على أولئك المتقين.
- الرد القاطع على مزاعم المشركين بأن القرآن أساطير، وأنه سحر أو شعر، وبين انه كلام منزل من عند الله، وأن الله عز وجل علم النبي القرآن، بقوله “علم القرآن”.
- بينت أن البقاء لله وحده، وأثبتت الفناء للأرض ومن عليها.
- بيان أحوال المؤمنين يوم القيامة، وأنهم صنفان، وأنهم يكونون درجات بعضهم فوق بعض، بعضهم في أعلى الجنان، وبعضهم في جنان أدنى في الدرجة.
- أمرٌ بالعد والإحسان، وضرورة أداء الحقوق، وبين حاجة الناس إلى الرحمة، كما بين ما أعده الله عز وجل للمكذبين من جزاء، وما أعده للمتقين من كرامة وثواب.
- أن الحساب والجزاء آت لا محالة، وأنه لا فرار منه، وأن الله سيجازي جميع الخلائق يوم القيامة، حيث قال: “ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ” فتحدّت الإنس والجن أن ينفذوا من أقطار السماوات والأرض.
اقرأ أيضًا: كم استغرق نزول سورة البقرة
حكم الاستشفاء بسورة الرحمن
من أجل بيان فوائد سورة الرحمن العلاجية، كان لِزامًا أن نُبين حكم الشريعة الإسلامية في الاستشفاء بالقرآن الكريم.. فهل القرآن الكريم شفاء لما في الصدور، أم للأبدان كذلك؟
أخبر الله عز وجل أن القرآن شفاء ورحمة للناس، حيث قال: “ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ” (الإسراء: 82).
بيد أن بعض العلماء يرى أنه يقتصر على شفاء القلوب فحسب، بينما يرى جمهور أهل العلم أن الشفاء المراد في الآية شفاء عام، يشمل الأمراض الجسدية والقلبية، فإذا ما أحسن المريض التداوي به، وأتم كامل شروطه، وكان في فقلبه يقين جازم أنه تحصل به الشفاء كان له كذلك.
هناك العديد من الأدلة التي لا تقتصر على إثبات فوائد سورة الرحمن العلاجية فحسب، بل تدلل على أن القرآن كله شفاء لأمراض الأبدان والقلوب، هي:
- أنها سبب في تطهير الأرواح وإصلاحها، وإذا صلحت الأرواح، حصل الصلاح للأبدان كذلك، لذا يقول ابن القيم: “ قد علم أن الأرواح متى قويت وقويت النفوس والطبيعة تعاونا على رفع الداء وقهره.”
- أن النبي صلى الله عليه وسلم عالج بالرقى، كما أقرّ فعل الصحابة وأشاد عليهم المعالجة بالقرآن، وقد استخدم للتشفي من الآفات كالحمى والصرع، وهي من أمراض البدن.
- قال القرافي في تعريف الرقى، والتي تتضمن على آيات القرآن: “ الرقى ألفاظ خاصة يحدث عندها الشفاء من الأسقام والأدواء والأسباب المهلكة، ولا يقال لفظ رقى على ما يحدث ضرراً بل ذلك يقال له: السحر.”
- قراءة القرآن من أنفع الأدوية لعلاج أمراض البدن مثل: السحر والعين والحسد، ومس الجن، ونحو ذلك.
- صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه استشفى بالقرآن، وأقر من أرقى بكتاب الله عز وجل، من ذلك: “ أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ كانَ إذا اشتَكى يقرأُ في نفسِهِ بالمعوِّذاتِ وينفُثُ، فلمَّا اشتدَّ وجعُهُ كنتُ أقرَأُ عليْهِ وأمسَحُ عليْهِ بيدِهِ رجاءَ برَكتِها.”
- كذلك ثبت أن كل من رَقى بالقرآن حصل له الشفاء على أيدي من رقاه، وقد وردت العديد من الأحاديث الصحيحة التي تثبت ذلك.
لطالما كان القرآن الكريم عزيز، لو نزل على الأرض لقطعها، ولو نزل على الجبال لصدعها، فكيف لأمراض القلوب والأبدان أن تقاومه فلا يحصل منه برأها!