حق الزوجة على الزوج في المعاملة

حق الزوجة على الزوج في المعاملة هو حق أصيل كُفل لها في كل الأديان وكل المصادر الإلهية، فقد شرعه لها الله تعالى في كتابه العزيز وفى السنة المطهرة عن طريق تبليغ الرسول – صلى الله عليه وسلم- لنا وهذان هما أصلي التشريع في الدين الإسلامي بالإضافة إلى الإجماع والقياس أيضًا، لذا من خلال موقع الملك سنقوم بتفصيل حق الزوجة على الزوج في المعاملة.

حق الزوجة على الزوج في المعاملة

شرع الله الزواج للوصول لغاية العفة والبعد عن المعاصي والرذائل غير اللائقة التي يمكن أن تنجذب لها النفس البشرية التي تحث على المعصية بفعل الشيطان، والزواج هو الوسيلة الوحيدة لغلق أبواب الشيطان.

الزواج له ضوابط موضوعة ثابتة يتم من خلالها إتمام هذه العلاقة الراقية بين طرفين ذكر وأنثى، بداية من ذكر المرأة في بيت أهلها، ثم إتمام الخطبة، ثم الزواج بعد إتمام عقد الزواج بين ولي المرأة وبين الرجل، ومن هنا تبدأ صفحة الزواج بالمودة والرحمة فيما بينهما تصديقًا لقوله تعالى:

﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (سورة الروم: الآية 21)

يتمتع كل من الزوج والزوجة بالعديد من الواجبات المشروعة في الإسلام، كما أنه على كل واحد منهما واجبات يجب تأديتها تجاه الآخر، ويعد حق الزوجة على الزوج في المعاملة من أهم واجبات الزوج التي يجب تأديتها لزوجته حتى تستقيم الحياة بينهما.

الحياة الزوجية هي حياة مصيرية بين طرفيها، وكلما أصرا معًا على اجتياز مصاعبها زاد التفاهم وحل السلام على هذه العلاقة، فيجب على طرفيها التنازل والتخلي عن بعض الرغبات والأهواء الشخصية ليعبروا بعلاقتهما لبر الأمان وعدم النزوح في بئر المشكلات والخلافات.

من أهم العوامل التي يجب اتباعها لإنجاح تلك العلاقة هو معرفة الحقوق والواجبات على كل من الطرفين (الزوج والزوجة) فيجب على الزوج أن يفعل لزوجته كل الأمور التي تجعلها راضية معه، حتى تقوم بالدور المطلوب منها هي أيضًا لينعم معها بنفس الدرجة من الرضا والسماح في المعاملة.

عندما يقوم الزوج بمعرفة الأمور المتعلقة بحق الزوجة على الزوج في المعاملة، تكتمل الحياة بينهما، وحقوق الزوجة في الشريعة الإسلامية كثيرة ومختلفة فمنها أولا: الحقوق المالية؛ ثانيًا: الحقوق في المعاملة، ويمكن الاطلاع عليهما فيما يلي:

1- الحقوق المالية للزوجة

يجب على الزوج إعطاء الزوجة أو وليها مهر من المال قبل الدخول بها، وذلك لضمان حقها المكفول من قبل الله تعالى كما خاطبنا في قوله تعالى:

فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ” (سورة النساء: الآية 24).

فالمهر مقابل البضع (استمتاع الزوج بزوجته مقابل هذا المهر) كما أن على الزوج توفير المال للنفقة عليها، يجب على الزوج معرفة حق الزوجة على الزوج في المعاملة والتي من أهمها النفقة عليها أي توفير الاحتياجات الأساسية لبيته وزوجته وعدم الإخلال بهذا.

حتى لا تبدأ المشاكل في الطفو على السطح ولا يستطيع بعدها حل المشكلات المترتبة على قلة النفقة، وذلك مصداقًا لقوله تعالى:

الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ” (سورة النساء: الآية 34).

هذه النفقة تكون على الزوج للزوجة في المأكل والملبس والمسكن.

توفير سكن مناسب للزوجية وتكون أركانه الثلاثة متوفرة، أولا: أن يكون السكن مستقلًا ولا يشترك معها فيه أحد من أهل زوجها أو آخرين؛ ثانيًا: أن يكون المسكن آمنًا بحيث تطمئن الزوجة على نفسها فيه ولا تخاف من أي شيء يحيط بها من الداخل أو الخارج؛ ثالثًا: أن يكون المسكن مناسبًا للحالة الاجتماعية للزوجين.

من حقول الزوجة أيضًا فصل زمتها المالية عن زوجها، فيجب على الزوج ألا يدمج الذمة المالية لزوجته إلا برضاها التام، وذلك لأن الإسلام جعل للمرأة زمة مالية مستقلة.

كما أقر لها التملك والتصرف في أموالها كيفما شاءت، ولا علاقة لزوجها بأي من تصرفاتها المالية إلا من باب النصيحة لها، وذلك اقتداء بالنبي محمد – صلى الله عليه وسلم- الذي كان يتاجر لزوجته السيدة خديجة، وعندما تزوجها امتنع عن التدخل في معاملاتها المالية.

يجب على كل زوج أن يحسن الجوار إلى زوجته، وأن يسكن إليها بالحسنى، وأن يعاملها بالمعروف، لتطبيق أوامر الخالق عز وجل في وجوب دماثة وليونة الخلق وطيب المعاملة تجاه الزوجة لأن ذلك يعد من حق الزوجة على الزوج في المعاملة.

هذا تصديقًا لقوله تعالى:

وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ “، وقوله – صلى الله عليه وسلم- “ استوصوا بالنساء خيرًا فإنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله“.

لذا يجب على كل زوج أن يتقى الله في زوجته حتى ينعم بما يتمناه من الحياة. (سورة النساء: الآية 19).

اقرأ أيضًا: هل الشقة من حق الزوجة بعد الطلاق

2- الحقوق المعيشية للزوجة

من أهم الحقوق للزوج على زوجته عدم تعريضها للخطر سواء كان هذا الخطر جسدي أو نفسي؛ فالخطر الجسدي يتمثل في العنف ضد الزوجة سواء بالضرب أو الكلمات النابية أو إجبارها على الجماع أو تعريضها لمواقف محرجة بالنسبة لها.

أما الخطر النفسي يتمثل في التهديدات، إيذاء الأطفال، سوء معاملة أهلها، ويؤدى تعريض الزوجة للإهانة والتجريح إلى انتهاء هذه العلاقة المكرمة من قبل الخالق.

يجب على الزوج زيادة الوفاق لاستمرار الحياة الزوجية بينه وبين زوجته، فمن حق الزوجة على الزوج في المعاملة أن يحسن معاشرتها وأن يمتعها بالحياة معه، وأن يهبها ويهاديها (في حالة المقدرة)، وأن يثنى على أفعالها، وأن يفخر بها ويشجعها على جميل أفعالها وخصالها وإن كانت قليلة، لأن هذه الأفعال دائمًا ما تكون سببًا في تدعيم روابط العلاقة الزوجية بين الطرفين.

من حق الزوجة على الزوج في المعاملة الاستماع لمطالبها وكلامها، أسوة بالنبي – صلى الله عليه وسلم – الذي كان يجلس مع زوجاته ويستمع لهن، ويتجاذب أطراف الحديث معهن دائمًا، خاصة السيدة عائشة التي كانت الأقرب إلى قلبه منهن، والتي خاطب ربه فيها قائلا:

اللَّهمَّ هذا قَسْمي فيما أَملِكُ؛ فلا تُؤاخِذْني فيما لا أَملِكُ“.

هذا خير دليل على وجوب إعطاء الزوجة حقها، والتغاضي عن زلاتها حتى تستقيم الحياة بين الزوجين.

كما على الزوج ألا يمنع الزوجة من ممارسة عاداتها خارج المنزل فيما لا يغضب الخالق، فيجب عليه إعطائها مساحتها الشخصية في التعامل حتى تتوثق روابط الثقة فيما بينهما.

هذا رغم وجوب استئذان الزوجة لزوجها قبل الخروج من المنزل كما ذكر في قول النبي صلى الله عليه وسلم:

إنَّ من حقِّ الزَّوجِ على الزَّوجةِ إذا أرادها فراودها على نفسِها وهي على ظهرِ بعيرٍ لا تمنعُه، ومن حقِّه ألَّا تُعطيَ شيئًا من بيتِه إلَّا بإذنِه فإن فعلت ذلك كان الوِزرُ عليها والأجرُ له , ومن حقِّه ألَّا تصومَ تطوُّعًا إلَّا بإذنِه فإن فعلت جاعت وعطِشت ولم يُتقبَّلْ منها , وإن خرجت من بيتِه بغيرِ إذنِه لعنتها الملائكةُ حتَّى ترجِعَ إلى بيتِه أو تتوبَ

إلا أن وجود ثقة بين الطرفين تجعل هذه الروابط قوية ولا تحتاج لتذكير أحد الزوجين بها.

اقرأ أيضًا: حقوق الزوجة في الفراش

الحقوق الشرعية للزوجة

من الحقوق الشرعية للزوج على زوجته إعطائها حقها في الفراش وعدم خيانتها، شرع الله علاقة الزواج بين الطرفين ليكمل كل منهما نقص الآخر فكما للزوج حقوق واجبة على الزوجة في الفراش للزوجة أيضًا حقوق، لذا يجب على الزوج سؤال زوجته في هذا الأمر وتلبية رغبتها إن أرادت ذلك منه، ويترتب على ذلك أيضًا أن يكون الرجل أمينًا في علاقته مع زوجته وألا يخونها سواء بالنظر أو الكلام أو الفعل.

كما يجب العدل في حالة تعدد الزوجات، لأن التعدد يقتضي العدل كما ورد في الكتاب والسنة فذكر هذا في قولة تعالى:

فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً

كلمة العدل هنا فاصلة في الحكم أي إما العدل بينهم أو اتخاذ زوجة واحدة فقط، كما جاء في الحديث الشريف “مَنْ كانتْ له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يومَ القيامةِ وشِقُّه مائلٌ“، وهذا خير دليل على حق الزوجة في العدل حالة التعدد.

من حق الزوجة على الزوج في المعاملة أن تراه كما يحب أن يراها، فكما تتزين له يتزين لها، كما يحب رائحتها طيبة يكون لها كذلك، كما يحب أن يرى من الابتسامة واللين والرفق والصورة الحسنة فليبادلها بمثله.

اقرأ أيضًا: حكم الطلاق قبل الدخول بطلب الزوجة

الزواج علاقة مقدسة بين طرفين جعلها الخالق طريقة التكاثر والاستمرارية على أرضه فمن أحسن وتحمل وقدم الأفضل سيجازى على ذلك، ومن أنكر وخالف سوف يحاسب أيضًا على فعله، لذا يجب على كل زوج أن يحسن إلى زوجته ويقدم لها جل حقوقها قبل طلب الواجبات منها حتى تكمل الحياة بالود والاحترام المتبادل.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا