حق الزوجة على الزوج في الإسلام
حق الزوجة على الزوج في الإسلام يجب أن يستوفيه الزوج حتى لا يكون آثمًا مخالفًا لحدود الله وما تمليه الشريعة الإسلامية، وقد اقتضت حكمة الخالق -عز وجل- أن يجعل الذكر والأنثى كنفًا آمنًا لبعضهما البعض، فقد خلقت حواء من ضلع آدم، فإليه تسكن وتطمئن، وهو بها يشعر بالمتنفس والحياة، فلكل جنس الميل الفطري للجنس الآخر، وهذا لا خلاف عليه، ومن خلال موقع الملك سنشير إلى حق الزوجة على الزوج في الإسلام بشيء من التفصيل.
حق الزوجة على الزوج في الإسلام
قال الله تعالى في محكم التنزيل:
“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” (الآية 21 سورة الروم).
كأن الله -سبحانه وتعالى- قد خص أصحاب الفهم الصحيح لإدراك حكمته من العلاقة الزوجية، فقد خلق الله في كل جنس ما يلبي حاجات الجنس الآخر، من متطلبات نفسية وجسدية وعقلية، ليكون السكن والاكتفاء، ويكون كلًا منهما أهلًا للآخر.
فبين الرجل والمرأة، بل الزوج والزوجة المودة والألفة والرحمة، وحسن المعشر والسكينة، لكن طبيعة النفس البشرية أحيانًا ما تجور وتحتاج إلى الترويض، لذا كان هناك حكمة من المبادئ التي تتضمنها الشريعة الإسلامية السمحة، تلك التي أتاحت للزوج والزوجة الاستمتاع بحياتهما دون التعرض للمشكلات التي ما إن تفاقمت تنهدم الأسر.
فتلك حدود الله التي لا يجب التعدي عليها، وبما أن الزوجة هي التي طالما تتعرض للجور وإهدار الحقوق، الناتجة عن الفهم الخاطئ لبعض أشباه الرجال للقوامة، فقد كفل لها الإسلام حقوقها على زوجها، حتى تبقى محفوظة الكرامة.
على أن للزوجة أيضًا واجبات من حق زوجها عليها تأديتها، فالقانون الحاكم بينهما لا تشوبه شائبة، بل يضمن تمام الإنصاف والعدل لمختلف الحالات الإنسانية.
لذا فإن إهدار الحقوق يعد بحق أكثر الأمور هدمًا للعلاقة الزوجية، يمنعها من الدوام، وأقل ما يمثل ذلك هو سوء العشرة، عدم الحوار والتفاهم، الأمر الذي يستتبع طلب الطلاق وتشرد الأسرة والأبناء، بل وتفكك الروابط الاجتماعية كافة.
من هذا الصدد كان علينا ذكر حق الزوجة على الزوج في الإسلام، لكونه ركنًا شائكًا لا يدركه الكثير من الرجال، فيفرطون في حقها متناسين أن هذا ما أمر به الله عز وجل، وتتمثل تلك الحقوق فيما يلي:
1- الحقوق المالية
إنه بدون التفاهم بين الزوجين لا تسير علاقتهما وفقًا لما يمليه الشرع، فالله قد أودع في نفوسهما وطبائعهما القدرة على التكامل واستقرار العيش، لذا يجب حفاظ كلًا منهما على حقوق الآخر، دون إهدار أو جور، وأول ما سنشير إليه في حق الزوجة على الزوج في الإسلام هو حقها في مال زوجها، وفقًا لما يلي:
1– حق النفقة
من أصول الإسلام هو حق الزوجة على الزوج في الحصول على النفقة، وهي واجبة عند عقد النكاح، هذا ما تبين لنا في محكم التنزيل، حينما قال الله تعالى في سورة الطلاق الآية 7:
“لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا“
هذا مع عدم التعسف، أي أنها لا تكون إسرافًا أو إقتارًا.
جدير بالذكر الإشارة إلى وجوب النفقة في حالة تمكين المرأة من نفسها على زوجها، لكن إن امتنعت فلا يحق لها النفقة، وهذا ما اجتمع عليه جمهور الفقهاء، على أن الزوجة ليست ملزمة بأن تنفق في بيتها إلا بالتراضي وعن طيب نفس.
اقرأ أيضًا: هل الشقة من حق الزوجة بعد الطلاق
2– حق المهر
هو المال الذي ينبغي أن يدفعه الزوج للزوجة بمجرد عقد النكاح، فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل:
“وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا” (سورة النساء الآية 4).
فالمهر بمثابة إكرامًا للمرأة، وهو حق الزوجة على الزوج في الإسلام.
3– حق السكن
اتفق أهل العلم على أن السكنى حق الزوجة على الزوج في الإسلام، فإذا كان قد أوجبه الله للمطلقة على طليقها، فما بال صلب النكاح وهي الزوجة، بالطبع هي أولى بالسكن، على أن يكون سكنًا آمنًا على نفسها ومالها وأبنائها.
على أن يكون السكن مناسبًا لمقدرة الزوج على الإنفاق، دونما مبالغة في الإسراف، وكما ذكرنا بصدد تعدد الزوجات، إن كان الزوج له أكثر من زوجة عليه أن يجلب لكل واحدة منهن بيتًا خاصًا بها، إلا في حالة أنهن راضيات عن الأمر فلا حرج على الزوج إن أسكنهن في ذات السكن.
هذا ونستند إلى قول الله تعالى في سورة الأحزاب:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ” (الآية 53)
في الآية دليل على أنه كان للنبي بيوتًا متعددة لا بيتًا واحدًا لزوجاته، أيضًا وجب علينا الإشارة هنا إلى حق الزوجة في الطعام والكسوة، وفقًا لمقدرة الزوج المالية، كما قال الله تعالى في سورة الإسراء:
“وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا” (الآية 29).
2- الحقوق الغير مالية
بمجرد إتمام الزواج، بل يسعنا القول إنه قبل الزواج يجب أن يكون الزوجان على علم بكافة متطلبات الحياة الزوجية القويمة، ليفي كلًا منهما حق الآخر عليه، فالحكمة من الزواج أن يستمر لتكلله الذرية الصالحة، ومن أهم ما يجب أن يراعيه الزوج في معاملته مع زوجته ما يلي:
1– حسن المعاملة والعشرة
إن حسن المعشر من أجل ما يقوم به الأزواج في علاقتهما معًا، فهذا ما يجعل للعلاقة رونقها الخاص، علاوة على كونه يحافظ على المودة والرحمة فيما بينهما.
قال الله تعالى في كتابه الكريم:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا” (الآية 91 سورة النساء).
هنا فمن حق الزوجة على الزوج في الإسلام أن يحسن معاملاتها، فلا يهينها ولا يفعل ما ينقص من كرامتها، وعليه إكرامها والإحسان إليها، فيعاملها بالمعروف، مما يلين قلبها تجاهه فتحترمه ويلقى منها كل التقدير.
من حسن المعاملة أن يعطيها حقوقها وعدم الجور عليها أو إيذائها بالقول والفعل، فيقدم كل ما يمكن تقديمه لها، وأن يجعل الاحترام هو ما يسود في معاملتهما معًا، رأينا ذلك في وصايا الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف:
“خَيرُكم خَيرُكم لأهلِه، وأنا خَيرُكم لأهلي” (صحيح).
إن حسن المعاملة تعد لفظًا جامعًا شاملًا لكافة الحقوق التي يجب أن يفي بها الزوج، فلا يحسن أحدهم معاملة زوجته وهو مهدر لحقها غير آبه بها، ولا نعني بحسن المعاملة أن يكون الزوج لينًا مطيعًا بالقدر المبالغ فيه، فهناك أمور تتطلب على الرجال الحزم والشدة، هذا ما يمكننا توضيحه فيما يلي.
2– تعليم الزوجة أمور الدين والحث على الطاعة
قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ” (سورة التحريم الآية 6).
ففي الآية الكريمة وصاية للزوج على زوجته بأن يحثها على طاعة الخالق عز وجل، كما الحال بالنسبة إليها، فلا يكل ولا يمل من نصحها، وتعليمها مبادئ الدين الصحيح، ولا يبخل عليها بما فقه في أمور الدين، ولا يعاملها معاملة الناقصات العقل والدين.
على أن النصح في أمور الدين والحث على الطاعة يجب أن يكون باللين والرفق لا بالغلظة والشدة، فقد قال الله تعالى:
“فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ” (آل عمران الآية 159).
ففي حديث رواه أبو هريرة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال:
“رحِمَ اللَّهُ رجلًا قامَ منَ اللَّيلِ فصلَّى، وأيقَظَ امرأتَهُ، فإن أبَت، نَضحَ في وَجهِها الماءَ، ورحمَ اللَّهُ امرأةً قامَت منَ اللَّيلِ فَصلَّت، وأيقَظَت زوجَها، فإِن أبى، نَضَحَت في وَجهِهِ الماءَ” (صحيح).
كما أنه إن رأى منها من الأفعال المنهي عنها عليه أن يحثها على أمور دينها، وأن يساعدها على ممارسة العبادات، ويشجعها على ذلك بأدائها معها، حتى لا تكل، كما عليه ترويضها إن تمردت، ليس بالعنف وإنما بالحكمة.
على الزوج أن يغض الطرف عن أخطاء زوجته قدر المستطاع، ما دامت تلك الأخطاء خارجة عن مخالفة حدود الله وما نهى عنه، هذا ما نعني به موازنة الرجل بين مميزاتها ومساوئها حتى لا ينفر منها إثر خطأ ارتكبته عن قصد أو دون قصد.
فإن حدث ورأى الزوج من زوجته ما يكره فعليه أن يستذكر ما يعجبه فيها ويحبه، حتى يطمئن لعودتها كما كانت، مع اتباع النصح وعدم الكف عن حديثها بالحسنى، وهذا من حق الزوجة على زوجها الصالحـ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ، أَوْ قالَ: غَيْرَهُ” (صحيح مسلم).
اقرأ أيضًا: حقوق الزوجة الناشز بعد الطلاق
3– العدل في حالة تعدد الزوجات
قد شرع الله للرجل تعدد الزوجات في حالة توافر شرط العدل، وهذا من أجلّ حقوق الزوجة على الزوج في الدين الإسلامي، فقد قال الله تعالى:
“وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا” (سورة النساء الآية 3).
جدير بالذكر أن نشير إلى أنه ليس باستطاعة الرجل إقامة العدل في حبه ومشاعره لزوجاته، فهذا ليس من طاقته ولا تحمله عليه إرادته، أما ما نقصده هو العدل المادي في النفقات وما شابه، وأيضًا العدل في المعاملات، والهدايا وما إلى ذلك من الأمور التي تستوجب العدل، والتي عند غياب العدل فيها كانت منبعًا للخلاف والمشكلات.
كما عليه الفصل بين زوجاته لعدم استثارة الغيرة لديهما، فالغيرة فطرة لدى النساء على وجه الخصوص، لا تنتج سوى الخلافات التي تطول لتولد الكراهية، فربما تؤثر على الزوج نفسه وتجعله ينفر من زوجاته بسبب كثرة المشكلات فيما بينهنّ، لذا إن هو أراد أن يتزوج بأخرى، عليه الفصل بينهما قدر المستطاع ولا يذكر محاسن واحدة أمام الأخرى، فهذا من شأنه أن يشعرها بالنقص.
4– عدم الاعتداء على الزوجة بالضرب
من حق الزوجة على الزوج في الإسلام ألا يضربها، فقد قال رسول الله صلاة الله وسلامه عليه:
“لا يضربُ أحدُكم امرأتَه ضربَ الأمةِ ثم يضاجعُها” (صحيح)
هذا ما يعظم من حق الزوجة على زوجها في الإسلام، فلا يجب ممارسة العلاقة الزوجية إلا في الأجواء التي يغلب عليها الرفق والسكينة والمودة.
على الجانب الآخر، ينطوي الحديث الشريف على نهي بعدم التعدي على الزوجة بالضرب المبرح أو الإهانة، لما في ذلك من إثم وسوء عقاب، ذلك لأن أغلب الرجال لا يدركون أن ضرب الزوجة مشروع فقط في حالة نشوزها.
فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل:
“وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا” (سورة النساء الآية 34).
على أن الضرب لا يأتي نتاجًا للتصرف الخاطئ بشكل مباشر، بل يكون آخر ما يُمكن أن يلجأ إليه الزوج إن تمردت زوجته، حيث ينبغي أن يبدأ معها بالوعظ والإرشاد إلى الصواب، فإن لم تستجب عليه أن يهجرها في الفراش، فيوليها ظهره ولا يكلمها، فإن لم تتعظ فعليه بضربها لكن شرط أن يكون ضربًا غير مبرح.
فإن أطاعت الزوجة زوجها عليه أن يعفو عنها، ويلتمس لها العذر، ولا يتجنى عليها بما فعلت، وهذا هو حق الزوجة على الزوج في الإسلام، ونستند هنا إلى الحديث الشريف:
“اتَّقوا اللهَ في النساءِ؛ فإنَّكم أخذتُموهنَّ بأمانةِ الله، واستحلَلْتُم فروجَهنَّ بكلمةِ الله، وإنَّ لكم عليهنَّ ألَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحًدا تكرهونَه، فإنْ فعَلْنَ ذلك فاضرِبوهنَّ ضربًا غيرَ مُبَرِّحٍ، ولهنَّ عليكم رِزقُهنَّ وكِسوتُهنَّ بالمعروفِ” (صحيح).
5– عدم هجر الزوجة
يشتمل أمر الهجر والفراق إن كان من المنزل بشكل عام، أو هجر الزوج لزوجته في الفراش، فلا عليه فعل ذلك إلا في حالة نشوزها، كنوع من أنواع العقاب المؤقت الذي لا ضير فيه، لكن إن كان هجرًا طويلًا دون سبب يذكر فليس عليه ذلك ويعد آثمًا.
فمن حق الزوجة على زوجها أن يكون أنيسًا لها، لكن إن كان هناك مصلحة أحلها الشرع بتركها فليس عليه حرج، لكن الهجر بشكل عام يؤدي إلى التنافر، ومن الممكن أن ينشئ البرود العاطفي والجنسي، هذا ما نطلق عليه حالة الخرس الزوجي، التي ما إن ظهرت تستتبع تفكك الأسرة.
6– الإذن لها بالخروج
نعلم أن الزوجة عليها استئذان زوجها قبل خروجها من المنزل، وعليها إخباره إلى أي مكان تذهب، وهذا من حق الزوج على زوجته في الإسلام، لكن على الجانب الآخر عليه ألا يمنعها من الخروج إلا في حالة الذهاب إلى مكان غير آمن، ففي تلك الحالة يكون المنع من قبيل الخوف على سلامتها.
كما أنه ليس عليه منعها من زيارة أقاربها، كوالدتها أو إخوتها، ومن الأفضل أن يصل رحمها ويشجعها على ذلك إن هي قطعت، حيث نجد أن حرمانه إياها هذا الحق يعد منعًا لأمر قد وصانا الله تعالى به، وليس فقط جورًا على حق من حقوقها.
اقرأ أيضًا: القضايا التي يرفعها الزوج ضد الزوجة
7– حق التزين للزوجة
كما أن للزوجة أن تتزين لزوجها حتى تنال من إعجابه، يجب على الزوج ألا ينسى مثل هذا الأمر، فإن الله جميل يحب الجمال، فالجمال ليس مقتصرًا على المرأة فحسب، بل هي تحب أن ترى زوجها في أحسن أحواله ومظهره، فلا يكون بهيميًا همجيًا لا يريد سوى تزينها وحسنها دون أن يسعى جاهدًا للأمر ذاته.
عند تفسير قول الله تعالى في سورة البقرة الآية 228 “وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ”، نجدها توضح أن للزوجة الحق ذاته في الحصول على الراحة النفسية والمعنوية التي يحصل عليها الرجل عند افتتانه بها وبجمالها.
8– تلبية رغبات الزوجة
تعد تلبية الاحتياجات من حق الزوجة على الزوج في الإسلام، فكثيرًا ما نجد بعض الزوجات ممن يشتكين وحشة أزواجهم، وهجرانهم المبرر، فهذا يعد بذاته إهدارًا وجورًا على حقوق الزوجة، فلها الحق في تلبية رغباتها الجنسية في الإطار الذي أحله الله، لذا للزوج أن يعفها ويجعلها تنال منه كما ينال منها ما يشاء.
فتلك الرغبة الفطرية تصون نفسها عنها حتى الزواج، فليس على الزوج أن يمنعها إياها، وعليه أن يحفظها من كل ما يخدش حيائها، أو يتنقص من كرامتها شيئًا، ولا ينشغل عنها حتى بالعبادة، فقد قال رسولنا الكريم:
“إنَّ لنفسِكَ عليكَ حقًّا، ولربِّكَ عليكَ حقًّا، ولضَيفِكَ عليك حقًّا، وإنَّ لأهلِكَ عليكَ حقًّا، فأَعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه” (صحيح البخاري).
على أن الزوجة لها حق الجماع حتى تشبع حاجتها، وعليه ألا يتنقص من كفايتها، حيث الوجوب يكون على حد إشباعها، شرط أن تناسب قدرة الزوج على ذلك الجسمانية والنفسية.
قال الله تعالى في سورة البقرة: “نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ” (الآية 223)
لكن يسقط هذا الحق للزوجة إن كان زوجها مسافرًا، فليس عليه حرج، أو إن كان يعاني من مرض مؤقت لا يسعه أن ينهك بدنه.
مع مراعاة تلطف الزوج مع زوجته، فلا يفعل ذلك كرهًا، ولا يوليها ظهره الفراش إن انتهى، بل يطمئنها ويتودد إليها، وأن يسمعها من الكلام أحسنه، ومن عبارات الحب أجملها، ولا يبخل عليها بمشاعره، ولا يبخسها حقها من المودة والألفة.
اقرأ أيضًا: حكم الطلاق قبل الدخول بطلب الزوجة
9– حسن الظن بالزوجة
إنَّ الشك هادم العلاقات، فمن شأنه أن يفكك روابط الأسرة ويضع العقبات دائمًا أما التفاهم والحوار، فهو من قبيل عدم الثقة، وهذا ما لا تقبله الزوجة على الإطلاق، فيجب على زوجها أن يثق فيها ولا يُحسن فيها إلا خيرًا إن هي أثبتت العكس فتجازى بمثل ما تفعل.
لكن في الطبيعي لا يجب أن يجاور غيرته شكًا، أو يقابل خوفه بسوء الظن، بل عليه التوازن، وحسن الاعتقاد فيها، حتى تعطي له الثقة، وتكون على قدر من الأريحية والصدق في التعامل معه، فلا تهاب وجوده، كما أن الشك يرتبط بإهدار كرامتها، فليس عليه أن يفعل ذلك بحقها.
إن الإسلام قد أمر المرء بشكل عام أن يحسن الظن بالآخرين، فسوء الظن يؤدي على عواقب جسيمة تنتقص الثقة من صاحبه، فلا يعطي الثقة إلا لنفسه واعتقاده، علاوةً على أنه يستتبع ظلم الآخرين، فما بال الزوجة؟ فهي شريكة الدرب التي لا يصح سوء الظن بها، وإن كان الزوج كذلك فلم يأتمنها على نفسه وبيته؟
كما أن الحياة الزوجية إن قامت على الريبة، ستنمو فيها الضغينة ولا تشهد استقرارًا إلا وبعده زواله، لذا من حق الزوجة على الزوج في الإسلام ألا يسيء الظن في التعامل معها، تطبيقًا لقول الله تعالى:
“لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا” (سورة النور الآية 12)
في موضع آخر قال جل وعلا:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا” (الآية 12 سورة الحجرات).
إن العلاقة الزوجية تختص بالجانب الروحي والإنساني، فلا يجب تشبيهها بالعلاقة البهيمية، تلك التي سرعان ما تنتهي بانتهاء الغرض منها، وتعزيز الجانب الروحي يحتاج إلى الوفاء بالحقوق من الطرفين.