أثر الوسواس القهري على الدماغ
أثر الوسواس القهري على الدماغ لا يمكن الاستهانة به، فإن الأمراض النفسية لا تقل خطورة عن الأمراض الجسدية، إلا أن كثيرين يجهلون تلك الحقيقة، ويتعاملون مع المرض النفسي كأنه وصمة عار ويحرصون على عدم التحدث عنها.
مما يؤدي إلى تفاقم تلك الأمراض والتأثير عليهم بشكل كبير، ومن تلك الأمراض النفسية مرض الوسواس القهري، وهو يٌعتبر من الأمراض النفسية الخطير في حين لم تتم معالجتها في وقت متقدم، لذلك اهتم موقع الملك بالبحث وتقديم معلومات عن مرض الوسواس القهري.
أثر الوسواس القهري على الدماغ
بالرغم من أن سبب الإصابة بالوسواس القهري لا يزال غير واضحًا، إلا أن أثبتت بعض الدراسات أن ذلك المرض يقوم بالتأثير على الدماغ، ومن أهم النقاط أثر الوسواس القهري على الدماغ:
1- الإصابة بالالتهاب في بعض المناطق من الدماغ
ثبت من خلال نتائج الأبحاث العلمية أن الوسواس القهري يمكن أن يتسبب في إصابة مناطق عديدة في الدماغ بالالتهابات الشديدة، وعلى الرغم من كونها يمكنها أن تساعد الجسم في الوصول إلى الشفاء.
إلا أنه في حالات الوسواس القهري فأنه يزيد من سوء المرض، وذلك الالتهاب الذي يرافق الوسواس القهري في أغلب الأوقات ما يزداد عندما يقاوم المريض أعراض المرض.
اقرأ أيضًا:
2- زيادة نشاط القشرة الحزامية الوصادية
من ضمن آثر الوسواس القهري على الدماغ أنه يؤثر بشكل مباشر على منطقة القشرة الحزامية الوصادية في الدماغ (opercular Network Cingulo)، ويمكن التعبير عنها بكونها الجزء المسؤول عن شعور الإنسان بشكل دائم بالتنبيه واليقظة المستمرة.
لذا في حالة الإصابة بالوسواس القهري، يمكن أن يتسبب ذلك في شعور المريض بحالة من النشاط واليقظة المستمرة لفترات طويلة من الوقت.
3- اختلاف كمية المادة الرمادية
من خلال نتائج التجارب السابقة، وجد العلماء أن المادة الرمادية التي تتواجد في مناطق محددة من الدماغ للأشخاص المصابين بالسواس القهري تختلف بشكل كبير عن التي توجد في دماغ الأشخاص الغير مصابة بالوسواس القهري، وتعد هذه واحدة من أهم علامات الوسواس القهري على الدماغ.
الجدير بالذكر أن المادة الرمادية توجد في العديد من مناطق الدماغ والتي تتمثل فيما يلي (منطقة الجبهة البصرية، منطقتي القشرة الحزامية الأمامية، والتلفيف الجبهي الوسطي)
كما توثر قلة المادة الرمادية في تلك المناطق المسؤولة عن قمع الأفعال اللاإرادية ” منطقتي القشرة الحزامية الأمامية، التلفيف الجبهي الوسطي” على نشاط تلك المناطق، مما يؤدي إلى قيام بعض المصابين بالوسواس القهري ببعض الأفعال الغير ضرورية، مثل التأكد من نظافة أماكنهم بشكل هستيري.
كما تزيد كمية المادة الرمادية في بعض المناطق الأخرى بالدماغ مثل: ” القشرة الجبهية اليسارية، والنواة العدسية، والنواة الذنبية، والفصيص الجداري العلوي اليميني، ومنطقة المهاد”.
اقرأ أيضًا: القولون العصبي يسبب الخوف من الموت
ما لا تعرفه عن الوسواس القهري
الوسواس القهري أو ما يُعرف بالـ OCD هو عبارة عن مرض نفس أو عقلي يتمثل في القيام ببعض التصرفات اللاإرادية التي لا يمكن التحكم بها، ويُصاب به أكثر من مليوني شخص بالغ وفقًا لدراسات الولايات المتحدة الأمريكية، وسواء كان الوسواس القهري يتحقق للمرضى بشكل متكرر أو لا، فإن أعراض ذلك المرض لا يمكن السيطرة عليها ومن الممكن أن تتداخل بشكل كبير مع نوعية حياة الشخص.
على الرغم من العدد الكبير للدراسات الطبية التي أجمعت على أن مرض الوسواس القهري، هو اضطراب في الدماغ يكون بسبب عدم معالجة المخ للمعلومات بشكل صحيح، أي أن السبب في الإصابة بالوسواس القهري هو الاضطراب العقلي، إلا أن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أنه سلوك اضطراب مكتسب، وأن الإصابة بالوسواس هو ما قد يتسبب في حدوث اضطرابات.
بشكل عام الوسواس القهري سواء كان سببه الاضطراب أو العكس، فإنه يتسبب في عدم قدرة المريض على التركيز أو معالجة المعلومات المختلفة بشكل صحيح، قد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى عدم قدرة المريض على فهم بعض الأمور البديهية، والموضوعات البسيطة.
كما تشير بعض الدراسات أن بعض المرضى المصابين بمرض الوسواس القهري تصبح أدمغتهم عالقة عند التفكير في بعض الأمور المعقدة، أو بعض المواقف الصعبة، وتجدر الإشارة أن بعض الحالات الشديدة من الإصابة بالوسواس القهري قد تتأثر قدراتهم الذهنية بشكل كبير بسبب المرض.
ما هي أسباب الوسواس القهري
أن المصابين بالوسواس القهري يكون لديهم رغبة دائمة في تحقيق الكمال في الأشياء المحيطة بهم، فيريدون دائمًا كل شيء حولهم نظيف، ولديهم قلق وشك دائم فيمن حولهم، وبالرغم من عدم وضوح أسباب الإصابة بذلك المرض إلا أنه يوجد بعض النظريات التي أجمعت على أبرز الأسباب لهذا المرض ومنها:
1- العوامل الوراثية
إن الأطفال المولودين لأباء مصابين بالوسواس القهري تكون نسبة تعرضهم للإصابة بالمرض كبيرة.
2- السلوك المكتسب
قد يكون سبب الإصابة بمرض الوسواس القهري هو السلوكيات السلبية للمحيطين بالمريض، وبعدها لا يستطيع المريض التخلي عن تلك السلوكيات وتصبح عادة لديه فيما بعد، ويعتقد المريض أنها سلبية لكي يتخلص من القلق، فيقوم بتكرارها.
3- تشوه أجزاء من الدماغ
قد يرجع سبب الإصابة بالمرض إلى الإصابة ببعض العيوب الخلقية في الدماغ، أو وجود اضطرابات في كيمياء الدماغ.
4- الأسلوب التربوي الخاطئ
قد تزيد الأساليب التربوية الخاطئة والعادات والتقاليد المجتمعية من الضغط على مريض الوسواس القهري، حيث يسعى لعدم الوقوع في الأخطاء، ومراجعة أخطائه بشكل متكرر، ويبحث دائمًا عن الكمال.
5- تعرض المريض للصدمات
إن تعرض مريض الوسواس القهري لصدمات في صغره مثل ” الاعتداء الجنسي أو وجود بعض المشاكل الأسرية” مما تسبب له صدمة تجعله دائم الشك فيمن حوله، ثم يتطور الموضوع بعد ذلك ويصبح أسلوب يتبعه المريض في حياته.
6- العدوى البكتيرية
يتعرض بعض الأطفال للإصابة بالوسواس القهري في بعض الأحيان بعد الإصابة بعدوى بكتيرية، مثل بكتيريا المكورات العقدية، أو ما يُسمى بالاضطرابات النفسية العصبية لدى الأطفال المرتبطة بالعدوى بالعقديات.
أعراض الإصابة بالوسواس القهري
بعد معرفة أثر الوسواس القهري على الدماغ، فيجب معرفة أعراض ذلك المرض لمعالجته قبل أن يتفاقم، تُعتبر المخاوف اليومية التي قد نشعر بها في حياتنا اليومية هي نفس المخاوف التي تكون عند مريض الوسواس القهري ولكن تكون بشكل مبالغ فيه، فتصبح تلك المخاوف هواجس تمنع المريض من أداء حياته اليومية، وتجعله يشعر دائمًا بالقلق والخوف المستمر، ومن تلك الهواجس التي يعاني منها المريض:
- القلق الشديد عن رغبة المريض في تنظيم كل ما هو حوله.
- التوتر المفرط بسبب رغبة المريض في إنجاز جميع المهام بدقة شديدة.
- الخوف من البكتيريا، والتلوث والجراثيم وجميع الأوساخ.
- الخوف الشديد من الإصابة بالأمراض، والحوادث والوفاة، مما يجعل المريض دائمًا في حالات حيطة وحذر من حدوث أي شيء.
- التصورات الذهنية السيئة عن العنف والحوادث والجنس، مما يجعل المريض بالوسواس القهري في حالة استعداد وتأهب شديدة، وكأن أمر سيئًا على وشك الحدوث.
- التصورات الذهنية المخيفة عن بعض المحيطين به، فيعتقد المريض أن أحدًا يريد أن يقتله أو يتسبب له في ضرر.
الجدير بالذكر أن تلك الهواجس تختلف شدتها من مريض لأخر، وتختلف طبيعتها كذلك، وقد تلاحق تلك الهواجس المريض دون سبب، أو قد تحفزها أشياء أخرى مثل برنامج تليفزونيًا أو محادثة مع أحدًا ما، وفي أغلب تلك الحالات لا يستجيب المريض للتفكير المنطقي.
كما يمكن أن يتسبب تلك الهواجس في الإزعاج وعدم الراحة للمريض، أو تسبب له نوبات من الخوف الشديد والذعر، وعادة يكون مصاحب لتلك الأعراض بعض السلوكيات من المريض ظنًا منه أنه ستوفق تهديد ما وستقلل من التوتر الزائد لديه وعدم الشعور بالراحة، أو أنها ستقوم بتنفيذ أمًرا ما على أكمل وجه، وذلك الاعتقاد خاطئ.
إن رد فعل المريض على تلك الهواجس هو أن يقوم ببعض السلوكيات التي يقوم بتكرارها بشكل أقرب للهوس.
رد فعل المريض على هواجس الوسواس القهري
بعد معرفة أثر الوسواس القهري على الدماغ يجب معرفة بعض السلوكيات التي يقوم بها المريض ظنًا منه أن تلك السلوكيات تقلل من توتره، فيقوم مريض الوسواس القهري ببعض ردات الفعل نتيجة الهواجس الشديدة التي تلاحقه، وذلك عكس ما يحدث فتلك التصرفات تزيد من شدة قلقه وتوتره، بل تجعل تلك الهواجس التي يعاني منها تظهر بشكل واقعي، ومن تلك الأفعال التي يقوم بها:
- إفراط المريض في الاعتناء بنظافته مثل الحرص على غسل اليدين بشكل مبالغ فيه، والاستحمام، وتنظيف الأسنان.
- قيامه بالتنظيف المستمر للأدوات الخاصة به مثل الأدوات الشخصية الخاصة به، والمنزل والسيارة.
- حرصه الشديد للتأكد من إغلاق الأبواب بشكل متكرر.
- فحصه المتكرر للأشياء الخاصة بالأمان مثل الأجهزة الكهربائية، والأقفال.
- يقوم المريض بفعل الإجراءات الروتينية اليومية بشكل متكرر أكثر من مرة وذلك تتمثل في المشي أو القراءة والرسم والكتابة وغيرها.
- تطبيق المريض بعض الأنظمة الصارمة على تنظيم الأشياء، ومعاقبة أي أحد يخل بهذا النظام، سواء كانت تلك الأشياء كتب أو ملابس أو أثاث في المنزل.
- القيام بتكرار بعض الحركات والكلمات بشكل مبالغ فيه.
- قيام المريض بطرح الأسئلة بشكل هستيري وانتظاره إجابات مطمئنة على أسئلته.
مضاعفات الإصابة بالوسواس القهري
بعد معرفة أثر الوسواس القهري على الدماغ، يجب معرفة المضاعفات الأخرى للإصابة بهذا المرض، مثل:
- وجود مشكلات في الحياة الاجتماعية، وخوف المريض من مواجهة العالم، وحرصه على التوحد والعزلة.
- ظهور بعض المشكلات الصحية على المريض مثل “التهاب الجلد التماسي” ويرجع ذلك لحرص المريض الشديد على النظافة بشكل مبالغ فيه وحرصه على غسل اليدين بشكل متكرر.
- تضييع الكثير من الوقت في القيام ببعض التصرفات النمطية الغريبة التي لا تعود بفائدة على المريض.
- مواجهة المريض صعوبة في القيام بالمهام اليومية مثل ذهابه للعمل أو خروجه مع الأصدقاء، بسبب ردات الفعل السلوكية لهذا المرض، مما يخفض من القيمة المعنوية للحياة في نظره.
- قد يقوم المرضى في بعض الأحيان بالتسبب في الأذى لمن حولهم أو حتى لأنفسهم، فيوجد بعض الحالات التي تشعر وكأن صوتًا بداخلها يحرضها على القيام ببعض التصرفات، فنجد في بعض الحالات الخطيرة المرضى يقومون بقطع أصابعهم، أو حرق منازلهم.
- قد يصل المريض إلى التفكير في الموت والانتحار، لكي يتخلص من حياته التي أصبحت بلا فائدة أو معنى من وجهة نظره، وخاصةٍ في حالة عدم استشارة طبيب نفسي.
بعض النصائح لتجنب تفاقم مرض الوسواس القهري
هناك بعض النصائح التي يجب اتباعها لتجنب تفاقم مرض الوسواس القهري وآثاره المختلفة وخاصةٍ على الدماغ، ومنها:
- عدم التفكير أو تحليل الأفكار الوسواسية المضطربة لأن ذلك لن يساعدك في الحصول على نتائج إيجابية، بل سيزيد من تفكيرك بها، فيجب أن يقتنع المريض بأن مرض الوسواس القهري هو مرض تناقضي، ولا يجب التفكير بمنطقية في أعراضه.
- قيام المريض بمواجهة مخاوفه والاعتراف بها وعدم الهروب منها.
- لا ينصح بالاعتماد على أشخاص آخرين للتخلص من الأعراض الناتجة من الوسواس القهري، ويجب على المريض أن يقوم بمواجهة هذه الأعراض بشكل فردي
- اعتراف المريض بأن ما يعاني منه هو مرض يجب اتباع طرق لعلاجه أو استشارة الطبيب، وأنه ليس مجرد الشعور بالقيام ببعض الأعمال الإلزامية.
- صبر المريض على العلاج، وعدم مقارنة حالته بحالات أخرى.
- اعتراف المريض بما يحققه من إنجازات ذاتية لكي يحافظ على مستوى أعلى من التحفيز.
اقرأ أيضًا: علاج الوسواس والشك في الزوجة
طرق علاج الوسواس القهري
بعد معرفة أثر الوسواس القهري على الدماغ، يجب معرفة طرق علاج هذا المرض التي تشمل:
- الأدوية المهدئة.
- العلاج النفسي.
- تحفيز الدماغ العميق.
- جلسات العلاج النفسي الجماعية، قد تساعد المرضى تخطي حاجز الحديث عن المرض أمام الأخرين، كما يساعد المريض على الاستفادة من تجارب المرضى الأخرين، ويكون ذلك حافز للمريض أيضًا.
تجدر الإشارة أنه قد لا يستجيب جميع المرضى للعلاج بنفس الفاعلية، فأثبتت بعض الدراسات أن 50 % فقط من المرضى المصابين بالوسواس القهري يتحسنون مع العلاج، و10 % يتعافون بشكل كامل.
الأمراض النفسية يمكنها أن تتسبب في العديد من الأضرار المختلفة على الإنسان، لذا يجب الاهتمام بها مثل الأمراض الجسدية وأخذها في عين الاعتبار، حتى لا تتسبب في الإصابة بأضرار وخيمة على الصحة.