حكم لبس الخاتم للرجال
حكم لبس الخاتم للرجال، من الأحكام التي ينبغي على المسلم الإلمام بها، وذلك حتى يتمكن من تطبيق شرائع دينه على النهج الصحيح، والذي يضمن له طاعة الله عز وجل والامتثال إلى أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم والسير على خطاه، لذا ومن خلال موقع الملك، دعونا نتعرف على حكم ارتداء الخاتم للرجال عبر السطور القادمة.
حكم لبس الخاتم للرجال
خلق الله الإنسان ففرض له الشرائع والقوانين التي يجب عليه اتباعها لضمان العيش في ظل رضا الله ورسوله الكريم- صلى الله عليه وسلم، ولم يفرض الله تلك الأحكام إلا لأنه يعلم النفس البشرية، ويعلم كيف تفكر.
فإن نظرنا إلى شرائع الله عز وجل نجد أنها فرضت لتحمي البشر من شرور أنفسهم، وتحمي المجتمع من تفشي الفواحش والأعمال السيئة، فحكم لبس الخاتم للرجال من الأحكام التي كثرت الأقوال فيها.
فمنهم من أجاز ارتدائه، ومنهم من حذر من ذلك واعتبره إثمًا يجازي الله من ارتكبه وخرج عن نهج رسولنا الكريم-صلى الله عليه وسلم- فما حقيقة الأمر؟ وما دلالات ذلك؟
في الواقع، لم يحرم رسولنا الكريم ارتداء الخاتم تحريمًا مطلقًا، حيث قام بارتدائه لفترة من الزمن من أجل الختم به حيث ورد عن أنس بن مالك:
“أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أرادَ أن يَكْتُبَ إلى كِسرى وقَيصرَ، فقيلَ لَهُ: إنَّهُم لا يَقبلونَ كتابَكَ إلَّا بخاتمٍ، فاتَّخذَ خاتمًا مِن فضَّةٍ، نَقشُهُ مُحمَّدٌ رسولُ اللَّهِ” (صحيح).
لكن أصل التحريم في لبس الخاتم، يرجع إلى تصنيعه من الذهب، وهو المحرم على الرجل المسلم بكافة صوره، حيث روى عن عبد الله بن عباس:
“أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِن ذَهَبٍ في يَدِ رَجُلٍ، فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ، وَقالَ: يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إلى جَمْرَةٍ مِن نَارٍ فَيَجْعَلُهَا في يَدِهِ، فقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ ما ذَهَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ به، قالَ: لا وَاللَّهِ، لا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ” (صحيح).
حكم لبس الخاتم الذهب للصبي
كما رأينا في حكم لبس الخاتم للرجال أنه أمر قطعي لا جدال فيه ويندرج تحت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم” الحلالُ بيِّنٌ والحرامُ بيِّنٌ” (صحيح) رواه ابن حجر العسقلاني.
بينما حكم الدين في لبس الصبي للخاتم الذهبي قد اختلف فيه الفقهاء، فمال بعض منهم إلى عدم جوازه، استنادًا إلى فكرة أنه سوف يكبر ويصير رجلًا، وينطبق عليه حكم لبس الخاتم للرجال.
أما الشق الآخر فقد رأى أنه ما زال صبيًا لا يدرك شيئًا، مرفوع عنه القلم حتى يبلغ الحلم، استنادًا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“رفع القلمُ عن ثلاثٍ.. وذكر فيها الصبيَّ” (صحيح) رواه السخاوي.
عليه فإن هناك من أيد وهناك من عارض في حكم لبس الخاتم للصبي، واختلاف العلماء رحمة، لكن على الأبوين أن يعرفا صبيهما إن أراد أن يلبس خاتمًا صنع من الذهب أنه أمر محرم، وله كراهته في مثل هذا السن، وأولى به اجتنابه واستعمال أي من الخواتم الفضة، كما كان لبس الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده.
أحكام لبس الخاتم الفضة للرجال
لم يترك الإسلام أمر لبس الفضة للرجل مطلقًا كما فعل مع المرأة، حيث وضع له القواعد والشروط ضمن حكم لبس الخاتم للرجال، والتي تتمثل فيما يلي:
- أشار المذهب الحنفي أنه يجوز للرجل المسلم أن يقوم بارتداء خاتم من الفضة على أن يكون قاضيًا أو رجلًا ذو سلطان، حيث لم يلجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ارتدائه إلى بعد أن ذاع صيته وانتشرت نبوته في أنحاء العالم.
- بينما رأى المذهب المالكي أن جواز ارتداء الخاتم الفضة من قبل الرجل، مقرون بالاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، أي أنه في حالة لبسه دون استحضار تلك النية، فهو من الأمور المكروهة، حيث لا يجوز بتاتًا أن يتم لبسه على نهج التحلي كالنساء.
- حدد الشيخ عليش المالكي رحمه الله وزن الخاتم الفضة الذي يجوز للرجل أن يقوم بلبسه، وهو ألا يزيد عن درهمين شرعيين، بل يفضل أن يكون أقل من ذلك، والجدير بالذكر أن الدرهم هو مما يعادل نحو 2.9 جرام في وقتنا الحالي.
- كما رأى أنه لا يجوز للرجل المسلم أن يرتدي أكثر من خاتم من الخواتم الفضة في اليد الواحدة، لما فيه من تشويه للمظهر.
- أما مذهب المذهب الحنبلي إلى جواز لبس الخاتم الفضي على أي حال، إلا أنه من الأمور غير المستحبة في الدين، والأولى تركه.
- رأى العديد من العلماء أن لبس الخاتم المصنوع من الفضة مباحًا، لكنه ليس من السنة، حيث لبسه الرسول لسبب ما، حتى وإن استمر على ارتدائه بعد استعماله كختم.
حكم لبس الخاتم من الأحجار الكريمة للرجال
رأى بعض الفقهاء الأجلاء أن الخواتم التي صنعت من الأحجار الكريمة، لا تأخذ حكم لبس الخاتم للرجال المطلق، كونها قد تغيرت قيمتها، فأصبحت ثمينة للغاية، ولا يقدر على اقتنائها سوى الأغنياء.
حيث قال الشافعي في ذلك الأمر:
“وَلَا أَكْرَهُ لِلرِّجَالِ لُبْسَ اللُّؤْلُؤِ إلَّا لِلْأَدَبِ، وَأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ لَا لِلتَّحْرِيمِ، ولا أكره لبس ياقوت أو زبرجد إلا من جهة السرف والخيلاء”
عليه اتفق الفقهاء أنه مباح لكنه مكروه، حيث يخالف الشرع في الزهد وعدم الامتثال إلى شهوات الدنيا من خلال اقتناء الأحجار الكريمة باهظة الثمن.
بينما رأى الإمام بن حزم أنه لا بأس في ذلك حين قال:
“والتحلي بالفضة، واللؤلؤ، والياقوت، والزمرد: حلال في كل شيء للرجال والنساء”.
حكم لبس الخاتم الحديدي للرجل
لم يترك لنا الدين أي من الأمور دون أن يوضحها، فقد اختلف العلماء في حكم لبس الخاتم للرجل إن كان قد صنع من الحديد، حيث أتى التباين على النحو التالي:
يرى المذهب الحنفي أن جواز لبس الخاتم للرجل اقترن بتصنيعه من الفضة، فإن لم يكن كذلك فلا يجوز، ويندرج تحت هذا الحكم كافة المعادن سوى الفضة.
بينما رأى الحنابلة والمالكية أنه لا يجوز أن يرتدي كل من الرجال أو النساء الحلي المصنوعة من الحديد، استنادًا إلى نهي الرسول عن ذلك في أحد الأحاديث الشريفة، رواية عن مسلم بن عبد الرحمن حين قال:
“رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُبايِعُ النساءَ على الصَّفا فجاءتْه امرأةٌ يدُها كيدِ الرجلِ فلم يُبايِعْها حتى ذهبَتْ فغيَّرَتْ يدَها بصُفرةٍ أو حُمرةٍ وجاءه رجلٌ عليه خاتَمُ حديدٍ فقال ما طهَّر اللهُ يدًا فيها خاتَمُ حديدٍ” (صحيح).
أما الإمام ابن الباز، فقد استند في حكمه إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم حين أتى خاطب لامرأة: “فالتمِسْ ولو خاتَما من حديدٍ” (صحيح) رواه سهل بن سعد.
على المرء أن يعلم أن الدين يسر وليس عسر، وأن امتثاله لأوامر الله يحمل الفائدة الجمة له وللمجتمع.