تجربتي مع دعاء ربي أني مغلوب فانتصر
من خلال تجربتي مع دعاء ربي أني مغلوب فانتصر اكتشفت أن البُعد عن الله من الأمور التي تُعيق استمرار الحياة بسهولة ويُسر، رأيت أن الله لا يترُك أبدًا العبد الطائع والذاكر لهُ، فالمسلم لابُد أن يكون ذاكرًا وداعيًا لله -سُبحانهُ وتعالى- حتى يأتيه الرزق مُباركًا فيهِ ومن حيثُ لا يعلم، وسيتضح هذا جليَّا في هذا الموضوع من موقع المَلِك.
تجربتي مع دعاء ربي أني مغلوب فانتصر
كانت تجربتي مع دعاء ربي أني مغلوب فانتصر لها عظيم الأثر، فقد أدركت قول الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ” [البقرة: 222]، فكُل ما على المُخطئ أن يفعل هو أن يعود إلى رُشدهِ ويتوب إلى الله وفي تجربتي مع دعاء ربي أني مغلوب فانتصر قِصة وعِبرة لمن يَعتبِر.
قال الله تعالى في سورة القمر:
“فَدَعَا رَبَّهُ أني مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ (10) فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (15) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (16)”.
فلا يخفى على الجميع أن مرحلة الشباب هي من أكثر المراحل المحفوفة بالمخاطر في حياة الإنسان فهي بمثابة مُفترق الطريق، إما أن يختار الطريق السليم والمؤدي إلى العيش في رغد وسعادة في الدُنيا وفي الآخرة.. وإما يقوم باختيار الطريق الخاطئ والمؤدي إلى نتيجة غير مرغوب فيها لا في الدنيا ولا في الحياة الآخرة.
للأسف كُنت من المُخطئين في اختيار الطريق وكان السبب في هذا أصدقاء السوء واتباع الهوى.. فسلكت طريق الفساد، لكن سرعان ما أدركت سبيل الهداية في تجربتي مع دعاء ربي أني مغلوب فانتصر.
اقرأ أيضًا: عبارات عن الأب المتوفي واتس
نقطة التحول في تجربتي مع دعاء ربي أني مغلوب فانتصر
من فضل الله عليَ أن قام بابتلائي في هذا العُمر المُبكر حتى أقوم بالإصلاح من نفسي لكن للأسف كان الابتلاء بوفاة والدي الذي كان بمثابة المُتنفس في حياتي المُحاطة بالسوء من كُل ناحية، فأفاقني الله بهذه الحادثة التي بالفعل غيرت من حياتي رأسًا على عَقِب، فمن لم يُغير حياتهُ الموت من الصعب أن تقوم أي تجرُبه أُخرى بإصلاحهِ.
كنت أكرر الدعاء: “ربي أني مغلوب فانتصر، ربي أني مغلوب فانتصر، ربي أني مغلوب فانتصر، ربي أني مسني الشيطان بنصب وعذاب، ربي أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني فيما أصابني وأخلفني خيرًا منها أنا وأهلي، ربي أتوسل إليك اللهم أني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهوأني علي الناس“.
عُدتَ إلى الله وكانت تلك العودة هي التي أحدثت النقلة في حياتي فمن خلالها تركت أصدقاء السوء الذين كانوا مُستمرين معي منذ الصغر، فأكثر شيء يؤثر على أخلاق الشخص هي أخلاق أخلاءهُ وأصدقائه.
تقربت إلى الله أصبحت لا أترُك فرض من الصلوات إلا وأصليه في المسجد ومن خلال هذا الروتين الذي اتبعتهُ في حياتي قد مّنَ الله علي بأصدقاء حقيقين وصالحين يعرفون معنى الصداقة الحقيقي.
الصبر على الابتلاء
بعد مرور وقت ليس ببعيد تخرجت من الجامعة والتحقت بشركة بِناء لأعمل فيها وتم تعييني فيها بقِسم الحسابات الذي كان مطمعًا لأحد الأشخاص الحاقدين في هذهِ الشركة، فقد قام هذا الشخص بتدبير المكائد لي باستمرار وكنتُ أخرج منها بتوفيق من الله وفضله، ولكن في مرة من المرات دخل إلى مكتبي في غيابي وقام بتبديل بعض الأوراق مكان بعضها البعض ومن هنا بدأت المُشكلة.
حيثُ إن الأوراق التي أبدلها هذا الشخص كانت مُختصة بأرقام شِراء مواد البِناء فبعد التعديل ظهر للمُراجعين أن هناك خطأ في الأرقام التي تم الشراء بِها، وبالطبع للوهلة الأولى سيظهر أن مسؤول الحسابات هو من قام بتغيير هذه الأرقام وأنه يقوم بالسرقة، وتم إعلام المُدير بهذا النبأ وعلى أثرهُ قام برفع قضية عليّ ولم يكُن لدي دليل لإثبات البراءة لأن كاميرات المُراقبة كانت مُعطلة في هذا اليوم.
الثقة واليقين في الله
ففي فترة انتظاري للمُحاكمة تذكرت دُعاء كان دومًا ما يقولهُ لي والدي ألا وهو “ربي أني مغلوب فانتصر“، ومن هنا بدأت العناية الإلهية تأخذ مجراها ظللت أدعي بهذا الدُعاء وأنا على يقين أن الله وحدهُ هو الذي يستطيع أن يُخرجني من هذا المأزق، وظلت الأيام تمُر ويقيني بحمد الله لم يهتز في أنه سبحانه سيُنقذني من هذا الموقف.
بدأت المُحاكمة وقام القاضي بسؤال المحامي الخاص بي عن أدلة البراءة فلم يُقدم من الدلائل الشيء القوي الذي يقوم بإخراجي من هذهِ الورطة، ولكن فجأة قبل أن ينطُق القاضي بالحُكم فوجئت برجُل يقتحم القاعة وظل يصرُخ بصوتً عالي (معي دليل البراءة)، ففوجئت أن هذا الرجُل هو مسؤول البوفيه في الشركة الذي قام بتصوير الشخص الحاقد الذي أبدل الأوراق في غيابي.
تبدو تجربتي مع دعاء ربي أني مغلوب فانتصر قصة سينمائية بعض الشيء، لكن لا تستعجب من تدابير الله فإن كان معك الحق فاعلم أن الله لن يترُكك، ولنا في مُعجزات بعض الرُسل في سالِف الدهر أفضل العِبَر التي تُزيد من يقينُنا وإيمانُنا بالله عز وجل.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع الصلاة النارية
فضل الدُعاء عِند الابتلاء
إن الحياة الدُنيا إنما هي دارُ ابتلاء واختبار فمن يفلح في الاختبارات ويعبُر منها بنجاح سيلقى جزاءً عظيمًا من الله -عز وجل- في الآخرة، أما من يقنط من رحمةِ الله -سُبحانهُ وتعالى- من المُحتمل أن يُنَعم في الدُنيا ولكنهُ في الآخرة يكون من الخاسرين.
فحين ننظر إلى المواقف الصعبة التي مر بها أنبياء الله -عليهم الصلاة والسلام- سنجد أن أول من يقوموا باللجوء إليه هو الله لأن هو الذي كلفهم بنشر رِسالتهُ ولن يترُكهم في أي مُشكلة بعد أن يختبر صبرهم وبمن يستعينون، فيجب أن نقتدي بِهم في حياتنا فقد كانوا خير مِثال للصبر على الابتلاء، والثقة في أن الله هو الوحيد القادر على إصلاح الأمر.
تفسير آية ربي أني مغلوب فانتصر
في تجربتي مع دعاء ربي أني مغلوب فانتصر كان لزامًا عليّ معرفة تفسير الآية الكريمة التي ذُكر فيها الدعاء، فقد جاءت قصة النبي نوح –عليه السلام- في مضمون الدعاء عندما كان يدعو قومه إلى عبادة الله الواحد.
لكن تمرد قومه عليه ورفضوا دعوته، وليس هذا فحسب إنما قاموا بالاستهزاء منه وإيذائه هو وأنصاره، فعندما وجد سيدنا نوح الأمر كذلك دعا ربه “أني مغلوب فانتصر”، عندما وجد قومه ضعفاء الإيمان غير موحدين.
فقد استجاب الله –عز وجل- له وسخر العذاب على قومه جزاءً لهم، فكان مطرًا شديدًا أغرقهم في الطوفان، لكن سيدنا نوح ومن آمن معه من قومه أُنقذوا من الغرق، فهم المؤمنون الموحدون بالله.
فقال الله -سبحانه وتعالى- في سورة القمر:
“وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (15)”.
قصص الأنبياء في الصبر على البلاء
من الأمثلة الدالة على مضمون دعاء “ربي أني مغلوب فانتصر” نشير إلى أنه مرّ الكثير من أنبياء الله بالعديد من الاختبارات والامتحانات في الحياة الدُنيا، فعلى سبيل المثال لا الحصر ما نسرده فيما يلي.
قد مر عزيزُ مصر سيدنا يوسُف -عليه السلام- بالعديد من الابتلاءات على مدار حياتهُ ولكن أكثر المواقف تأثيرًا في حياته هو ما حدث بينهُ وبين امرأة العزيز، فمن أكثر التصرُفات التي تدل على الاستعانة بالله واليقين بأنهُ لن يخذل عبادهُ الطائعين تتجلى في هذا الموقف.
حيثُ قام سيدُنا يوسف باللجوء إلى الله والدُعاء له حين قال {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33]، ونظرًا لأنهُ يعرف أن المرء بدون توفيق الله لا يُمكن أن يعبُر من أي بلاء من الابتلاءات قام بمناجاة الله سبُحانهُ وتعالى، حتى بعد أن دخل السجن لم يقل إيمانهُ بالله.
كذلك كليمُ الله موسى -عليه السلام- قد بعثهُ الله ليُخلص الناس من قبضة ملِك قد فاق في ظُلمهُ وتعدى كل الحدود حتى قال أنا ربُكُم الأعلى، لا يوجد تكَبُر وعُدول عن الحق مثل هذا القول من فرعون مصر في ذلك الحين، فهل من المُمكن أن يَرِد على ذِهن أي شخص يجهل هذهِ القصة أن البحر قد قُسم إلى قسمين وعبر من بينهِ قوم بني إسرائيل ونبيُ اللهُ موسى عليه السلام؟
المُسلم والمؤمن الموحد بالله دومًا ما ينتظر الفرج من عِندِ الله بدون أن يُركز على أسباب الدُنيا، وكما قال الله -سُبحانهُ وتعالى- في كتابهِ الكريم: “لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا” [الطلاق: 1].
اقرأ أيضًا: فضل سورة البقرة لتحقيق الأمنيات
أدعية لتفريج الهم والكرب
في تجربتي مع دعاء ربي أني مغلوب فانتصر أذكر لكم بعض الأدعية المأثورة لتفريج الهم والكرب، فقد قال الله تعالى: “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} [الإسراء: 82].
فإن من يبحث في القرآن وفي سُنة الرسول -عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام- لن يخرج خالي الوِفاض أبدًا، وعلى سبيل المثال لا الحصر هذه الأدعية المُستخلصة من الهدي النبوي والقرآن الكريم ما يلي:
- “ما أصاب أحدًا هم ولا حزن فقال: اللهم أني عبدك وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرحًا”.
- “اللهم أني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن” [عن أنس: صحيح البُخاري].
- “اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت” [عن نفيع بن الحارث].
- “لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم” [عن ابن عباس: أخرجه البُخاري ومسلم].
- “قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب، أو في الكرب: الله الله ربي لا أشرك به شيئاً” [عن أسماء بنت عميس].
- “اللهم أني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن” [عن أنس: صحيح البُخاري].
يجب علينا أن نتقرب إلى الله ونَعبُدَهُ حق عِبادتهُ حتى نكون أهلً لكرم الله وفرجهُ في المواقف التي لا ينفع فيها جاهٌ ولا سُلطان، فاستعن بالله واترك لهُ تدابير الأمور.