تجربتي في علاج ابني من التوحد

تُعد تجربتي في علاج ابني من التوحد تجربة شاقة ولكن ممتعة، حيث تمكن كلانا من تجاوز هذه الفترة التي تعرض للتوحد فيها، والذي يعتبر أحد الاضطرابات التي يتعرض لها الطفل في سن مبكر، لذا من خلال موقع الملك سأقوم بعرض تجربتي في علاج ابني من التوحد لكم؛ لكي تحصلوا على القدر الكافي من المعلومات حول هذا الموضوع وتدركوا كيفية التعامل مع الطفل المُصاب بالتوحد.

تجربتي في علاج ابني من التوحد

كنت سعيد بشكل كبير حينما علمت أن زوجتي ستنجب ولد، وبالفعل تم الأمر بشكل طبيعي، ومع مرور الوقت كان يزداد تعلقي بابني ولم ألاحظ عليه أي تغيرات، فلم أستطع اكتشاف المرض في بداية الأمر، نظرًا لخفة أعراض التوحد، واختلافها من طفل لآخر.

لم تختلف تصرفات ابني بشكل كبير؛ لذلك لم أكن متوقع إصابته بشيء مثل التوحد، ولكن مع مرور الوقت وبداية بلوغه سن 3 سنوات بدأت الأعراض أن تظهر بوضوح أكثر، فأصبح غير قادر على التواصل معي أو مع والدته أو إخوته بشكل طبيعي، حيث بدأت ألاحظ أنه يفقد ما تعلمه من لغويات والتي كان يجيد التعامل بها قبل ذلك.

ثم بعد ذلك بدأت ألاحظ أنه يستمر في التحرك كثيرًا، وعندما أناديه لأخبره أن يتوقف عن ذلك حتى لا يشعر بالإرهاق، أجد أنه غير مهتم بمناداتي له، لدرجة قد تصل أحيانًا إلى عدم استجابته لمناداتي بشكل تام، وإذا حدث وجلس معي للتحدث في شيء ما أشعر وكأنه غير مهتم لحديثي بل لا يسمع ما أقوله.

في البداية لم أفهم ما الذي يُصيبه ولكني تحدثت مع زوجتي حول هذا الأمر، وكانت أيضًا قد لاحظت ما لاحظته في الأيام الأخيرة، فهي كانت تحتضنه كثيرًا، وأثناء حديثنا أخبرتني أنها عندما تأتي لتحتضنه تجد أنه لا يريد ذلك، وإذا طلبت منه أن يحتضنها يقابل طلبها بالرفض، ولا يهتم بمشاعرها في هذا الوقت.

أدركنا وقتها أن هناك شيء غير طبيعي في ابننا، فطلبت من زوجتي أن تبحث عن ماهية هذه الأعراض ولماذا تظهر وكيف يُمكن التعامل معها، وبالفعل قامت بذلك ونتيجة هذا البحث كانت أن ابننا مُصاب بأحد حالات الاضطرابات التي تُسمى التوحد، لم نعلم حينها ما هو العلاج أو كيف يُمكننا التعامل معه بطريقة سليمة في هذا الوقت.

لذا ذهبنا إلى طبيب مختص ليخبرنا ما الذي علينا فعله، وكان القرار في وقته مناسبه، فأول ما أخبرنا به الطبيب أننا إذا كنا تأخرنا أكثر من ذلك كانت ستصعب عملية العلاج بدرجة كبيرة، ومن هنا بدأت تجربتي في علاج ابني من التوحد، والتي سوف أعرضها لكم بكل ما تشمله من تفاصيل.

اقرأ أيضًا: تجربتي مع أدوية الرهاب الاجتماعي

مرض التوحد

بدأ الطبيب في إخبارنا ماهية مرض التوحد، وبدأت مع ذلك قصة علاج ابني من هذا المرض، والتي تضمنت عدة مراحل، عرفت أن مرض التوحد هو خلل عصبي في مهارات التطور، والمُسمى الطبي لهذا الخلل هو اضطراب الطيف الذاتوي، وغالبًا ما يظهر قبل وصول الطفل إلى سن 3 سنوات.

بالرغم من اختلاف الأعراض من طفل لآخر، إلا أنها في جميع الحالات تظهر على 3 من أهم مهارات التطوير الأساسية، وهذا ضمن المعلومات التي عرفتها خلال تجربتي في علاج ابني من التوحد، لذا سوف أقوم بعرض هذه الأعراض بالتفصيل في السطور الآتية:

1- المهارات اللغوية

المهارات اللغوية هي ناحية من النواحي المتأثرة بمرض التوحد بشكل كبير، وكلما تقدم السن زادت معه الأعراض سوء، وتتمثل هذه الأعراض فيما يلي:

  • فقدان القدرة على التحدث بلغويات تم التحدث بها من قبل.
  • عدم القدرة على بدء محادثة.
  • التحدث بصوت آلي وكأنه مبرمج.
  • بداية التحدث بعد تجاوز السن الطبيعي للتحدث عند الأطفال.
  • النظر إلى الشخص في عينه فقط عندما يريد طلب شيء محدد.
  • تكرار كلمات أو جمل معينة، دون تكوين جملة مفيدة.
  • عدم القدرة على استكمال المحادثات.

2- المهارات الاجتماعية

يؤثر مرض التوحد على الجانب الاجتماعي للطفل، فيُمكننا رؤية التغيرات التي حدثت للجانب الاجتماعي الخاص به، وتتمثل هذه الأعراض فيما يلي:

  • عدم الاهتمام بحديث الآخرين.
  • الميل إلى العُزلة واللعب بمفرده، فهو لا يحب الاختلاط بالناس.
  • رفض القيام بالأفعال العاطفية مثل العناق.
  • عدم الاستجابة لمن يناديه باسمه.
  • عدم الاهتمام بمشاعر الآخرين مع عدم إدراكها.

3- المهارات السلوكية

تُعد التغيرات التي تحدث في سلوك الطفل من أوضح علامات الإصابة بالتوحد، لذا سأعرض لكم أهم التغييرات السلوكية التي لاحظتها على ابني في هذه الفترة، والتي تتمثل فيما يلي:

  • الانبهار بأشياء لا تستدعي ذلك، مثل رؤية دوران عجل السيارات.
  • القيام بحركات متكررة باستمرار مثل الدوران بانتظام في دوائر، أو اهتزاز الجسم.
  • الشعور بالضيق والعصبية عند حدوث تغيير أي عادة من عاداته حتى ولو كان التغيير بسيطًا.
  • الحساسية المفرطة تجاه المؤثرات الطبيعية مثل الصوت أو الضوء اللمس.
  • الرغبة في تطوير العادات المتكررة التي يقوم بها.
  • فقدان القدرة على الإحساس بالألم.

اقرأ أيضًا: أثر الوسواس القهري على الدماغ

أنواع التوحد

يملك مرض التوحد تأثير كبير على الحياة الاجتماعية والسلوكية واللغوية للطفل المُصاب، حيث يكون من الصعب على الطفل أن يُدرك مشاعر الآخرين أو كلامهم، ومن خلال تجربتي في علاج ابني من التوحد عرفت أن هناك عدة أنواع مختلفة تُمثل مرض التوحد، والتي تتمثل فيما يلي:

1- اضطراب النمو الشامل

Pervasive Developmental Disorder هو أحد أنواع التوحد ويُعرف باسم التوحد غير النمطي، وتظهر أعراض شديدة على المُصابين بهذا النوع ويتم ملاحظتها قبل بلوغ سن 3 سنوات، والتي تتمثل فيما يلي:

  • عدم القدرة على فهم اللغة بشكل طبيعي.
  • الرغبة في تكرار نفس الحركات بشكل روتيني.
  • الانفعال عند حدوث تغير بسيط في الروتين الخاص به.
  • اللعب بالألعاب على غير العادة.

2- متلازمة اسبرغر

Asperger’s syndrome، هي أحد أنواع التوحد الذي تم اكتشافه فترة الأربعينات من القرن الماضي، وتظهر أعراض متوسطة الشدة على المُصابين بهذا النوع حيث يتم ملاحظتها في سن مبكر ولكن معدل الذكاء لديهم يكون طبيعي، وتتمثل هذه الأعراض فيما يلي:

  • إظهار المشاعر بشكل بسيط.
  • عدم القدرة على استخدام اللغويات البسيطة.
  • عدم القدرة على الاتصال البصري مع الآخرين.
  • عدم إدراك الإشارات الجسدية التي تشمل تعابير الوجه وحركات الجسد.
  • فقدان القدرة على التعامل مع الآخرين.
  • تكرار نفس السلوكيات بشكل روتيني.

3- اضطراب الطفولة

Childhood Disintegrative disorder، هو أحد أنواع التوحد ويُعرف باسم متلازمة هيلر، وهو النوع الأقل انتشارًا، وتظهر الأعراض على المُصابين بهذا النوع وغالبًا ما يتم ملاحظتها عند سن 3 سنوات، وتتمثل هذه الأعراض فيما يلي:

  • التعرض لنوبات صرع على غير العادة.
  • عدم القدرة على استيعاب ما يقوله الآخرين أثناء الاستماع إليه.
  • فقدان القدرة على التحكم في منطقتي المثانة والأمعاء.
  • عدم القدرة على توصيل المقصود من كلامه للآخرين.
  • عدم القدرة على رعاية النفس.
  • فقدان القدرة على التواصل مع الآخرين.
  • فقدان القدرة على قيادة الدراجات أو ما يشبه ذلك من الأنشطة.
  • عدم القدرة على الاتصال المتبادل مع الأطفال الآخرين.
  • ضعف القدرة السلوكية.

اقرأ أيضًا: هل فقر الدم يسبب الوسواس

4- اضطراب التوحد

Autistic Disorder، هو أحد أنواع التوحد ويُسمى التوحد الكلاسيكي، وهو النوع الأكثر انتشارًا بين الأطفال، حيث تظهر الأعراض بوضوح على المُصابين بهذا النوع غالبًا عند بلوغهم سن 3 سنوات، وتتمثل هذه الأعراض فيما يلي:

  • تأخر ظهور القدرات اللغوية عن الموعد الطبيعي مقارنةً بالأطفال الآخرين.
  • الإصابة بالإعاقة الذهنية.
  • الاهتمام بأشياء غريبة لا تستدعي ذلك.
  • حدوث مشاكل عديدة في التواصل الاجتماعي.
  • الرغبة في الحياة بشكل منفرد.

أسباب الإصابة بمرض التوحد

حتى الآن لم يتم تحديد سبب واضح أو عامل مؤثر يزيد من فرصة الإصابة بمرض التوحد بشكل مؤكد، نظرًا لعدم تشابه حالة المرض بين طفلين مصابين به، ولكن هناك عوامل مؤثرة في الإصابة بهذا المرض بشكل عام، والتي تتمثل فيما يلي:

1- العوامل البيئية

تتعدد العوامل البيئية التي تعتبر مؤثر على عدد كبير من المشاكل الصحية، فهناك شك من العلماء في الفترة الأخيرة أن ظهور مرض التوحد يتم تنشيطه بواسطة التلوث البيئي الذي يشمل العدوى الفيروسية.

2- الاعتلالات الوراثية

هناك بعض الجينات التي تزيد من فرصة الإصابة بالتوحد، وهذا ما اكتشفه بعض العلماء في الفترة الأخيرة، وقالوا إن أي اضطراب وراثي يكون مسئول عن الحالات الذاتوية بشكل خاص، وعن حالات اضطرابات التوحد بشكل عام، وقد تنتقل هذه الأمراض بطريقة وراثية، أو بطريقة تلقائية.

3- عوامل متنوعة

قال العلماء أن هناك احتمال على وجود احتمال لتأثير بعض العوامل على ظهور مرض التوحد، التي من أهمها قوة الجهاز المناعي، وحالة اللوزة الموجودة في الدماغ، ولكن هذه العوامل ما زالت تحت البحث والدراسة.

عوامل تزيد من فرصة الإصابة بمرض التوحد

هناك بعض العوامل الواضحة التي تجعل الطفل أكثر عُرضة للإصابة بمرض التوحد، وتتمثل هذه العوامل فيما يلي:

1- التاريخ الصحي للعائلة

إصابة أحد أفراد الأسرة بمرض التوحد يزيد من فرصة إصابة باقي الأفراد الجديدة بنفس المرض، أو حتى إصابة أحد الوالدين بخلل في المهارات التطويرية أو اللغوية أو السلوكية، يُمكنها التأثير على الأطفال المولودين.

2- جنس المولود

أثبتت الأبحاث أن الأطفال الذكور مُعرضين بنسبة أكبر تصل إلى ثلاثة أضعاف من الأطفال الإناث للإصابة بمرض التوحد.

اقرأ أيضًا: علاج الوسواس والشك في الزوجة

3- سن الوالد

يعتقد الباحثون أن الرجل عندما يصبح أب في سن متأخر، فيزيد ذلك من فرصة إصابة المولود بمرض التوحد، فقاموا بعمل بحث ووجدوا أن أطفال الرجال الذين تجاوزوا سن الأربعين أكثر عُرضة للإصابة بمرض التوحد بمقدار 6 أضعاف من أطفال الرجال الذين لم يتجاوزوا سن الثلاثين، بينما سن الأم يؤثر على الأمر بشكل بسيط ًا يكاد لا يُذكر.

4– أسباب أخرى

أثبتت الدراسات أن هناك مجموعة من الاضطرابات المرضية التي تجعل الطفل أكثر عُرضة للإصابة بمرض التوحد، وتتمثل هذه الاضطرابات فيما يلي:

  • الإصابة بالتصلب الحدبي والذي ينتج عنه نمو أورام الدماغ.
  • الصرع الذي يظهر على شكل نوبات.
  • الإصابة بالاضطراب العصبي الذي يُعرف باسم متلازمة توريت.
  • الإصابة بخلل ذهني موروث والذي يُعرف باسم متلازمة الكروموسوم اكس الهش.

مضاعفات مرض التوحد

من خلال تجربتي في علاج ابني من التوحد عرفت أن إذا لم أذهب إلى الطبيب في هذا الوقت كانت ستظهر على ابني مضاعفات مرض التوحد، والتي تتمثل فيما يلي:

  • الانعزال الاجتماعي التام.
  • التعامل مع الآخرين بعنف.
  • عدم القدرة على النجاح الدراسي.
  • الشعور بالتوتر والارتباك الدائم.
  • عدم القدرة على عيش الحياة المستقلة.
  • فقدان الرغبة في التواصل مع الآخرين بشكل تام.

تقييم مرض التوحد

لم يتم وضع اختبار محدد يتم تشخيص حالة التوحد على أساس نتائجه، نظرًا لتعدد درجات خطورة المرض واختلافها بين الطفل والآخر، فيتم عمل إجراءات طبية من قِبل الطبيب المختص بذلك مع مساعديه بغرض متابعة نمو الطفل، فتأخر نمو الطفل عن المعدل الطبيعي هو إشارة تدل على بوادر إصابته بمرض التوحد.

عند ظهور أعراض التوحد على الطفل بشكل واضح، يجب التوجه إلى الطبيب ليقوم بعدة إجراءات طبية، وهي تتمثل فيما يلي:

  • فحص الطفل.
  • الاستعلام عن التغيرات الحادثة في كافة مهاراته، والتي تشمل المهارات اللغوية، والسلوكية، والاجتماعية، وسرعة تطورها.
  • فحص بعض الجوانب النفسية لدى الطفل.
  • اختبار قدرة الطفل اللغوية وغيرها من خلال التحدث معه.

يُشكل اكتشاف الحالة بشكل مبكر عامل مساعد بشكل واضح في العلاج، فكلما تأخر اكتشاف المرض، زادت صعوبة عملية المعالجة، لذا يعتبر الاكتشاف المبكر للمرض بمثابة واقي منه.

علاج مرض التوحد

لا يوجد علاج محدد لمرض التوحد حتى وقتنا هذا، نظرًا لعدم مطابقة حالات المرض من حيث الأعراض أو شدة المرض أو خطورته، ولكن هناك بعض أنواع العلاجات التي يُمكنها السيطرة على الحالة والتحسين من سلوكيتها، والتي تتمثل فيما يلي:

  • علاج مشكلة التخاطب.
  • العلاج السلوكي.
  • العلاج التربوي.
  • العلاج الدوائي

الطب البديل لعلاج مرض التوحد

لم يستطع الباحثين إثبات أو نفي فعّالية العلاجات البديلة لعلاج التوحد، ولكن هناك بعض العائلات التي قامت بتجربة العلاج البديل ولاحظت تأثير إيجابي من خلال اتباع الأطفال نظام غذائي صحي وعلاجات أخرى إبداعية مُستحدثة.

اقرأ أيضًا: تجربتي مع فيتامين د والاكتئاب

كيفية التعامل مع مريض التوحد

يؤثر مرض التوحد على المصابين بشكل كبير، حيث يحدث خلل في حياتهم من جميع النواحي، لذا يجب علينا معرفة الطريقة الصحيحة للتعامل معهم من أجل تحسين حالتهم، وتتمثل الطريقة الصحيحة للتعامل معهم في عدة نقاط والتي سوف أذكرها لكم في السطور الآتية:

  • التعرف على حالة الطفل من حيث الأشياء التي تؤثر عليه وعلى طريقة نموه من خلال القراءة عن المرض ويكون من الأفضل استشارة الطبيب المختص.
  • التركيز على السلوكيات الإيجابية للطفل ومكافأته على السلوكيات الحميدة ولفت نظره إلى ذلك وأنك سعيد بقيامه بهذه السلوكيات.
  • التحدث مع المعالجين المختصين لترتيب الأدوار بشكل منسق، بالإضافة إلى تنظيم الوقت فهذا يمثل عامل مهم بالنسبة له.
  • توصيل ما تريد قوله إلى الطفل بطريقة غير معقدة، نظرًا لصعوبة استيعابه أثناء معاناته من المرض، فيجب مراعاة وضوح الألفاظ واللغويات في الحديث.
  • الحرص على معرفة كل من المؤثرات السلبية والمؤثرات الإيجابية على حياة الطفل.
  • الحفاظ على استمرار تفاعل الطفل مع الآخرين، حيث يُفضل اصطحابه إلى الأماكن المختلفة مع أهمية الانتباه له.
  • طلب المساعدة من الآخرين سواء كانوا أفراد أو مؤسسات متخصصة في التعامل مع الأطفال المُصابين بمرض التوحد.

مرض التوحد منتشر بشكل نسبي بين الأطفال، ولا يُمكن علاجه بشكل كامل، ولكن يُمكن التكيف معه واتباع الإرشادات التي تُحسن من حالة المريض.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا