هل يوجد تكنولوجيا في الجنة

هل يوجد تكنولوجيا في الجنة؟ وبأي كيفية تكون؟ لا شك أن امتلاك الشخص المسلم لتصور رصين عن الحياة الآخرة وصورة عميقة لمفهومي الجنة والنار أحد أصول العقيدة، وعبر موقع الملك نتعرض لمثل هذه المسألة الشائكة مستعينين خلالها بالأحاديث النبوية وآيات القرآن.

هل يوجد تكنولوجيا في الجنة

الواقع أن الإجابة هي الإيجاب قياسًا على الحديث النبوي، ويمكننا قياس المسألة بإعادة صياغة السؤال إلى: هل توجد سيارات في الجنة؟ كون المركبات هي أحد دروب التكنولوجيا الحديثة المنتفع بها.

من هنا نقيس السؤال مرة أخرى على سؤال ألقي على النبي محمد، فيروي عنه بريدة بن الحصيب الأسلمي أن رجلًا قال له: يا رسولَ اللهِ! هل في الجنةِ من خيلٍ؟ قال: إنَّ اللهَ أدخلك الجنةَ؛ فلا تشاء أن تحمل فيها على فرسٍ من ياقوتةٍ حمراءَ يطير بك في الجنةِ حيث شئت؛ إلا فعلت، وسأله رجلٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ! هل في الجنةِ من إبلٍ؟! فقال: إن يدخلك اللهُ الجنةَ؛ يكن لك فيها ما اشتهت نفسُك، ولذَّت عينُك.

ترتبط إجابة النبي محمد هنا باشتهاء النفس وتوقها إلى أمر بعينه وليس بكيفية من الحركة والتنقل، أو بصيغة أخرى فإن حب الخيل المسوّمة والأنعام على اختلافها وما يقابلها من مركبات وطائرات في العصر الحديث.. هو مناط استجابة الله لمشيئة العبد في الجنة.

إذًا فوجود التكنولوجيا بشتى أنواعها ليس مرتبطًا بالمنفعة أو الخدمة التي يتوسل بها الإنسان في الحياة الدنيا، ولكنها تصبح في الآخرة غاية تتحقق لذاتها.

أخيرًا، فإننا في معرض تناولنا لسؤال: هل يوجد تكنولوجيا في الجنة؟ يجب الأخذ في الحسبان الأثر الذي يترتب على امتلاك الإنسان للتكنولوجيا في الحياة الآخرة.

الحقيقة أن طريقة استعمال الإنسان للتكنولوجيا في الجنة مسألة لا يتعرض لها الفقه الإسلامي المعاصر على اعتبار انقطاع التكليف عن الإنسان وتنزيهه من النوايا الفاسدة.

اقرأ أيضًا: الحيوانات التي لا تدخل الجنة

هل يطير الإنسان فْي الجنة

يأتي السؤال عادةً من الشخص الذي يجد في ركوب الطائرات لذة وراحة، وليس يستعصي عليها الإجابة على هذا السؤال بأن نذكر رواية أبي هريرة عن الرسول: رأيتُ جعفَرَ بنَ أبِي طالِبٍ مَلَكًا يَطيرُ في الجنةِ مع الملائِكةِ بِجناحَيْنِ. حيث أبدله الله بجناحين بدل اليدين اللتين فقدهما في غزوة مؤتة.

هذه الصورة تعد المؤمن صادق الإيمان بكل ما تشتهيه النفس بذات الآنية ودون الحاجة إلى آلة أو تكنولوجيا تعينه عليها، ولذلك فرغبة الإنسان الذي يتنعم في الجنة هي متحققة لحظة يتخيلها.

يمكن أن يشعر القارئ بقصور عام في تعرضنا إلى النواحي المختلفة من السؤال، لكنه قصور ضروري يبرز مفهوم حياة الإنسان في الجنة وما ضمنه الإسلام له من تنزيه وإعلاء.

لا يخفى كذلك أن روح الإنسان تعيش في الجنة بكيفية جسمية مختلفة عن نظيرتها في الحياة الدنيا، مما يعني استحالة وجود التكنولوجيا بصورتها الحالية أو بأي كيفية تخضع للخيال البشري في الدار الآخرة.

اقرأ أيضًا: العشرة المبشرين بالجنة عند الشيعة

أسباب التساؤل عن التكنولوجيا في الجنة

يرجع مثل هذا السؤال إلى رغبة السائل في اختبار مخيلته بطبيعة الجنة وأثرها على العبد وأثر العبد عليها هي وساكنيها، ولكنه أيضًا يعلم حق العلم قول الله على لسان الرسول:

أعددتُ لعبادي الصالحينَ ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطرَ على قلبِ بشرٍ، ذخرًا بَلْهَ ما أطلعتُهم عليه، اقرأوا إن شئتم فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوْا يَعْمَلُونَ.”

يبرز الحديث القدسي قصور تشبيه محسوسات الدنيا ونعيمها الزائف مقارنة بما يعده الله لعباده من متاع منقطع النظير في الآخرة.

لذلك فلا منطق في مقارنة ما يلتذ به الإنسان في الدنيا بما يناظره في الآخرة، حتى وإن أفاد أهل العلم جواز وجود تكنولوجيا في الجنة، ولأن وجود الشيء مرتبط برغبة الشخص فيه فيستحيل عقلًا أن ينصرف الإنسان ما هو أفضل إلى ما هو مفضول.

يتساءل السائل مجادلًا: وما الضير في وجود الهاتف أو الكمبيوتر أو غيرها من تكنولوجيا التواصل مثل الفيسبوك وتويتر؟ وتكمن الإجابة أن الانتفاع بهذه الوسائل في الدنيا قاصر ومقتصر على قدرات الإنسان المحدودة في التواصل.

أما في الجنة فإن الإنسان يهيئ بحلة جديدة منزلة عن العلائق الجسمانية وأميل إلى الكمال وأبعد عن الجزئيات والسفاسف الردية، مما يجعل الرغبة في التواصل تتحول آنيًا إلى طور التحقق بدون الحاجة إلى الوسائط.

في الأخير نشير إلى أن الجنة كاستواء الرحمن، وجودها معلوم، كيفها مجهول، والإيمان بها موجوب، أما السؤال عنها والخوض في تفاصيلها فبدعة يهوي إليها الشبيبة والنشء المنبهر بمنجزات الحضارة الحديثة.

يوجد الكثير من الأسئلة التي تشابه سؤال هل يوجد تكنولوجيا في الجنة وما يتعلق به من أسئلة، وعلينا أخذ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الموثوقة كمرجع لنا في مثل هذه الأمور.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا