هل الدعاء على شخص بالموت يستجاب

هل الدعاء على شخص بالموت يستجاب؟ وما حكم الدعاء على الظالم؟ وهل يُستجاب؟ ذلك أن الله عز وجل قد أنعم على خلقه بالدعاء، وجعله عبادة لهم، وسببًا في تحقيق أمانيهم، وتفريج همومهم وكروبهم، بيد أنه وضع لهم العديد من الضوابط والآداب، والتي من شأنها أن تكون سببًا في الإجابة، لذا عبر موقع الملك نوافيكم بالإجابة بشيء من التفصيل.

هل الدعاء على شخص بالموت يستجاب

قد نهت الشريعة الإسلامية العبد المسلم أن يدعو على نفسه أو ولده أو أهله، أو خادمه، فإنه من الأمور غير الجائزة.

يستدل على ذلك بما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لا تدْعوا على أنفسِكم، ولا تدْعوا على أولادِكم، ولا تدْعوا على خَدَمِكم، ولا تدْعوا على أموالِكم، لا تُوافقوا من اللهِ ساعةَ نيْلٍ فيها عطاءٌ فيُستجابَ لكم

فقد نهى رسول الله عن الدعاء على أحد، وبين أهل العلم أن المقصود بالدعاء، هو الدعاء بالموت، كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم علّة النهي، حيث قال: لا تُوافقوا من اللهِ ساعةَ نيْلٍ فيها عطاءٌ فيُستجابَ لكم

كان هذا دليلًا على أن الدعاء على شخص بالموت يستجاب، فإن قيل الأعمار بين يدي الله، وكلها أقدار، أُجيب: بأن الدعاء يرد القدر، وهذا بدليل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يردُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ.

لذا قد يوافق دعاء المرء على أحد بالموت ساعة إجابة، فيكون بذلك سببًا في موته، قال الشرواني: يكره للإنسان أن يدعو على ولده أو نفسه أو ماله أو خدمه، لخبر مسلم في آخر كتابه، وأبي داود عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم

كما قال الرشيدي: والظاهر أن المراد بالدعاء: الدعاء بنحو الموت، وأن محل الكراهة عند الحاجة كالتأديب ونحوه، وإلا فالذي يظهر أنه بلا حاجة لا يجوز على الولد والخادم.”

بينما يرى بعض العلماء أن ما يصدر عن المرء من دعاء على الأهل بسبب الغضب فإنه قد لا يُستجاب، وأنه يعد من اللغو الذي لا يؤاخذ به، هذا القول يجيب عن تساؤل هل الدعاء على شخص بالموت يستجاب.

فقد قال البغوي في تفسيره: قال زيد بن أسلم: ومن اللغو دعاء الرجل على نفسه، تقول لإنسان: أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا، أخرجني الله من مالي إن لم آتك غداً ويقول: هو كافر إن فعل كذا، فهذا كله لغو لا يؤاخذه الله به، ولو آخذهم به لعجل لهم العقوبة.”

كما استدل بعض العلماء بقول الله عز وجل: لَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ۖ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ(يونس: 11).

قال العلماء في تفسير الآية، أي لو أن الله عز وجل قد عجّل الإجابة للناس بدعائهم في الشر، كما يُعجل لهم استجابة دعائهم في الخير لهلكوا، ولعجّل الله لهم الموت، فكان هذا دليلًا على أن الله عز وجل لا يستجيب الدعاء على شخص بالموت.

فقد قال ابن عباس: هذا في قول الرجل عند الغضب لأهله وولده: لعنكم الله، ولا بارك الله فيكم.”

كما قال قتادة: “هو دعاء الرجل على نفسه وأهله وماله بما يكره أن يستجاب.

لذا فالحاصل.. أن الله عز وجل لا يستجيب دعاء عبد دعاه في غضب على نفسه أو أهله أو ماله، وهذا من عظيم فضل الله عز وجل وكرمه.

قال ابن كثير: يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد بالشر إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم.”، وقوله هذا يجيب عمن يتساءل هل الدعاء على شخص بالموت يستجاب.

هل الدعاء على شخص ظالم يستجاب

شرع الله عز وجل للمظلوم أن يدعوا على من ظلمه، ويستدل على ذلك بقوله تعالى: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا(النساء: 148).

بيد أنه لا ينبغي أن الاعتداء في الدعاء، أي يدعوا عليه بقدر مظلمته، قال ابن عباس في تفسير الآية: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد، إلا أن يكون مظلومًا، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه؛ وذلك قوله: “إلا من ظلم”، وإن صبر فهو خير له.

من ذلك يتبين أن دعاء المظلوم على من ظلمه جائزة، وأنها مستجابة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فإنَّه ليسَ بيْنَهُ وبيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ.

كما روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاثُ دعواتٍ مستجاباتٌ لا شَكَّ فيهِنَّ؛ دَعوةُ المظلومِ، ودعوةُ المسافرِ، ودعوةُ الوالدِ على ولدِهِ.”

بينما يقول البعض أن جواز الدعاء على الظالم مقيدًا بعدم الاعتداء، أي يكون الدعاء بقدر المظلمة، فإن دعا بأكثر من مظلمته لا يجوز، ويعد معتديًا، لأن الدعاء قصاص، بيد أنه يمكن الإجابة عن ذلك بأن هناك فرق بين الدعاء على الظالم بأكثر من مظلمته، وبين أخذ حقه والقصاص منه بأكثر من مظلمته.

عليه.. كان الدعاء على الظالم جائزًا، وهو من الأدعية المستجابة، وإن كان الأفضل هو الصبر والعفو عنه.

اقرأ أيضًا: هل الضيق من علامات استجابة الدعاء

حكم الدعاء على الشخص المكروه

في ضوء الإجابة عن تساؤل هل الدعاء على شخص بالموت يستجاب حريٌّ بنا أن نفرق بين الدعاء على النفس أو الأهل بالموت، والدعاء على شخص مكروه.

فالدعاء على الشخص المكروه لا يخلو من أمرين، إما ان يدعو المرء على شخص يكرهه بأن يصرفه الله عنه، ويكفيه شره، أو أن يدعو عليه بالموت، ولكل منهما حكمًا خاصًا..

فإن كان الدعاء بمجرد الصرف وابتعاد شره، فهذا لا حرج فيه ولا بأس، ما لم يتبع ذلك بضرر أو إثم، فإنه من الأمور المنهي عنها شرعًا، في تلك الحالة لا يجوز الدعاء عليه بالصرف، ما لم يكن ظالمًا.

بناءً على ذلك.. فإنه كذلك لا يجوز الدعاء عليه بالموت من باب أولى.

متى يكون الدعاء مستجابًا

يكون الدعاء مستجابًا ما دام الداعي قد حقق شروطه، ولم يعتدي، وكذا العلم بآدابه، وإتيانه في أفضل أوقات الدعاء، فإن ذلك يكون أدعى للإجابة، نوافيكم ببان ذلك في ضوء الإجابة عن تساؤل هل الدعاء على شخص بالموت يستجاب.

  • دعاء الله عز وجل وحده لا شريك له: والإخلاص في الدعاء، ذلك أن الله عز وجل في قال في الحديث القدسي: أنا أغْنَى الشُّرَكاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَن عَمِلَ عَمَلًا أشْرَكَ فيه مَعِي غيرِي، تَرَكْتُهُ وشِرْكَهُ.
  • ألا يدعو بقطيعة أو إثم: فقد روى أبو هريرة عن رسول الله أنه قال: لا يَزَالُ يُسْتَجَابُ للعبدِ ما لم يَدْعُ بإثمٍ أو قَطِيعةِ رَحِمٍ، ما لم يَسْتَعْجِلْ، يقولُ: قد دَعَوْتُ وقد دَعَوْتُ فلم يُسْتَجَبْ لي، فيَسْتَحْسِرُ عند ذلك، ويَدَعُ الدعاءَ.”
  • حضور القلب، والدعاء بيقين: بأن يتضرع إلى الله عز وجل، ويفتقر ويتذلل إليه، يدعوه عالمًا بأنه قادر، وأنه يسمع دعاء عباده ويستجيب لهم، فإن كان العبد يدعو الله وقلبه لاه منصرف إلى غيره، فهذا لا يكون مستجاب الدعوة.
  • التوبة: فما دام العبد طاهر القلب سليم السريرة، فإن ذلك أدعى أن يُستجاب به، في ذلك يقول الحسن حينما سُئل: ما لنا ندعو الله فلا يستجيب لنا؟ فقال: دعاكم فلم تستجيبوا له.”
  • ألا يدعو بأمر محرم: فإن الله عز وجل طيبًا لا يقبل إلا الطيب، وهذا ما أخبر به رسول الله، لذا شرط في استجابة الدعاء أن يكون حلالًا.
  • العزم في الدعاء: ويقصد به الإلحاح في الدعاء، فيقف العبد على بابه، متضرعًا، مناجيًا إياه، لا يترك بابه إلا وقت نال مسألته.

اقرأ أيضًا: هل كثرة دعاء الستر مستجاب

آداب الدعاء المستجاب في الإسلام

توجد العديد من الآداب التي تُراعى عند الدعاء، والتي تكون سببًا في استجابته، هي:

  • استقبال القبلة.
  • رفع اليدين عند الدعاء.
  • تحري أوقات الإجابة: وتوجد العديد من أوقات الإجابة منها، بين الأذان والإقامة، دبر كل صلاة، يوم الجمعة، يوم عرفة، عند الإفطار، وغيرها.
  • عدم التكلف في الدعاء: بأن يدعو الله بأيسر الصيغ، بما في قلبه، لا يتكلف، ولا يجتهد أن في إلقاء صيغًا وعبارات محفوظة.
  • ألا يدعو الله في الجهر، بل يُسرّ الدعاء، ويخفض صوته.
  • ابتداء الدعاء بالثناء وحمد الله عز وجل، وكذا الصلاة على رسوله.

من سوء الأدب مع الله أن يستخدم العبد نِعمه فيما نهى عنه، أو يحمله غضبه أن ييأس من رحمته، فيدعو على نفسه أو أهله بالموت، في حين أنه لو صبر واحتسب لقوبل صبره بالفرج والخير.

قد يعجبك أيضًا
شاركنا بتعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.