هل الزواج نصيب أم اختيار للشيخ الشعراوي

هل الزواج نصيب أم اختيار للشيخ الشعراوي؟ وما هي أسس الزواج في الشريعة الإسلامية؟ الزواج من متطلبات الحياة التي يسعى إليها الإنسان ليحقق الاستقرار والأمان، إلا أن العديد من الفقهاء اختلفوا في تحديد ما إذا كان الزواج أمر مسير من عند الله أم هو نتيجة اختيارنا، لذلك فيقتضي بنا تسليط الضوء من خلال موقع الملك على أمر الزواج نصيب أم هو نابع من اختيار الإنسان.

هل الزواج نصيب أم اختيار للشيخ الشعراوي

لقد أمرنا الله -سبحانه وتعالى- بالتأني في اختيار شريك الحياة، سواء كان الأمر يتعلق بالرجل أو المرأة، إلا أن الله قدر لنا الزواج وقدر لنا الأولاد والرزق، فكل شيئًا من عند الله هو قدرًا ومكتوب، لذا فإن الإنسان مأمور بحسن الاختيار والتأني قبل الإقدام على الزواج حتى يستطيع أن ينشأ بيتًا مسلمًا قويًا.

من هذا المنطلق فإن الله قدر لنا شريك الحياة منذ ولادتنا، إلا أن ما يختص به الإنسان هو حسن الاختيار، فإن تم الزواج فيكون أمرًا موفقًا لكلا الطرفين الرجل والمرأة، فقد جاء في قول الله تعالى في سورة الأنعام، فقد جاء في قول الله تعالى: لكلا الطرفين الرجل والمرأة. هو حسن الاختيار، أن ينشأ بيتًا مسلمًا الرزق

وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ(59)”.

يقصد بالآية الكريمة أن الله هو من يدرك كل ما هو موجود، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها، ويعرف ما بداخل أعماق البحار وخارجها، فليس هناك ما يوجد في هذا الكون الفسيح إلا يعلمه الله وهو القدر والمكتوب، لذا فإن الزواج قدرًا من عند الله سبحانه وتعالى.

لذلك ينبغي عليك أن تحمد الله وتشكره على نعمه، مهما ضاقت بك الدنيا من صعاب وتحديات فينبغي عليك أن تحمده لأن كل ما يقدره الله لنا هو خيرًا ومكتوب، ولذلك فما علينا هو أن نتيقن به بكامل الرضا الداخلي، هذا ما أوضحه شيخنا الشعراوي رحمه الله.

فأمر الزواج من عند الله وما ينبغي فعله من الإنسان هو اليقين والقناعة والرضا بما كتبه الله لنا مع مراعاة حسن اختيار شريك الحياة.

فعليك أن تعلم أن اختيارك للشخص الذي ستكمل معه حياتك وتشاركه دنياك، هو أمر قد سبقه الله في علم الغيب الذي لا تدركه، نظرًا لأن الله علام الغيوب لا يخفى عليه شيئًا في الكون بأكمله، فهو الخالق لكل ما هو موجود.

اقرأ أيضًا: تصرفات الزوج الذي لا يحب زوجته

وجوب الإيمان بأقدار الله

في بعض الأحيان يرى الإنسان أن اختياره هو الأصلح والأنفع له وأن شريك الحياة الذي وقع عليه الاختيار هو ما يناسبه، ورغم ذلك يرى أن هناك العديد من التحديات والصعاب التي تواجهه حتى لا يتم الزواج، وهو ما يدل على وجود الله -سبحانه وتعالى- بأنه يرى أن اختيارك هو غير موفقًا إليك وأن عين الحياة لا تبصر بالغيب، فيبعدك الله عن هذا الاختيار الذي لا تعلم ما كان سيلحق بك إن أقدمت على تنفيذه.

على الوجه الآخر هناك بعض الأمور التي تقدم عليها مثل الزواج وترى أن الله يسر إليك كل ما حولك لإتمامه، فعليك أن تشهد بأن الله قد قدر إليك ذلك وكتبه عليك منذ ولادتك، فهو يعلم أن هذا الخير إليك وأن هذا الاختيار هو ما يتناسب معك.

لذا احرص دائمًا على حسن اختيارك والتأني قبل أن تقدم على شتى أمور دنياك، واعلم دائمًا أن ما يكتبه ويقدره الله لك هو الأخير والأصلح إليك.

اقرأ أيضًا: ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته العاملة

أسس الزواج في الشريعة الإسلامية

نستكمل معًا الإجابة حول هل الزواج نصيب أم اختيار للشيخ الشعراوي، وبناءً على ما سبق.. فقد رسخت الشريعة الإسلامية العديد من الأسس والمبادئ التي ينبغي أن تدركها قبل القدوم على الزواج:

1- كيفية اختيار الزوجة الصالحة

نستأنف معًا الإجابة حول هل الزواج نصيب أم اختيار للشيخ الشعراوي، فإن اختيار شريك الحياة يتمثل في التأني والدقة مع التأكد أن الله يسير إلينا ما يراه مناسبًا لنا.

فقد ذكرت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تنص على حسن اختيار الأزواج، فقد روي عن أبو داود النسائي وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ” حديث صحيح رواه أبى هريرة.

يندرج تفسير الحديث الشريف حول كيفية اختيار شريك الحياة فيما يخص الرجل، حيث إن المرأة يمكن أن تتزوج لأنها ثرية وتحمل الأموال فهنا يمكن للرجل أن يتزوج بها حتى يحافظ على مالها ويكون سندًا وأمانًا لها.

تنكح أيضًا المرأة -ويقصد بالنكاح الزواج– لحسبها، حيث إن الحديث الشريف تعمد ذكر الحسب لأنه هو الأساس في بناء البيت المسلم، الحسب هم الأهل والأقارب وذوي المعارف للزوجة، فإن كان حسب الزوجة وأصلها ممن يقيموا حدود الله ويحفظوا شرائعه، فعليك أن تتزوج بها.

بحسب الحديث الشريف فقد ذكر رسولنا الكريم أن المرأة يمكن الزواج بها لجمالها، وذلك تجنبًا للوقع في المعاصي أو الإقدام على ما يمكن أن يغضب الله -عز وجل- لذلك فقد أتاح الحديث للرجل أن يتزوج بالمرأة الجميلة التي تمتلك قدرًا من الحسن والجاذبية.

نص أيضًا حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أن الرجل يمكن أن يختار الزوجة لحسن دينها، فهي الأساس الصحيح الذي سيبني عليه حياته المستقبلية، إن صلحت وكانت تقية مخلصة إلى الله فستصلح الأسرة ومن ثم صلاح المجتمع بأكمله، وإن فسدت وكانت زوجة عاصية لا تطيع أوامر الله فتفسد الأسرة وينهدم البيت ومن ثم ينهدم المجتمع بأكمله.

حيث إن المرأة هنا هي أساس تكوين المجتمع، لذلك فاحرص على حسن اختيارك لها.

بعد أن تطرقنا للأسباب التي يمكن أن تنكح المرأة أو تتزوج لأجلها فإن هناك في نهاية الحديث أمر من الرسول صلى الله عليه وسلم، في قوله اظفر ويقصد بالمعنى هو الفوز، أي أن المرأة يمكن الزواج منها للعديد من الأسباب إلا أن المرأة ذات الخلق والدين إن وجدتها فقد فزت بحياة هنيئة.

2- كيفية اختيار الزوج الصالح

بعد أن علمنا هل الزواج نصيب أم اختيار للشيخ الشعراوي، نذكر أن اختيار المرأة للرجل الذي سوف يشاركها حياتها هو من أهم الأمور التي تتطرق إليها المرأة في حياتها، فينبغي أن تحسن اختيارها.

فقد جاء في قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “إذا أتاكُم من ترضَوْنَ خلُقَهُ ودينَه وأمانتَهُ فزوِّجُوُهُ، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ كبيرٌ” حديث صحيح رواه الترمذي.

فقد نص الحديث على حسن اختيار الزوجة لزوجها، وأهم المبادئ والأسس التي ينبغي على الزوجة مراعاتها هي الخلق والدين والأمانة، فيندرج قول رسولنا الكريم حول أنه إذا أتى لبناتكم من ترضون دينه أي أنه يتقي الله في شتى أمور دنياه وأنه رجلًا أمين يعلم كيف يمكن أن ينشأ بيتًا مسلمًا.

فينبغي على ولي أمر الفتاة أو إن كانت هي الولي على نفسها الزواج من هذا الرجل، وإن لم يتم تحقيق الأمر فهو هلاك وفساد، لذلك فإن الحرص على التدين والأخلاق الحميدة أهم ما يمكن أن تضعه أمام عينيك عند اختيارك لشريك حياتك.

اقرأ أيضًا: علامات ندم الزوج بعد زواجه الثاني

الزواج في الإسلام

ارتباطًا بإجابة هل الزواج نصيب أم اختيار للشيخ الشعراوي، نشير إلى أن هناك أركان وأهداف ينبغي أن يتم على أساسها الزواج.

تتمثل أهم هذه الأركان في قول الله -عز وجل- في سورة الروم:

ومِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)”.

الآية الكريمة تعني أن الله خلق المودة والرحمة والألفة والمحبة بين الزوجين لعمارة الأرض وسكناها، وقد أكد الله في قوله تعالى في نهاية الآية أن كل ما خلقه الله بين الزوج والزوجة من صفات هو في نهاية الأمر للتفقد في ملكوت الله والتدبر في كل ما يمهده الله لنا من خيرًا في هذه الدنيا.

لذلك فإن أهم ما يحث عليه الزواج هو تحقيق الأمن والأمان والاستقرار وإنشاء نواة قوية للمجتمع من أسرة مسلمة تعلم كيف تقيم حدود الله عز وجل، فقد حثنا الله على تكوين ذرية صالحة تتناسب مع المجتمع المسلم، ولن يمكن أن تتحقق الذرية المسلمة إلا من خلال الزواج.

لذا فإن أسمى الأركان الأساسية في الزواج في ديننا الحنيف هي تكوين ذرية صالحة وتعمير الأرض.

بالإضافة إلى ما سبق فإن أهم ما يحث عليه الزواج هو حصن المسلم من عدم الوقوع في الفحشاء أو ارتكاب المعاصي، نظرًا لأن الزواج هو تحقيق العفة والستر إشباعًا للأمور الفطرية التي خلقها الله بنا.

الزواج قدر ومكتوب من عند الله، إلا أنه يجب أن تحسن اختيار شريك الحياة حتى تحقق أسمى الأهداف النبيلة في دنياك، لذلك ينبغي مراعاة القواعد والنظم الإسلامية قبل العزم على الزواج.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا