هل تجوز الصلاة بعد الاحتلام بدون اغتسال

هل تجوز الصلاة بعد الاحتلام بدون اغتسال؟ ومتى يجب الاغتسال؟ وما الأحكام المترتبة على ذلك؟ يترتب على حدوث الاحتلام من قبل الرجل أن يغتسل، نظرًا لنزول ماء المني من مكان الشهوة، مما يتسبب في عدم طهارة البدن والثوب الذي يذهب به للصلاة، لذا شرع الخالق العديد من الأحكام للإجابة عن هل تجوز الصلاة بعد الاحتلام بدون اغتسال، ومن هنا يوضحها موقع الملك تفصيلًا.

هل تجوز الصلاة بعد الاحتلام بدون اغتسال

الصلاة ركن من أركان الإسلام ترتب عليها بعض الأحكام لتمام صحتها ومن أهمها الطهارة، فلا يصح أن يأتي الرجل الصلاة على غير طهارة، لذا أوجب المشرع على المصلي طهارة البدن والثوب وموضع السجود لما في ذلك من تعظيم للوقوف بين يدي الخالق عز وجل.

فطهارة البدن من الضروريات عند أداء الصلاة، لذا وجب على المحتلم أن يقوم بالاغتسال قبل أن يأتي الصلاة، وللإجابة عن هل تجوز الصلاة بعد الاحتلام بدون اغتسال يقال: ثبتت في الكتاب والسنة والإجماع.

فالدليل النقلي الثابت في الكتاب لإجابة هل تجوز الصلاة بعد الاحتلام بدون اغتسال؟  ما ورد في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا” (النساء – الآية:6)؛ وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا” (النساء – الآية:43).

الدليل النقلي من السنة ما ورد عَنْ عائشة -رضى الله عنها-، قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ، حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدْ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ” (رواية مسلم).

الدليل العقلي للتساؤل هل تجوز الصلاة بعد الاحتلام بدون اغتسال: أجمع فقهاء الأمة الإسلامية على وجوب الاغتسال للمحتلم قبل الشروع في الصلاة؛ ومما سبق يتضح الحكم القاطع بعدم صحة الصلاة في حالة عدم الاغتسال من الاحتلام.

اقرأ أيضًا: كيفية معرفة الاحتلام عند المرأة

حكم الصلاة في ثوب الاحتلام

الاحتلام هو تخيل الجماع وقت النوم أو اليقظة، مما يوجب عليه نزول المني من قبل الرجل فيوجب الغسل لورود أدلة صحيحة واتفاق جمهور الفقهاء على ذلك، لكن فيما يتعلق بصحة الصلاة بالثوب الملبوس وقت الاحتلام فهناك آراء نتناولها فيما يلي:

1- في المذهب الحنفي والمالكي

بصدد إجابة هل تجوز الصلاة بعد الاحتلام بدون اغتسال؟ يرى الأحناف والمالكية وجوب الغسل قبل الصلاة على المحتلم مع تغيير الثوب، والعبرة عندهم باجتماعهم على نجاسة المني نفسه، لذا فيكون الثوب أحق بالنجاسة لتلامس المني معه.

2- في المذهب الشافعي والحنبلي

يرى الحنابلة والشافعية جواز الصلاة بملابس الاحتلام، والعبرة عنده بالأخذ بطهارة المني نفسه، لذا عند ملامسة المني للثوب يظل الثوب على طهارته، وهذا الرأي المأخوذ به، وهذا للجواب على هل تصح الصلاة بعد الاحتلام بدون اغتسال.

استنادًا لما ورد عن ذكر السيدة عائشة – رضي الله عنها- أنها كانت تغسل المني من ثوب الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قبل أن يصلي بالناس فقد قالت: “كنت أغسله من ثوبه بالماء ويصلي بالناس، وتقول: كنت أحكه بظفري من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما هو طاهرٌ وإزالته من الملابس من باب النظافةوهذا دليلًا على طهارة الثوب المعلق به منى، مع وجوب إزالته.

3- الرأي الثالث

عند الرغبة في معرفة مدى قبول الصلاة بعد الاحتلام بدون اغتسال هناك رأي آخر يرد بأنه عند إرادة الصلاة بالثوب المحتلم فيه، يقوم المرء بغسل الجزء موضع النزول والصلاة بالثوب، أو تغيير الملابس التحتية والصلاة بالثوب.

الاحتلام الموجب للغسل

توجد الكثير من تفسيرات الاحتلام وحالاته التي يترتب عليها وجوب الغسل من قبل المحتلم ومآلها في الحكم القياس على الحديث في الأحكام.

الحديث الوارد عن أمِّ سلمةَ – رَضِيَ اللهُ عنها -: أنَّها قالت: “جاءتْ أمُّ سُليمٍ- امرأةُ أبي طلحةَ- إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رسولَ الله، إنَّ اللهَ لا يَستحيي من الحقِّ؛ هل على المرأةِ مِن غُسلٍ إذا هي احتلَمَتْ؟ فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: نعَمْ، إذا رأتِ الماءَ لانقطاع الدليل عليه، على أن تلك الحالات هي:

  • احتلام اليقظة: إذا احتلم المرء ونزل منه المني بعد مدة من الاستيقاظ، وجب عليه الغسل قبل إتيان الصلاة.
  • احتلام بدون مني: إذا احتلم المرء واستيقظ ولم ينزل عليه المني مباشرة أو بعد فترة، فلا شيء عليه وتصح صلاته ويكون بدنه وثوبه طاهران، وهذا لوضوح دلالة الحديث برؤية الماء لإيجاب الغسل على المحتلم.
  • الاحتلام في النوم: في حالة احتلام الرجل وقت النوم وجب عليه الغسل قبل إتيان الصلاة، لعدم طهارة موضع الخروج ولا الثوب ولا البدن، لعدم تحقق شروط الحديث فيه.
  • الاحتلام حالة الشك: في حالة رؤية سائل في الثوب ولم يتيقن من كونه مني أم لا، يكون حكمه عدم الاغتسال، لعدم التأكد من الماء النازل، لأن النصوص أوجبت نزول ماء المني بالتحديد وفى حالة عدم التأكد كان ذلك دافعًا للضرر لأن الغسل لا يثبت بالشك.

التطهر من الاحتلام

التطهر هو عملية الاغتسال بالماء التي تعقب الاحتلام، وهي الطريقة التي شرعها الخالق -عز وجل- في كيفية التخلص من النجاسات الظاهرة والباطنة، ومن طرق التطهر:

1- الاغتسال الكامل

حددت السنة النبوية طريقة الاغتسال الكامل في نص الحديث الشريف فيما ورد عَنْ عائشة -رضى الله عنها-، قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ، حَتَّى إِذَا رَأَى أَنْ قَدْ اسْتَبْرَأَ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ”

(رواية مسلم).

تفصيل هذه الطريقة يكون بالبدء بتسمية الله في السر واستجلاب النية للغسل، ثم غسل اليدين ثلاثًا ثم النظر لموضع خروج المني وغسله للتأكد من طهارته.

يتوضأ وضوء الصلاة بكامل هيئته، ثم يخلل الماء بين شعره، ثم يهيل الماء ثلاثًا على كامل الجسد، وبهذا يكون قد انتهى من عملية الاغتسال الكامل، وهذه الطريقة هي السنة والأصح عند الجمهور.

2- الاغتسال غير الكامل

تكون هذه الطريقة من الاغتسال غير الكامل أو الجزئي باستحضار نية الطهارة، ثم تعميم الماء على كامل الجسم مع مراعاة تخليل المناطق الموجود بها شعر للتأكد من وصول الماء لها.

اقرأ أيضًا: طريقة الاغتسال من الجنابة

حكم التيمم كبديل عن الاغتسال من الاحتلام

التيمم هو البديل الذي شرعه الخالق للمسلم عند عدم وجود الماء أو التضرر من استخدام الماء كوجود سفر أو مرض أو برد يستحيل معه استخدام الماء مصداقًا لقوله تعالى:

فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا (النساء – الآية:43).                                  

ذكرت هذه الآية في موضع الوضوء، لذا فباتفاق عند عدم وجود الماء يصح التيمم للصلاة.

حالة التخلص والتطهر من الاحتلام يشترط فيها سيلان الماء، لذا فهناك رأيان: أحدهما أن يجزئ التيمم عن الماء؛ والآخر يرى أنه عند إرادة التطهر بالاغتسال يجب سيلان الماء، والتيمم لا يجزئ عن التطهر لكنه يكون للوضوء للصلاة الحاضرة فقط، وعند توفر الماء يجب الاغتسال فورًا لتحقق الشرط.

الاحتلام من موجبات الاغتسال في الشريعة الإسلامية، لكونه أحد أسباب حدوث الجنابة التي ترتب عليها أحكام الاغتسال بكافة أحوالها وتفاصيلها، لذا يجب معرفة الحالة للوصول للحكم المناسب.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا