كم استغرق بناء سفينة نوح
كم استغرق بناء سفينة نوح؟ وكيف تم بناؤها؟ وكم ظلت السفينة في عرض البحر؟ ذلك أن الله عز وجل قد أرسل سيدنا نوح إلى قومه للدعوة إلى التوحيد، وكباقي الأنبياء كان لسيدنا نوح معجزة، وهي السفينة، حيث إن المعجزات آية من آيات الله عز وجل من أجل أخذ العبرة منها، والإيمان، لذا عبر موقع الملك نوافيكم بالإجابة عن تلك التساؤلات بشيء من التفصيل.
كم استغرق بناء سفينة نوح
لم يرد في النصوص الشرعية ما يبين المدة التي مكثها سيدنا نوح عليه السلام في البحر، بيد أن البعض يقول إنه مكث في السفينة نحو 40 عامًا، والبعض يقول قضا 150 يومًا، وقيل غير ذلك.
كانت سفينة نوح بمثابة معجزة ووحي من الله عز وجل لسيدنا نوح لأجل حمايته وقومه من الطوفان، بل كانت حماية الكائنات الحية كذلك، إذا أمر الله سيدنا نوح عليه السلام أن يحمل معه في السفينة من كل نوح من الكائنات الحية زوجين.
قال تعالى: “حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ” (سورة هود: 40)
بيد أنه لم يرد في القرآن الكريم، ولا في السنة النبوية ما يبين المدة التي استغرقها سيدنا نوح لبناء السفينة، ذلك أن الأمر كله كان بمثابة معجزة وتأييد من الله عز وجل، لذا قال الله تعالى: ” وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا…” (هود: 37)
قال المفسرون أن “بأعيننا”: أي بتوفيق ورعاية من الله، فلا يتمكن أحد من منعك من صناعتها، “ووحينا” أي جبريل عليه السلام هو من ساعد سيدنا نوح في صناعتها، هذا يجيب عن تساؤل كم استغرق بناء سفينة نوح بوضوح.
بيد أن البعض يقول إنه استغرق في بنائها سنتين، ومنهم من قال أربع، والبعض على أنه استغرق نحو 100 عامًا في بنائها، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: “ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ” (سورة العنكبوت: 14)
لم يجزم القول في تلك المدة، والذي يقول به أغلب أهل العلم أنه مكث في بنائها دهرًا طويلًا، مثلما طالت مدة دعوته.
اقرأ أيضًا: قصة سيدنا سليمان كاملة
قصة بناء سفينة نوح
إن كنت تتساءل كم استغرق بناء سفينة نوح، فلا بد أن تعلم بتفاصيل بناء السفينة، والتي تبين بشيء من التفاصيل التقدير الصحيح للمدة المُستغرقة.
بدأ الأمر حينما دعا سيدنا نوح عليه السلام قومه للتوحيد وعبادة الله عز وجل، فما كان منهم إلا التكذيب والإعراض، حتى أنهم ساوموه بإخراج الفقراء وطردهم من أجل إسلامهم، بيد أن سيدنا نوح عليه السلام رفض ذلك.
حيث جاء في القرآن على لسان سيدنا نوح: “ وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۚ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ”
لم ييأس سيدنا نوح من دعوة قومه، حتى استغرقت دعوته ألف سنة إلا خمسين عامًا، فما كان منهم إلا الإعراض والجحود، حتى طلبوا منه استهزاءً أن يأتهم الله بالعذاب الذي وعدهم إياه، حيث قال الله عز وجل: ” قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ”
أصدر الله عز وجل حكمه ووعيده في القوم الكافرين، فأرسل عليهم الطوفان، وأمر سيدنا نوح بأن يسري في السفينة هو وأهله المؤمنين.
بدا أمر السفينة غريبًا على سيدنا نوح وقومه لاسيما أنهم لم يكونوا على علم بالسفن، او كيفية صناعتها، فتمت صناعة السفينة بعون الله عز وجل ورعايته، ووحيه وهو جبريل عليه السلام.
تمت صناعة السفينة آنذاك على اليابسة، حيث لم يكن هناك ماءً حينها، وكانت سفينة كبيرة، حينما أكمل نوحًا بنائها أمره الله عز وجل أن يحمل فيها أهله المؤمنين، وكذا أن يحمل من الحيوانات والكائنات الحية من كل نوع منها زوجين اثنين؛ من أجل نجاتهم من الطوفان.
حينما انتهى سيدنا نوح من بناء السفينة واستقر كل شيء فيها، أمر الله عز وجل الأرض أن تفجر الينابيع، وأمر السماء أن تنزل الغيث، فجرت الماء، وكانت علامة الطوفان أن تفور الماء من التنور.
كانت امواجًا كالجبال لا تبقى ولا تذر، فارتفع الماء حتى ابتلع كل شيء حتى الجبال، في ذلك يقول الله عز وجل: “ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ* قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ” (هود:42- 43)
فلم ينجَ من قوم نوح إلا من كان في السفينة، فجرت بها في البحر، ثم أراد الله عز وجل لها بالوقوف حتى رست عند جبل الجودي، وهو ما أشار إليه الله عز وجل في قوله: “ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ”
أمر الله عز وجل السماء أن توقف الغيث، والأرض أن تبتلع الماء، ونجا سيدنا نوح وقومه المؤمنين، قال تعالى: “ فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ” (الشعراء: 119- 120)
اختلفت أقوال أهل العلم في مكان جبل الجودي، فتعددت أقوالهم، وهي:
- ديار بكر، واليت تقع بالقرب من الموصل.
- بالقرب من الكوفة.
- البعض على أنه يقع بين الحدود السورية والعراقية في مكان تابع لتركيا.
اقرأ أيضًا: دعاء سورة يس لتسخير القلوب
مواصفات سفينة نوح
بعد الإجابة عن تساؤل كم استغرق بناء سفينة نوح، يمكن الحديث عن مواصفات السفينة والتي هي آية من آيات الله عز وجل ومعجزة من مُعجزاته، ذلك أن الله عز وجل ترك آثارًا للسفينة؛ لتكون عبرة للبشر على مر العصور، ويستدل على ذلك بقوله تعالى: “ وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ” (سورة القمر: 15)
كما وردت بعض الآثار التي تبين مواصفات تلك السفينة، فكانت متينة قوية، وقد أوحى الله عز وجل لسيدنا نوح أن يكون جسيم السفينة على هيئة طير.
- يُقال إن السفينة كانت من ثلاث طوابق، وضعت الحيوانات التي تمشي على أربع في طابق منها، والطيور في طابق، والثالث لمن آمن مع نوح.
- صُنعت السفينة بألواح متينة ودُقت بها المسامير كما يُصنع في سائر السفن، وأشار الله عز وجل إلى ذلك في القرآن الكريم: “ وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ”
- كما قيل إنها كانت مطلية بالقار، واختلف العلماء في أبعادها فالبعض يقول إنها تبلغ من الطول 80 ذراعًا، وعرضها 50، ارتفاعها نحو الـ 30 ذراعًا.
- بينما يقول البعض أن طولها 660 ذراع، وعرضها 330، وارتفاعها 33.
الواجب على المسلم تجاه الآيات والمعجزات أخذ العبرة والعِظة، أما التساؤل حول أمور لن تنفع إيمانه أو تزيد من حسناته.. فالواجب عدم الخوض فيها، لاسيما إن لم يرد فيها نصًا أو دليلًا شرعيًا.