هل الميت يرى أهله في الدنيا

هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم؟ من المعلوم بالضرورة أن الإنسان إذا توفته الملائكة انتقل إلى عالم الأموات، فلا نستطيع أن نعرف من الأمور الغيبية إلا ما أخبرنا به الله عز وجل، ولهذا سنتعرف على إجابة وافية لأسئلة هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم والكثير من الأمور الأخرى من خلال موقع الملك.

هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم؟

الموت هو الحقيقة الأبدية الحتمية للجميع، ولكن يكون للحزن وألم الفقد نصيب الأحياء من بعد الميت، فتتردد هذه الأسئلة على أّذهانهم هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم؟ لذا نوضح الأمر بشيء من التفصيل.

عندما يموت الإنسان ينتقل إلى عالم البرزخ، وهو من الغيبيات، فلا نعرف ما يحدث للميت، غير ما أخبرنا به القرآن الكريم والسنة النبوية، فالوحي يجيب عن التساؤلات التي تخطر على البال حول الموت، والإنسان إذا توفى له شخص قريب منه، أو شخص من أهله، فإنه يريد أن يعرف ما هي أحوال الميت؟ وهل يكون هناك اتصال بينهم بعد الموت؟ وما هي اللحظة التي سيراهم فيها مجددًا؟

لكل إنسان أجل وميعاد محدد محجوب عنه لا يعلمه إلا الله كما يقول الله -سبحانه وتعالى-:

“مَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا ۗ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ” (آل عمران:14)

فلا يحيي أحد بعد أجله، بل لكل إنسان ميعاد.

يخبرنا أهل الدين وفقهاء الأمة بشأن رؤية الميت أهله في الدنيا، بأن ذلك لم يرد فيه نص من الوحي سواء من القرآن الكريم أو السنة النبوية، وكما قلنا إن الميت ينتقل لعالم الأموات وهو من الغيبيات التي لم يرد فيها نص، ولا يعرف أحد عنها شيء.

لكن ذكر السيوطي في كتابه (بشرى الكئيب بلقاء الحبيب) عن رواية سعيد بن جبير، يقول: “أن الميت يعرف من يزوره من أهله ويستقبلهم، ويعلم ماذا يحدث حوله” ثم قال: “إذا مات الميت استقبله ولده كما يستقبل الغائب”.

اقرأ أيضًا: ماذا يحدث لجسد الميت بعد 40 يوم من وفاته

دليل من السنة النبوية على مخاطبة النبي للأموات

كما ذكرنا في جواب هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم؟ أنه لم يرد نص في الوحي عن عالم الأموات، إلا أن هناك حديث ورد عن الرسول الكريم، حيث يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:

“وقف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أهلِ القليبِ فقال يا أهلَ القليبِ هل وجدتم ما وعد ربُّكم حقًّا فإني وجدت ما وعدَني ربِّي حقًّا قالوا يا رسولَ اللهِ هل يسمعونَ ما تقولُ قال ما أنتم بأسمعَ لما أقولُ منهم ولكنهم اليومَ لا يجيبونَ” صحيح مسلم.

اقرأ أيضًا: دعاء الميت العفاسي مكتوب

حال الميت في القبر  

أخبرنا الفقهاء أن الميت لا يسمع ولا يتكلم، ولكن يشعر الميت بأهله عندما يزورونه في المقابر، فما ينتفع به الميت في قبره هو عمله الصالح في الدنيا، وبينوا أن زيارة أهل الميت للمتوفى في قبره أولى من الزيارة العامة للقبور، فيكون بهذا إحسان للميت بعد موته.

أيضًا تتلاقى أرواح الأموات فيعرفوا فيها كيف كان حاله في الدنيا، وما كان عليه، على أن أكثر ما يحتاجه الميت في قبره الدعاء الصادق له، والدعاء للميت يصل له تخفيف له وتثبيت له عن سؤاله في قبره.

فقد أشار لهذا جماعة من الفقهاء، وينتفع أيضًا الميت بالصدقة، فتنفعه في قبره وفي هذا خلاف، وورد أيضًا أن الميت يشقى ببكاء أهله وأحبته عليه فيتألم لحالهم، وهنا نستند إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “ليس منا من لطم الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية” صحيح البخاري.

الميت يسمع قرع النعال بعد دفنه ووداع أحبته له، وبوده لو لا يرحلون ويبقون بجواره، وفي هذا إشارة صحيحة من السنة النبوية عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعند المرور على المقابر نسلم على الأموات جميعًا كما علمنا النبي، فعن بُريدةَ -رَضِيَ اللهُ عنه- قال: “كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُهم إذا خرجوا إلى المقابِرِ، فكان قائِلُهم يقول: السَّلامُ عليكم أهْلَ الدِّيارِ من المؤمنينَ والمُسلمينَ، وإنَّا إنْ شاءَ الله لَلاحِقونَ، أسأَلُ الله لنا ولكم العافِيةَ“.

ما يصل للميت بعد موته

مما سبق عرفنا هل الميت يرى أهله في الدنيا ومتى يراهم ومتى يحجب عنهم، والآن نتعرض لما يصل للميت من أهله حينما يموت ويُدفن وينصرف أهله عنه، وهنا نستند إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له”.

يوضح لنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الإنسان إذا مات انقطع عنه عمله فلا يصل إليه أجر أو ثواب من شيء إلا ثلاثة فقط، فإن ثواب هذا العمل متصل دائم، أولها الصدقة الجارية، أي يتصدق الإنسان في دنياه في عمل خير، وهذه الصدقة متصلة إلى أن يموت فلا تنقطع.

كالمشاركة في بناء مسجد، أو حفر بئر، أو وقف، أو غرس شجرة، أو أي عمل من الأعمال الصالحة التي يبقى ثوابها مستمر للإنسان.

ثم يخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- ثاني هذه الأعمال وهي علم ينتفع به، فلم يقل علم وسكت بل قيده بالانتفاع، أي شرط هذا العلم الانتفاع به من بني البشر، كأن يكتب كتابًا أو يكون له الدروس التي تنفع طلابه بعد موته، أو يكون قد كتب نظمًا أو متنًا في علم من العلوم، فينتفع به الناس ويدرسونه لما بعدهم وهكذا من العلوم الدينية أو الدنيوية.

ثم انتهى الحديث بأجمل ما قد يبنيه الإنسان ويفعله في حياته الدنيا وهو الولد الصالح، يتزوج المرء ويبني تلك الأسرة التي تتقي الله ويرجون رحمة الله والجنة، فحينما يموت الأب أو الأم يدعو الابن الصغير لوالده كل حين.

كما أمرنا ربنا بالدعاء للوالدين في قوله تعالى: “وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا” الإسراء 24، فيكون هذا بمثابة عمل صالح له لا ينقطع، وفي هذا الحديث الشريف حث على الصدقات والعلم والإحسان والرحمة بالوالدين.

اقرأ أيضًا: أفضل دعاء للميت يوم الجمعة مكتوب مستجاب بإذن الله

هل الدعاء يصل للميت؟

ورد في السنة النبوية أن الدعاء يصل للميت وينتفع له، مثلما أمرنا -صلى الله عليه وسلم- عند زيارة القبور أن نسلم على أهلها وندعو لهم بالرحمة والمغفرة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إذا صليتم على الميت فاخلصوا له الدعاء”.

بالدعاء يرفع الله درجة العبد الصالح ويكون هذا بسبب الدعاء له، فاستغفار الأبناء بمثابة هدية للميت يرحمه الله بها، وفي هذا حث على الدعاء لموتانا وموتى المسلمين وندعو الله أن يحرمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه.

انتهاء الحياة وقضاء الأجل، وانتقال الإنسان لمنزلة أخرى من منازل الآخرة، كان لابد من تخاطر هذه الأسئلة لمعرفة ما تؤول إليه الأمور، ولكن يظل الموت وأسئلته من الأمور الغيبية، التي لا نعرف عنها إلا القليل.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا