هل الميت يشتاق لأهله

هل الميت يشتاق لأهله؟ وهل يشعر بمن يدعوا له؟ عالم الموتى لا يعلمه إلا الله وحده،  لكن هناك بعض الأحاديث النبوية والتفسيرات والشواهد التي توضح حقيقة إن كان الميت يشتاق لأهله أو يشعر بهم أم لا، وهل يستمع الميت إلى ذويه وأهله؟ كلها أسئلة تدور في بل الكثيرين ولقد أجاب عليها الشرع والسنة وهذا ما سنوضحه لكم في المقال التالي من خلال موقع الملك.

هل الميت يشتاق لأهله

بعد موت الإنسان ودفنه يبدأ رحلة أخرى وهي رحلة الآخرة والتي تبدأ من القبر فينشغل الميت بنعيم قبره أو عذابه على حسب عمله في الدنيا، فلا يعلم شيئاً عن الحياة الدنيا إلا ما أراد الله له أن يعرفه أو يطلعه عليه من أخبار أو أحوال عن أهله وذلك لأصحاب العمل الصالح.

هنالك بعض الخرافات التي تنتشر باسم الدين أن الأنسان تعود روحه بعد أربعين يوماً من وفاته، أو تبقى روحه مع أهله لمدة أربعين يومًا من الوفاة، هذه كلها من الخرافات التي لم يؤكد عليها شيئاً من السنة أو الأحاديث الصحيحة.

كما أكدت بعض الأحاديث أن الميت يظل مشغولاً فيما هو فيه في القبر من نعيم أو عذاب ولا يشتاق للأهل، وذلك حسب الأحاديث الصحيحة، فأهوال القبر تلهي الميت عن أي شيء قد يشغل الإنسان في الدنيا.

أما بالنسبة لسماع الموتى للكلام في الحياة أو سماع الموتى لذويهم، فقد أختلف في تفسير هذه القضية من بين من قال إنهم يسمعون بالكامل كل ما يجري في الحياة ولكن لا ينفعهم أو يفيدهم هذا السماع فهو دون جدوى، وهناك من ذكر أنهم يسمعون جزئيا فقط وفي بعض الأحيان.

يرجح رأي عدم سماع الموتى لأي شيء في الحياة وذلك لما ورد في راي السيدة عائشة وابن مسعود وابن عباس -رضي الله عنهم جميعاً- ولكن قد يعترض البعض على ذلك ويذكر حديثي خفق النعال وحديث القبيب، ولكن يؤكد العلماء أن هذا لا يعمم أن الأموات يسمعون جميعاً وأن هذه حالة خاصة جزئية لمواقف معينة ولا يمكن القياس عليها والتعميم.

يرى أقارب الميت وأهله فقيدهم في المنام كثيرًا وقد يعتقدون أنها رؤية حق، ولكن الواقع أنه من العادي أن يرى أقارب الميت فقيدهم كثيراً بعد فترة موته مباشرة، فذلك يكون لتأثرهم بفقدانه واشتياقهم له وكثرة التفكير فيه.

لذلك لا يمكن التأكيد أن في كل الحالات تعتبر هذه رؤية صادقة وأن الميت هو بنفسه من أتي إلى المنام، حيث تعتمد الرؤية الصادقة على صدق المتلقي للرؤية وصلاحه وقربه من الله حتى يمكن اعتبارها رؤية بالإضافة إلي صدق الرؤية نفسها.

هنالك بعض الرؤى تكون حق ويوصي فيها الميت بشيء أو يخبر فيها ذويه بشيء ويجدونه حق، مما يؤكد صدق هذه الرؤية وصدق متلقيها، وهنالك بعض الرؤي التي لا يمكن لأهل الميت الذين تلقوا خبراً في الرؤية التأكد مما ذكره الميت، كما أنه قد يذكر الميت شيئا ولا يجدونه حقيقياً عند التأكد منه، لذا يجب مراعاة تفسير الرؤية والتأكد منها.

اقرأ أيضًا: دعاء الميت العفاسي مكتوب

هل الميت يشعر بمن يدعو له

بعدما أجبنا عن سؤال هل الميت يشتاق لأهله، علينا العلم بأن افتقاد الميت لأهله قد يؤكده أو ينفيه بعض العلماء لكن مما لا شك فيه أن الميت يحتاج للدعاء وقد وردت أدعية للميت في القرآن والسنة.

بالإضافة إلى الصدقات أيضًا واللذان يفرح الميت بهما ويريحانه في قبره، فالصدقة الجارية تأتي بحسنات للميت من حيث لا يدري، كما أن الدعاء يخفف به الله عن الميت.

أما عن شعور الميت بمصدر هذا الدعاء فقد أختلف فيه العلماء وهل يمكن أن يعلم الميت مصدر هذه الصدقات أم لا، كما أن بعضهم قال إن الميت يتعذب من بكاء الأهل عليه، ويحزن لحالهم الحزين، ولكن كل هذا من دون تأكيد واضح من الأحاديث الصحيحة، ولكن لا شك في أن الدعاء والصدقة هما في العموم في صالح الميت.

هل الميت يشعر قبل الدفن بمن حوله

حديثنا مستمر بعد الإجابة على سؤال هل الميت يشتاق لأهله، فيقول العلماء أن الميت يشعر ويسمع بكل شيء من حوله قبل دخوله القبر، ولكن بعد دخول القبر يسمع صوت نعالهم فقط وهم متواجدون كما ورد في حديث خفق النعال.

هذا لا يعني بأن يأتي ذوي المتوفي دائما في القبر حتى يشعر بهم، ولكن مما لا شك فيه أن الدعاء نافع بشكل أساسي له سواء عن بعد أو قرب.

هل تتقابل أرواح الموتى وتتزاور وتتذاكر

يصنف علماء الدين الأرواح إلى نوعين، نوع يعيش في نعيم القبر والنوع الآخر يعيش في عذاب القبر، أما عن النوع الذي يعيش في نعيم القبر فيقول العلماء أنهم يتقابلون ويتزاورون ويتذاكرون سوياً ويذكرون ما حدث في الدنياً وأدى بهم إلى هذا النعيم في القبر، كما يخبر العلماء أن الأرواح في القبور تتقابل مع الأرواح التي تشبها في العمل الصالح.

أما عن الأرواح التي تعيش في عذاب القبر تكون مشغولة في القبر وأهواله ولا يستطيعون التقابل والتنقل والتزاور مثل الأرواح التي تعيش في نعيم القبر.

اقرأ أيضًا: علامات الموت عند مريض الغيبوبة

هل يعلم الميت أنه قد مات وهل يعلم من يكفنه ويغسله ويحمله إلى القبر

ينتشر هذا السؤال بشكل كبير مثله مثل سؤال هل الميت يشتاق لأهله، فيتسابق البعض على تكفين أو تغسيل الميت حتى يشعر الميت بأن فلاناً قد غسله أو كفنه وحمله إلى قبره، ولكن يجب على من يريد فعل ذلك هو السعي لكسب الثواب أولاً، وليس التفكير في معرفة هل يقوم الميت بمعرفة أني من غسلته أو كفنته أو حملته إلى قبره.

فبالتأكيد يكون الميت على علم بأنه قد توفي وفارق الحياة الدنيا، ولكن قضية معرفة من يكفنه أو يغسله لا يوجد عليها دليل واضح ليؤكد ذلك، إنما ما هو مؤكد أن الميت يشعر بزيارة أهله له ودعائهم.

الأشياء التي تنفع الميت في القبر

لا يجب فقط التفكير في هل الميت يشتاق لأهله أم لا، بل عليه أولًا التفكير فيما ينفع الميت في القبر وهو عمله الذي يستمر في جلب الحسنات له من صدقات جارية، مثل سقي الماء والجوامع التي قد يبنيها الميت في حياته والكثير من الأعمال الخيرية التي تستمر في جلب الخير له.

كما ينفع الميت ما يفعله الآخرون له من صدقات جارية بعد وفاته ودعاء له، كما أن قضاء ما عليه من ديون هو أمر أساسي، قراءة القرآن ووهبه له أو عمل الأعمال الصالحة الأخرى هي أيضًا من أهم الأشياء التي تنفع الميت بعد وفاته.

بعض الأحاديث التي تتحدث عن هل الميت يشتاق لأهله

هناك بعض الأحاديث التي تتحدث عن هذا الموضوع منها ما هو الضعيف ومنها ما هو صحيح وهو ما يستند إليه العلماء للإجابة عن السائلين.

ففي حديث أبو هريرة -رضي الله عنه وأرضاه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

إذا حُضِرَ المؤمنُ؛ أَتَتِ ملائكةُ الرحمةِ بحَرِيرةٍ بيضاءَ، فيقولون: اخرُجِي راضيةً مَرْضِيًّا عنكِ إلى رَوْحِ اللهِ ورَيْحانٍ، وربٍّ غيرِ غضبانَ، فتخرجُ كأَطْيَبِ رِيحِ المِسْكِ، حتى إنه لَيُناوِلُهُ بعضُهم بعضًا، حتى يأتوا به أبوابَ السماءِ، فيقولون: ما أَطْيَبَ هذه الرِّيحَ التي جاءتكم من الأرضِ! فيأتون به أرواحَ المؤمنينَ، فلَهُم أَشَدُّ فرحًا به من أحدِكم بغائبه يَقْدُمُ عليه، فيسألونه: ماذا فعل فلانٌ؟! ماذا فعل فلانٌ؟! فيقولون: دَعُوهُ؛ فإنه كان في غَمِّ الدنيا، فيقول: قد مات، أَمَا أتاكم؟! فيقولون: قد ذُهِبَ به إلى أُمِّهِ الهاويةِ. وإن الكافرَ إذا احتُضِرَ؛ أَتَتْهُ ملائكةُ العذابِ بمِسْحٍ، فيقولون: اخرُجِي ساخطةً مَسْخوطًا عليكِ إلى عذابِ اللهِ – عز وجل -، فتخرجُ كأَنْتَنِ ريحِ جِيفةٍ، حتى يأتون به بابَ الأرضِ، فيقولون: ما أَنْتَنَ هذه الريحَ! حتى يأتون به أرواحَ الكفار” رواه النسائي وابن حبان وصححه الألباني.

كما أن هناك حديث آخر عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ رَجُلٍ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، إِلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ

وهو ما يبين أن هناك أمواتاً يشعرون بمن يمر عليهم في القبور ويعزز حجة العلماء الذين يجيبون بنعم على سؤال هل الميت يشتاق لأهله؟

ما يجب على أقارب الميت

إن إحساس الميت بأهله أمر اختلف فيه العلماء لذا يفضل أن يشغل أهل الميت بالهم بما يفعلونه لنفع الميت وذلك إن كان يشعر به أم لا، فما يفيد في النهاية هو أنه خيراً له، كما أنه يجب عليهم الرضا بقضاء الله وأن أمر الله حق.

كما أن هناك من الدعاء النافع المذكور في القرآن والسنة مثل حديث أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله {إنا لله وإنا إليه راجعون} اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها

اقرأ أيضًا: ماذا يحدث لجسد الميت بعد 40 يوم من وفاته

ما يحرم على أقارب الميت

كما أن هناك أفعال واجبة على أهله الميت لكسب الثواب هناك أفعل تحرم على أهل الميت وقد تضر بالميت كما ذكرت بعض الأحاديث.

أيام الجاهلية كانت تنتشر النياحة على الميت بشكل كبير، وهي أمر أزيد وأكبر من البكاء فكانوا في الجاهلية يضربن الوجه ويضعن التراب على الرؤوس، وقد نهى رسول الله عن هذا الفعل في الأحاديث المختلفة مثل:

أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة. وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب ” رواه أبي مالك الأشعري في صحيح مسلم.

كما أنه توجد الكثير من عادات الجاهلية الأخرى التي انتشرت ونهى عنها رسول الله مثل ضرب الخدود وذكر أقوال الجاهلية التي كانت تقال وقتها وشق الجيوب كما ورد في الحديث التالي:

رواه البخاري، ومسلم، في صحيحيهما عن ابن مسعود ” ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعى بدعوى الجاهلية “،

سؤال هل الميت يشتاق لأهله لا يهم أن تكون إجابته بنعم أو بلا، المهم أن نحافظ على ألا ينقطع عمل موتانا بدعواتنا لهم وبالصدقات الجارية وبزيارتهم من حين إلى آخر، فهذا ما يفرحهم.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا