هل الميت يشتاق للأحياء

هل الميت يشتاق للأحياء؟ هل يسمع أصواتهم ويشعر بحزنهم وبكائهم عليه أم لا؟ نحن لا نعرف ما يشعر به الميت في القبر، ولا نعلم ما يحدث له بمجرد دفنه، حيث إن روحه تنتقل إلى عالم آخر لا نعرف عنه أي شيء، لذا سنوضح من خلال موقع الملك إجابة سؤال هل يفتقد الميت الأحياء أم لا؟

هل الميت يشتاق للأحياء

الميت يكون في عالم آخر لا يعلم أحد القوانين التي يسري بها غير الله تعالى، فلا يقدر الميت على التفريق بين الماضي والحاضر، والمستقبل، كما أنه لا يقدر على تحديد الوقت الذي مر على وفاته أو الوقت الذي مر على زيارة أهله له.

أما بالنسبة لإجابة سؤال هل الميت يشتاق للأحياء؟ تكون الإجابة لا حيث يكون شغله الشاغل في الجزاء الذي سيحصل عليه هل سيدخل الجنة وينعم بخيراتها وملذاتها؟ أم سيدخل النار ليلقى العذاب الشديد؟ لذلك يجب على الأقارب والأصدقاء أن يدعون له بالرحمة والمغفرة على الدوام.

اقرأ أيضًا: ماذا يحدث لجسد الميت بعد 40 يوم من وفاته

هل يمكن للأموات أن يسمعون كلام الأحياء

من خلال إجابتنا على سؤال هل الميت يشتاق للأحياء علمنا أنه ذهب الجمهور إلى أن الأموات لا يقدرون على سماع الأحياء، وهناك من رأى أنهم قادرون على السماع في الجملة دون السماع المطلق، وهناك من ذهب إلى قدرة الأموات على سماع الأحياء على الدوام.

لكنهم يكونون عاجزين عن الرد أو الاستفادة من الكلام الذين يسمعوه، ولكن المؤكد أن الميت يسمع صوت نعال الزائر وهو يغادر قبره بعد انتهاء الدفن، وذلك مصداقًا لقول الرسول-صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ المَيِّتَ إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ، إنَّه لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعالِهِمْ إذا انْصَرَفُوا. وفي رواية: إنَّ العَبْدَ إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ وتَوَلَّى عنْه أصْحابُهُ) رواه مسلم.

كان من الجمهور الذي يتفق على عدم سماع الميت للأحياء السيدة عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- فهي رأت أن ما حدث مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- أثناء حديثه لقتلى بدر ما هو إلا معجزة متعلقة بالرسول فقط ولا تحدث مع باقي البشر، وذهبت إلى ذلك عائشة -رضي الله عنها- لقول الله تعالى:

(إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) سورة النمل:80، وقول المولى -عز وجل-: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ) سورة فاطر:22.

هل الميت يذهب لأهله في المنام

ليست جميع الرؤى صادقة ويلزم تصديقها، وذلك لأن هناك رؤى من اختلاق الشياطين، وقبل الإشارة إلى صدق الحلم يجب مراعاة عدة أمور منها: مدى صدق صاحب الرؤيا، مدى صدق الحلم إلى جانب الطريقة التي يحكي بها الحالم الرؤيا التي رآها.

فمثلًا إذا جاء الميت في الحلم ليقول وصيته بشأن بعض الأشياء الموجودة بالفعل في الواقع، فذلك يشير إلى احتمالية صدق الرؤيا لتطابقها مع الحقيقة على عكس الأحلام التي لا تمت بالواقع بأي صلة، وذلك ما علمناه من خلال الإجابة عن سؤال هل الميت يشتاق للأحياء.

هل يشعر الميت بمن يبكي

جدير بالذكر أن إجابة سؤال هل الميت يشتاق للأحياء متعلقة بإجابة سؤال هل هو يشعر بالبكاء أم لا؟ حيث إن هناك اعتقاد شائع بين الناس بأن الميت قادر على الإحساس بمشاعر الحزن التي تسيطر على أهله لفقدانه.

لكن ذلك غير صحيح بالمرة حيث لم يُذكر في القرآن الكريم أو الحديث الشريف هذا الأمر، وكل ما تم ذكره هو أن الميت قادر على رد سلام الزائر، وفي حالة دعاء الزائر له أو قيامه بقراءة القرآن أو التصدق على روح الميت، فكل تلك أمور يصل ثوابها إلى الميت.

اقرأ أيضًا: دعاء الميت العفاسي مكتوب

هل يشعر الميت بمن يزوره

تصل دعوات وصدقات الزائر إلى الميت وينتفع بثوابها كما أشرنا من قبل، وهناك من يرى أن الأموات يسمعون كلام معين مما ينطقه الأحياء، ويتخذون رواية ابن عمر -رضي الله عنه وأرضاه- حجة لهم حيث قال:

(اطَّلَعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى أهْلِ القَلِيبِ، فَقَالَ: وجَدْتُمْ ما وعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فقِيلَ له: تَدْعُو أمْوَاتًا؟ فَقَالَ: ما أنتُمْ بأَسْمع منهمْ، ولَكِنْ لا يُجِيبُونَ) رواه البخاري.

فنجد أن النبي -عليه الصلاة والسلام – كان يتحدث مع ثلاثة من المشركين قتلوا في موقعة بدر لأنه يعلم أنهم يسمعونه، ويعلم أنهم عاجزون عن الرد أيضًا، ولقد أوصانا الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن نسلم على الموت فور وجودنا أمام قبورهم.

ذلك بمقتضى رواية بريدة -رضي الله عنه- حين قال: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إذَا خَرَجُوا إلى المَقَابِرِ، فَكانَ قَائِلُهُمْ يقولُ، في رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: السَّلَامُ علَى أَهْلِ الدِّيَارِ، وفي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ: السَّلَامُ علَيْكُم أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وإنَّا، إنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ). رواه مسلم.

هل يشعر الميت بمن يدعو له

بعد أن قدمنا إجابة هل الميت يشتاق للأحياء؟ علينا ذكر الأمر من حيث دعاء الأحياء للأموات، فهل يشعر الميت بذلك؟ فنشير إلى أن الميت يلتمس النفع من وراء دعوات الزائرين له ويحظى بثواب كبير بسبب تلك الدعوات.

لذلك يجب على المسلم ألا ينسى من في القبور ويتذكرهم دائمًا بالدعاء لهم بالرحمة والمغفرة، كما يمكن أن يتصدق المسلم عن الميت لأن ذلك يرفع مكانته في الدار الآخرة.

ذلك ما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ ليَرفعُ العبدَ الدرجةَ فيقولُ: ربِّ أنَّى لي هذه الدرجةُ؟ فيقولُ: بدعاءِ ولدِكَ لك)، ويجب الإشارة إلى أن الميت لا يستطيع أن يدعو لشخص حي، ولا يقدر على معرفة ما يدور في حياة الأحياء.

اقرأ أيضًا: تفسير حلم الموت للحي

حكم زيارة القبور والسلام على أهلها

إجابة سؤال هل الميت يشتاق للأحياء؟ تفرض علينا معرفة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوصى بزيارة المسلم للميت، وذلك لأن الميت يعرف من ذهب ليزوره من أصدقائه وأقربائه، ويسعد بذلك كثيرًا.

حيث قال -ابن القيم- في كتابه الروح: (وقد شرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه، فيقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين)، وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به).

ما يحدث في القبر للميت

كل نفس ذائقة الموت ولا يستطيع أحد أن يهرب من تلك الحقيقة، فالروح لابد لها في يوم أن تغادر الجسد، ولا يستطيع الإنسان أن يتحكم أو يسيطر على جسده مرة أخرى، وتنتقل الروح إلى حياة البرزخ لتنتظر مجيء يوم الحساب.

الروح تتقابل مع الأرواح التي سبقتها من الأهل والأصدقاء، وأكد على ذلك الغزالي في كتابه (إحياء علوم الدين) حينما قال: (ومعنى مفارقتها للجسد: انقطاع تصرفها عن الجسد بخروج الجسد عن طاعتها).

تحدث عادةً أمور مبشرة للميت في قبرة بالجزاء الذي سيحصل عليه، وما يحدث له به متوقف على ما قدمه في الحياة الدنيا هل كان عبد تقي يفعل ما أمر بالله ويجتنب ما نهى الله عنه؟ أم كان عبد ظالم يجور في الأرض، ويرتكب المعاصي دون أن يفكر في القبر وعذابه؟

مصداقًا لقول الله تعالى:

(يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) سورة إبراهيم: 27.

من هذه الآية نعلم أن الله يثبت المؤمن الحق عند الإجابة عن أسئلة الملكان الموكلان اللذان يذهبان إليه في القبر لمحاسبته، ومن تلك الأسئلة من هو ربك؟ وما الدين الذي كنت عليه في الدنيا؟ فيجيب المؤمن الإجابة المنجية التي تدل على إيمانه بالله تعالى وبما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

بينما غير المؤمن لا يستطيع الإجابة لجهله بالدين وعدم قيامه بأعمال صالحة تسانده في ذلك الوقت، فلقد عاش مشغول بالدنيا ونسى أن يعمل لليوم الآخر، وعندما ينتهي الملكان من طرح الأسئلة يكون واضح له مقامه في الآخرة إما نعيم الجنة أو عذاب النار.

اقرأ أيضًا: تفسير حلم الموت للحي

ما ينتفع به الميت في القبر

بعد الإجابة عن سؤال هل الميت يشتاق للأحياء؟ سنذكر الأمور التي ينتفع بثوابها الميت في قبره، وتزيده درجات في الدار الآخرة، وهي ما يلي:

  • أن نستغفر وندعي له باستمرار، وذلك مصداقًا لقول الله تعالى في سورة الحشر:

(وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ).

  • التصدق عن الميت، وذلك حتى ينعم في قبره، وتعلو مكانته في اليوم الآخر، وقد جاء ذلك في الحديث الشريف: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالا وَلَمْ يُوصِ، فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ) رواه مسلم.
  • إذا كان الميت عليه أيام صيام لم يقضيها قبل وفاته، فيجب أن ينوب عنه في الصيام أحد حتى لا يعذب بسبب ذلك، وينول مغفرة الله سبحانه وتعالى.

ذلك ما جاء في الحديث الشريف: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»، ورويا أيضًا من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ: «لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى) رواه مسلم.

  • إذا نذر الميت قبل وفاته أن يحج ولم يقدر على ذلك لمماته، فلا بأس أن يقوم أحد بمراسم الحج عوضًا عنه، حيث روي عن ابن عباس -رضي الله عنه-:

(أنَّ امرأةً مِن جُهينةَ جاءت إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: إنَّ أمِّي نذَرَتْ أن تحُجَّ، فلم تحُجَّ حتى ماتتْ، أفأحُجُّ عنها؟ قال: نعم، حُجِّي عنها، أرأيتِ لو كان على أمِّكِ دَينٌ أكنتِ قاضِيَتَه؟ اقضُوا اللهَ؛ فاللهُ أحقُّ بالوفاءِ)

  • قراءة القرآن للميت بين حين وآخر، ويفضل ختم القرآن له عدة مرات، حيث إن لذلك ثواب كبير لكل من القارئ والميت.

جميعنا لدينا أحباء في القبور يعز علينا فراقهم ولا نعلم بما يشعرون، وما علينا إلا الدعاء لهم والتصدق على أرواحهم.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا