هل يجوز ذكر الله على جنابة
هل يجوز ذكر الله على جنابة؟ وما ضوابط الذكر؟ أحلت الشريعة الإسلامية الكثير من الأحكام التي توضح السماحة وعدم التشدد والوسطية عند التحدث عنها.
من هذه الأمور مناقشة جواز ذكر الله على جنابة قياسًا على بعض الأدلة الواردة في السنة، أم هل جوازه مجرد فهم خاطئ لمنطوق الحديث وقامت العامة بتداوله بينهم؟ وهنا يجيب موقع الملك عن كل هذه التساؤلات.
هل يجوز ذكر الله على جنابة؟
أجمعت الأمة الإسلامية على جواز الذكر والتسبيح في كل الأوقات وعلى كل الأحوال؛ حتى وإن كان الذاكر أو المسبح في حالة (حيض – نفاس – جنابة) استدلالًا بالأدلة النقلية من القرآن الكريم في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا” (الأحزاب الآية:41 – 42)
من السنة حديث السيدة عائشة –رضي الله عنها- قالت: “كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ” (رواه مسلم).
من الأدلة العقلية قول الإمام النووي بإجماع الأمة الإسلامية على “جواز الذكر بالقلب واللسان للمحدث والجنب والحائض والنفساء، وذلك في التسبيح والتكبير والتهليل والصلاة على النبي والدعاء وغيره“.
حكم قراءة القرآن لمن هو على جنابة
في سياق الإجابة عن هل يجوز ذكر الله على جنابة؟ قد اختلف الفقهاء في هذا الحكم لما فيه من تداخل النية وتقدير للحالة، وهناك حكمان هما:
1- تحريم القراءة بنية التعبد
أجمع الأربع فقهاء وبعض كبار الأمة على تحريم قراءة القرآن لمن هو في وضع جنابة بنية التعبد سواءً أكانت القراءة بقدر كبير أو بسيط أو من المصحف نفسه أو استرجاعه من الذاكرة (التسميع).
هناك عدد من العلماء المتقدمين ممن أجاز قراءة القرآن للجنب بنية التعبد مثل البخاري والطبري وغيرهم استدلالًا بحديث السيدة عائشة – رضي الله عنه – “ كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ” (رواه مسلم)، ويدخل في ضمن منطوق الحديث في تفسير الذكر قراءة القرآن الكريم.
اقرأ أيضًا: طريقة الاغتسال من الجنابة
2- جواز القراءة بنية الذكر
هناك العديد من العلماء الذين أقروا بجواز قراءة من يكون في حالة جنابة للقرآن الكريم بنية الذكر.
(كالأدعية بلفظها القرآني – ودعاء الذرية الوارد على لسان النبي زكريا في القرآن “رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ” – ودعاء الكرب الوارد على لسان النبي يونس في القرآن الكريم “لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” – وقول عن الموت “إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”).
يكون في حالة إمرار القرآن على الخاطر أو الاستماع إليه أو النظر في مصحف إلكتروني، لكن مع مراعاة عدم تحريك اللسان والشفتين (يعتبر تعبد) يكون جائز عمله لكل من هو على حالة جنابة.
ضوابط الذكر
استكمالًا للإجابة عن هل يجوز ذكر الله على جنابة؟ هناك العديد من الأمور التي يجب على المسلم اتباعها عند قيامه بالذكر، ومنها ضوابط الذكر التالية:
1- اختيار الأوقات
هناك العديد من الأوقات التي يستحب فيها الذكر كالوقت بين الآذان والإقامة، ووقت قرآن الفجر، ووقت القيام ليلًا مصداقًا لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم–: “أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن” رواه الترمذي وصححه الألباني.
بالإضافة إلى ساعة الإجابة في يوم الجمعة، وعقب كل صلاة من الصلوات الخمس المفروضة مصداقًا لقوله تعالى “وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا“. (طه – الآية: 130)
2- التوجه للقبلة
يجب على كل من يبدأ الذكر أن يتوجه للقبلة، لما في ذلك من التوقير والاحترام، ومقصد التوجه لله تعالى في نفس اتجاه الصلاة.
اقرأ أيضًا: أعراض الجنية العاشقة للرجل
3- الدعاء بخشوع
يجب على كل مسلم عندما يتضرع لذكر الله أن يكون هذا الدعاء صادر من القلب حتى يستطيع الوصول للخالق، وتتحقق الاستجابة لهذا الدعاء.
4- التسوك من آداب الذكر
يستحب عندما يقوم العابد بمقابلة المعبود أن يقوم بالتزين في أبهى صورة، وعندما يقابل المسلم ربه يجب أن يكثر من زينته، ومن هذه الزينة المستحبة التسوك قبل التوجه إليه سبحانه وتعالى للدعاء.
5- تذكر عظمة الله
يجب على كل مسلم قبل التوجه لله تعالى للدعاء أن يستحضر عظمة الله في قلبه، وأن يتيقن بأن الله هو القادر على فعل كل شيء بعظمته وقدرته، لذا يجب أن يكون المسلم على يقين بالاستجابة.
اقرأ أيضًا: أحاديث عن معاشرة الزوجة
6- طهارة البدن والثوب
عندما يقوم الفرد بمقابلة شخص مهم فإنه يلبس أحسن ثيابه ويتزين بأفضل زينته، فما بالك بمقابلة الخالق عند الذكر؟ فإنه يكون من الأولى له أن يقوم بضرورة التأكد من طهارة الثوب الملبوس، وألا تكون قد مسته أي نجاسة، وأن يتأكد من طهارة الجسم حتى يذهب إلى ربه في أجمل صورة.
ذكر الله من العبادات التي تجب على المسلم في كل أحواله، بما يتطلب ذلك من ضوابط وأمور يجب على كل مسلم اتباعها عند الذكر والتضرع لله.