حوار بين الريف والمدينة

حوار بين الريف والمدينة خيالي لإبراز مميزاتهم، بالرغم من أن المدينة والريف وجهان لعملة واحدة، إلا أن هناك بعض الاختلافات في مظاهر الحياة في كلًا منهما، فالريف يتميز بالبساطة والهدوء والنقاء.

أما المدينة فتضج بأصوات المركبات، ودخانها الملوث، والأسواق، وسهولة الخدمات، ولذلك من خلال موقع الملك سنقدم لكم حوار وهمي بين الريف والمدينة.

حوار بين الريف والمدينة

في هذه الفقرة سوف نقدم لكم نقاش وهمي بين الريف والمدينة، ويدور النقاش كالتالي:

الريف: مرحبًا أيتها المدينة الجميلة ذات الأضواء الصاخبة.

المدينة: مرحبًا أيها الريف الجميل ذو الهدوء والسكون التام.

الريف: لماذا تبدي حزينة.

المدينة: لا أخفي عليك سرًا إني أختنق بسبب الزحام الشديد، فهناك الكثير من الأشخاص الذين يهاجرون من الريف والقرى ويأتون إليّ، مما يتسبب في التضخم السكاني عندي، ويزيد من الازدحام في شوارعي المختلفة، وكثرة السيارات وعوادمها تؤثر على صحتي بشكل كبير.

على عكسك أنت أيها الريف فأنت تسعد بالهدوء والسكينة التامة، حيث المساحات الخضراء الواسعة التي لها مفعول السحر في تهدئة الأعصاب، والتقليل من ضغوطات الحياة المختلفة.

الريف: أشعر بإحساسك أيتها المدينة الجميلة، لكنك يجب أن تنظري إلى المميزات الكثيرة التي تملكينها، فأنتِ تملكي الكثير من الأساليب الحياة الحديثة التي لا تتوافر عندي، فيوجد بك العديد من المدارس والجامعات المجهزة بأحدث الأساليب التكنولوجية.

كما يوجد بك العديد من وسائل الترفيه المميزة التي لا تتوافر لديّ، ويهجرني الكثير من أهلي وسكاني لكي يتمتعون بمميزاتك الكثيرة التي تتمتعين بها، بل أصبح الكثير من أهلي يشعر بالخجل من كوني بسيط وعلى طبيعتي، بل أصبح يتدخل البعض في تغييري لكي أكون نسخةً منكِ.

المدينة: يا له من أمر مؤسف لقد عانينا الكثير بسبب تدخلات الإنسان الدائمة في تغيير طبيعتنا، فأنا في البداية كنت أنعم بالهدوء والسكينة مثلك تمامًا، حتى بدأ الإنسان يبني المباني العالية، وتوسع في ذلك فأصبح هناك الكثير من الأبنية الضخمة الملتصقة ببعضها البعض، وتمنع عني سبل الهواء، وتحجب عني رؤية البحار والأنهار.

أنت بالرغم من الهدوء الذي يعم أرجائك وهوائك النقي الخالي من عوادم السيارات، ودخان المصانع الملوث، وحياتك البسيطة السهلة التي تمكنهم من صنع الخبز وزراعة الخضروات والفاكهة بأيديهم، وبالرغم من بيوتك المتسعة التي تطل على المساحات الخضراء الساحرة، فهناك الكثيرين الذين يسعون وراء تقدم المدينة، فيسعون لتخريب هذه الحياة البسيطة.

الريف: أنه أمر محزن بالفعل إلا أن هناك الكثير من الأشخاص التي تحبني ولا تحاول تغييري، وتقبلني كما أنا ولا تحاول الزحف إليكِ والعيش فيكِ، فيسعدون ويفخرون بأصولهم وهويتهم، ولا يفضلون العيش فيك بسبب الازدحام الذي تعانين منه، ويقومون بزيارتك لتلبية بعض الحاجات وليس للعيش دائمًا.

المدينة: هذا ما أريده أن يحدث من جميع الريفيين أيها الريف، فأنا سأفتح لهم أبوابي على مصراعيها بكل حب وقت زيارتهم لي بسبب غرض معين أو للزيارة وليس للانتقال والعيش الدائم.

لأن ذلك يزيد من الكثافة السكانية، ويتسبب في حدوث الكثير من المشاكل عنديّ، ويؤدي إلى هجرانك، ووقتها لا نجد المحاصيل الزراعية والفواكه الجميلة التي تُزرع لديك.

الريف: آمل أن يدرك الإنسان خطورة ما يفعله بك أيتها المدينة قبل فوات الآوان.

المدينة: أنا أيضًا آمل أن يعود أهلك الذين هجروك إليك، وأن يدركوا قيمتك وأن الأصل والهوية الطيبة، وبدونها نتعرض للكثير من المخاطر.

الريف: شكرًا لكي أيتها المدينة، لقد سعدت كثيرًا بالحوار معك.

المدينة: أنا أيضَا سعدت بهذا الحوار وآمل أن يتكرر.

اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن التعاون

الدروس المستفادة من الحوار بين الريف والمدينة

في إطار الحوار بين الريف والمدينة قد تعلمنا الكثير من الدروس المستفادة، ومنها:

  • ضرورة الانتباه لعدم التدخل السيء في طبيعة الريف أو المدينة، فلا يجب الإكثار من المصانع التي ينتج عنها الغازات الضارة والسموم، ولا يجب استبدال الأراضي الزراعية في الريف بالمباني، لما يشكل ذلك خطورة على استمرار الحياة في كلًا من الريف والمدينة.
  • عدم التنصل من الأصل أو الهوية، فيجب على كل فرد أن يكون فخورًا بهويته، فالريف ليس بوصمة العار أو الشيء السيء الذي يجب أن تستعر منه.
  • إدراك أن المدينة لها الكثير من العيوب بجانب مميزاتها، وكذلك الريف فبالرغم من وجود بعض العيوب به إلا أن هناك الكثير من مميزات العيش فيه، فمثلًا بالرغم من الخدمات القليلة والمتواضعة في الريف إلا أنها تتميز بالكثير من المميزات مثل نقاء الهواء، الهدوء، وبسبب صغر أعداد البشر فيها، فيعرف الجميع بعضهم وهناك حالة من الألفة والحب تشعر بها بمجرد زيارتك للريف.
  • بالرغم من الخدمات الكثيرة المتوافرة في المدينة، واحتوائها على المؤسسات والخدمات الحكومية التي يحتاجها الناس، إلا أن بسبب الازدحام والدخان والغازات السامة، قد يواجه البعض صعوبة في العيش بها.

الهجرة من الريف إلى المدينة

في إطار حوار بين الريف والمدينة يجب عرض قضية مهمة وهي الهجرة من الريف للمدينة، وما ينتج عنها من مميزات وعيوب وذلك حيث يلجأ الكثيرون من سكان الريف إلى الهجرة للمدينة بحثًا عن فرص عمل ومعيشة أفضل، وذلك بسبب ضيق العيش في الريف والقرى المختلفة، وقد ينتج عن ذلك:

  • ارتفاع المستوى المعيشي لأهل القرية الذين سافروا من الريف للمدينة، حيث يوجد العديد من فرص العمل.
  • ارتفاع المستوى الاقتصادي للبلاد بسبب قلة نسبة البطالة.
  • حصول الأفراد على فرص تعليم أفضل، بسبب توافر الكثير من المدارس والجامعات المجهزة في المدينة.
  • ضياع هوية بعض أفراد أهل القرى بسبب انجرافهم بشدة مع أهل المدن.
  • زيادة نسبة الازدحام في المدن، ووجود مشكلة في زراعة الأراضي الزراعية في الريف بسبب هجرة معظم أهل الريف للمدن.

اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن الأخلاق

الاختلافات بين حياة المدينة والريف

في إطار حوار بين القرى والحضر تعرفنا على بعض الاختلافات بينهما، ومنها:

1- عدد السكان

في إطار حوار بين الريف والمدينة، أدركنا بعض الاختلافات بينهما ومنها، أن المدينة تختلف عن الريف في عدد السكان الذي يوجد بها، فالمدينة تحتوي على الكثير من الأشخاص من مختلف الثقافات والحضارات، الذين يحاولون التعايش في مكان واحد، وفق بعض القوانين الواضحة، ويوجد بالمدينة العديد من الخطط الخاصة بالتوسع العمراني.

على عكس القرية فعدد سكانها أقل، والمساحة التي يعيشون فيها السكان صغيرة مما يصعب وجود خصوصية بينهم، لذلك قد توجد الكثير من المشاكل في الريف بسبب ضيق المساحة وقلة عدد السكان.

2- الحياة الاقتصادية

في إطار حوار بين الريف والمدينة تعرفنا على الفرق الاقتصادية بين كلًا من الجانبين، فالحياة الاقتصادية في المدينة تعتمد بشكل أساسي على الصناعة والتجارة، أما في الريف فيعتمدوا على الزراعة وتربية المواشي والحيوانات، وبيع المحاصيل ولحم المواشي في كسب رزقهم.

3- فرص العمل

في المدينة يوجد العديد من الوظائف وفرص العمل للسكان ويرجع السبب في ذلك بسبب وجود العديد من المشاريع والمؤسسات التي تحتاج للقوى العاملة، أما بالنسبة للقرى فمن الصعب أن تحصل على وظيفة، ويعتبر هذا من أشهر الأسباب التي تدفع سكان الريف للهجرة للمدينة.

4- الخدمات المختلفة

في إطار حوار بين الريف والمدينة، أدركنا أن المدينة يتوافر بها الكثير من الخدمات المختلفة سواء الخدمات الصحية في الكثير من المستشفيات، أو الخدمات التعليمية في المدارس والجامعات، والخدمات الترفيهية في صالات السينما والمسرح، وذلك على عكس الريف التي بالكاد تجد فيها إحدى الخدمات.

5- القوانين والتشريعات

في المدينة يحكمهم بعض القوانين والنصوص التشريعية ومن يخالفها يعرض نفسه للعقاب والمساءلة القانونية، أما في الريف فما يحكمهم هي العادات والتقاليد الموروثة من الأجداد.

اقرأ أيضًا: حوار بين شخصين عن الدراسة

السبب في شعور البعض بدونية الريف

في إطار حوار بين الريف والمدينة يجب الانتباه لمشكلة كبرى وهي تعامل بعض أهل المدن بدونية الريف وأهله، مما يجعل بعض أهل الريف يخجلوا من أصلهم، إن هذه البذرة قد زُرعت في نفوس المصريين منذ القدم، منذ الاحتلال الغاشم الذي تعرضت له مصر، وبدأ الأمر بشعور هؤلاء المحتلين الذين يسكنون المدن بدونية أهل الريف، وعدم أحقيتهم في العيش بكرامة والتنقل خارج حدود قراهم.

الدليل على ذلك مرسوم الإمبراطور الروماني كاراكلا الذي بعثه إلى أهل الريف يطلب منهم بكل غرور وكبر، أن يخرجوا من “مدينتهم” وكان يقصد بلفظ مدينتنا “مدينة الإسكندرية”، التي هي في الأصل من حق المصريين وليس حق الجاليات الأجنبية المحتلة، وكان مرسومه يحمل الكثير من الجمل العنصرية الموجهة لأهل الريف ” المصريين بشكل عام”.

كان يطلب منهم في هذا المرسوم أن يخلصوا المدينة من أعدادهم الكبيرة وبطالتهم، ويعودوا لريفهم لكي يمارسوا مهنة الزراعة التي تليق بهم، والذين خلقوا من أجلها، ولكي يستمروا في دفع الضرائب، واستثنى من هذا القرار تجار الخنازير، والبوص الذين يقومون بتدفئة الحمامات العامة للرومان.

فبالرغم من أن أهل الريف المشار إليهم في المرسوم هم المصريين كافةً، وبالرغم من أن أهل المدينة المشار إليهم في المرسوم هم الجاليات الأجنبية، إلا أنه ما زال هناك الكثيرين من أشباه كاركالا مصريين يمارسون العنصرية والتنمر على أهل الريف، وذلك ما جعل الكثيرين من أهل الريف يتركون أراضيهم وينجرفون وراء حياة المدينة.

لا يعلم الكثيرون خطورة ذلك على البلاد وحالتها الاقتصادية، فالزراعة هي من أهم الموارد التي لا يمكن الاستغناء عنها، فمنها نأكل ونصدر، لذلك يجب على كل قروي ألا يخجل من أصله بل يفتخر به، فهو اليد التي تزرع وتطعمنا.

بالرغم من أن الريف والمدينة لا يمكن الاستغناء عن أيٍ منهما إلا أن الصراع بينهما منذ قديم الأزل، وقد يظل هذا الصراع قائمًا دومًا.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا