كيف يعوض الله المطلقة المظلومة

كيف يعوض الله المطلقة المظلومة؟ وما جزاء الظالم عند الله؟ شرع الله الزواج لغاية الإعمار في الأرض وتحقيق الترابط الأسرى وغرث القيم الإنسانية في المجتمع وصيانة النفس، ولما كانت النفس البشرية متفاوتة ومختلفة في السلوك والطباع شرع الله الطلاق وجعله آخر السبل في حال استحالت العشرة بين الزوجين، ونوافيكم من خلال موقع الملك بعوض الله لمن تطلقت ظلمًا.

كيف يعوض الله المطلقة المظلومة

رغب الشارع عباده وحضهم على الزواج فقال تعالى: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) سورة النور الآية 32

حث المؤمنين على الإحسان في حال ما وقع الطلاق فقال تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) وحض على الفضل (وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ.. من أية 237 سورة البقرة.

العوض للمرأة المطلقة مكفول عند الله، فيحدث الطلاق لاستحالة العشرة وقد يكون عن تراض واتفاق ورضا وقد يكون لظلم من أحد الزوجين استحال معه دوام العلاقة الزوجية.

قد تعرضت بعض النساء خاصة في الزمن المعاصر للاضطهاد وسوء المعاملة من الأزواج نتيجة تلاشي القيم الإيمانية والسلوك التربوي القويم.. والسؤال البديهي يطرح نفسه هل تمنح المطلقة المظلومة العوض وحسن الثواب من عند الله؟

تتعرض المطلقة لأزمة نفسية عاصفة خاصة إن كانت مظلومة من قبل الزوج وتترك في نفسها آثار سلبية كبيرة وخاصة لضيق أفق المجتمع الذي ينظر إليها نظرة اشمئزاز ونفور.

لكن الله الذي يعلم صبرها وتحمل إيذاء زوجها وظلمه البين الواضح يمنحها العوض في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا تنال السكينة وراحة البال ويسوق الله إليها زوج فيه العوض والسعادة التي حرمت مذاقها مع طليقها، وفى الآخرة تجزى أجر الصبر والاحتساب.

فالمطلقة المظلومة في كنف الله يمنحها هدى القلب، (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11) سورة التغابن، وفي الآخرة تنال جزاء الصابرين {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر 10].

كما أن الله -سُبحانه وتعالى- قادر على أن يُعوضها بزوج صالح، يُنسيها سنوات الظلم والألم الذي اعتراها جراء زواجها الأول، فيصونها، ويمنحها ما افتقدت من الأمن.

اقرأ أيضًا: الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن

الزواج من مطلقة مظلومة

من البديهي أن الطلاق له أسباب عديدة ومن بينها مظلومية المرأة على يد الزوج نتيجة سوء سلوكه وعدوانية سلوكه وتجبره على زوجته، ويجب على المجتمع ألا ينصب لها العداء ويجعلها منبوذة بين فئاته.

على اعتبار أنها مطلقة.. ويجب أن يتحلى الرجال بأخلاق الإسلام ويقبلون على زواج المطلقات والقدوة متمثلة في الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، فقد تزوج النبي بالبكر والأرملة والمطلقة بل قد يجعل الله في المطلقة الخير والبركة وتكون نعمة من الله لمن يقبل على الاقتران بها.

اقرأ أيضًا: حكم الزوجة التي تطلب الطلاق بدون سبب

مفاهيم ينبغي أن تصحح عن المطلقة المظلومة

المجتمع حينما ابتعد عن الجذور الإيمانية القويمة في ديننا الحنيف بنى قواعد منهجية على أعراف وتقاليد وتقليد للغير وهوى النفس، فنحى المقياس الحقيقي للحكم على مجريات الأمور في شتى المجالات المختلفة.

أصبح صاحب هوى فكري انطبع على سلوكه العام في تناول الأمور، وبالنسبة للمرأة المطلقة فقد ركز في نظرته على شذوذها وحتمية اعوجاج سلوكها وسوء أخلاقها، وما طلقت الا لتلك الأسباب.

من أجل تصحيح هذه المفاهيم ينبغي على المجتمع العودة للاستقاء من نبع منهجه القويم المتمثل في محتوى عقيدتنا الإسلامية.. التي لم تترك صغيرة ولا كبيرة في كافة مناحي الحياة إلا وضحتها وبينت أسسها ومقتضاها وحكمها وبيان فحواها.

فالظلم مذموم من الحديث القدسي نستشف المغزى: “يا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ”.

فينبغي أن نعيد صياغة إحياء القيم الإسلامية والمبادئ الأخلاقية لنضع الأمور في نصابها الصحيح لتستقيم عدالة الحياة فيما بيننا.

مزايا الزواج من المطلقة المظلومة

بالنظر إلى عوض الله للمطلقة المظلومة نجد أن من يتزوجها أحيانًا ما يكون رزقه الله دُرّة ما كان لينالها إن تزوج ببكر، فمن مزايا زواجها:

  • المطلقة المظلومة حينما تتزوج تكون حريصة كل الحرص على عدم فشل الزيجة الثانية، وتجاهد لتحافظ على الاستقرار والنجاح.
  • تكون المطلقة غالبًا أكثر عقلًا وحكمة من الفتاة العزباء، ومن ثم تكون قادرة على احتواء الأزمات وحل المشكلات.
  • حلول البركة في بيت الزوجية، فمن أقبل على الزواج من مطلقة مظلومة فقد أعان محتاج وأغاث ملهوف وأنصف مظلوم.. فحق على أكرم الأكرمين إكرامه.

اقرأ أيضًا: متى تسقط عدة المطلقة

المطلقة المظلومة التي لديها أولاد

الإسلام الحنيف حث على الزواج من المطلقة، وإن كان لها أولاد كان الأجر عند الله أعظم لكن لابد أن تراعي عدة أمور منها:

  • حرص المطلقة على اختيار زوج يتصف بالتدين والأخلاق الحميدة لتضمن أمان أولادها وعدم ظلمهم أو تعرضهم للأذى.. فلا يُظلمون ثانيةً.
  • اختيار الزوج الذي يتمتع بالكفاءة المادية التي توفر لها وللأبناء الحياة الكريمة.
  • عقد العزم على دوام الرعاية الكاملة للأولاد في ظل رعاية مطلوبة للزوج الجديد، فالتوازن غاية في الأهمية للاستقرار.
  • توضيح حاجتها للزواج لأبنائها بصورة يسودها المودة ليتفهموا ولا يكون الأمر مفسر لدى كل واحد منهم على هواه، وقد يفسره تفسير خاطئ يحدث آثار سلبية في العلاقة بين الأم والزوج الجديد.

الله سبحانه وتعالى الذي شرع الزواج وأباح الطلاق كفل للمطلقة أمانها وحفظها ولم ينقص من قدرها ومكانتها، بل إن خير الخلق -صلى الله عليه وسلم- تزوج من أم المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها وهي المطلقة.

فكانت نعم الزوجة وأصلحت بزواجها بين فئات متصارعة مع الرسول والإسلام، فكانت خير وبركة وسعادة ونفع وقرة عين للرسول صلوات الله وسلامه عليه.

من أصيبت ببلاء الطلاق فصبرت واحتسبت فيقينًا عوض الله قائم لامحالة.. فلعل طلاق يؤلمنا هو جراحة نبرأ بعدها وتنال المطلقة المظلومة ما تستحق من حسن الجزاء.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا